الالتماس محله الحكم النهائي الفاصل في الموضوع
تعليق على حكم
القاضي الدكتور/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأصل أن التماس إعادة النظر وفقاً لقانون المرافعات اليمني لا يجوز سلوكه إلا إذا كان الحكم الملتمس فيه نهائياً فاصلاً في موضوع النزاع بصفة نهائية، ومع ذلك فيجوز التماس إعادة النظر إذا كان الحكم واجب النفاذ أو قابلاً للتنفيذ الجبري ولو لم يكن قد فصل في موضوع النزاع، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-1-2013م في الطعن رقم (51398)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وسواءً صح التنازل أم لم يصح فإن التماس إعادة النظر لا يجوز إلا على الأحكام الصادرة في الموضوع بصفة نهائية، وذلك سواءً صدرت من محكمة أول درجة أم من ثاني درجة، وكذا أحكام المحكمة العليا لا يجوز التماس إعادة النظر فيها إلا إذا فصلت في الموضوع)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: الحكم الملتمس فيه هو الحكم الواجب النفاذ أو الحكم البات وفقاً للمادة (305) مرافعات:
قضى الحكم محل تعليقنا بأن الحكم لا يكون محلاً للالتماس إلا إذا كان نهائياً سواءً أكان صادراً من المحكمة الابتدائية أم الاستئناف أم العليا، وقد بينت المادة (305) من قانون المرافعات شروط الحكم الذي يكون محلاً للالتماس، إذ نصت المادة (305) مرافعات على إنه (إذا تحققت بعد صدور الحكم حالة من الحالات المحددة في المادة (304) فللخصم أن يلتمس من المحكمة التي أصدرت الحكم إعادة النظر فيه، وذلك على التفصيل الآتي :-1- إذا صار الحكم الابتدائي واجب النفاذ بفوات مدة الطعن فيه فيتم الالتماس إلى المحكمة الابتدائية.-2- إذا صار الحكم الاستئنافي واجب النفاذ بفوات مدة الطعن بالنقض فيتم الالتماس إلى محكمة الاستئناف.-3- إذا صار الحكم باتاً لصدوره من المحكمة العليا فيقدم الالتماس إليها للفصل فيه من حيث الشكل، فإذا رأت قبوله أحالته إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، أما إذا كانت المحكمة العليا قد خاضت في موضوع الحكم محل الالتماس فعليها الفصل في الالتماس شكلاً وموضوعاً) .
فهذا النص لم يقصر النهائية على الحكم الفاصل في الموضوع، فقد وردت جملة (واجب النفاذ) الواردة في النص عامة تعم الأحكام كلها، فليست الجملة المشار إليها خاصة بالأحكام الفاصلة في الموضوع، فأقصى ما اشترطه النص السابق أن يكون الحكم الملتمس فيه واجب النفاذ إذا كان صادراً من المحكمة الابتدائية أو الاستئنافية وأن يكون باتاً إذا كان صادراً من المحكمة العليا.
الوجه الثاني: النهائية في الحكم الملتمس فيه وفقاً للمادة (274) مرافعات:
قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز التماس إعادة النظر في الحكم غير المنهي للنزاع الذي لا يفصل في موضوع النزاع، وقد ألمح ذلك الحكم إلى مضمون المادة (274) مرافعات، لأن المحكوم عليه بالحكم غير المنهي للنزاع لن يتضرر من هذا الحكم، لأن موضوع النزاع لم يتم الفصل فيه بعد، فيستطيع المحكوم عليه بالحكم غير المنهي لموضوع النزاع أن يباشر التقاضي أمام المحكمة التي تنظر موضوع النزاع وأن يقدم أدلته وأوجه دفاعه، فلم يستنفد المحكوم عليه بالحكم غير المنهي لموضوع النزاع السبل القانونية، فما زال النزاع في الموضوع منظوراً أمام المحكمة التي أصدرت الحكم غير المنهي للنزاع.
وعلى أساس ما تقدم فإن الأصل المقرر في قانون المرافعات هو عدم جواز الطعن في الأحكام غير المنهية للنزاع، ولا يشذ الطعن بالتماس إعادة النظر عن هذه القاعدة، وفي هذا المعنى نصت المادة (274) مرافعات على إنه (لا يجوز الطعن في ما أصدرته المحكمة من أحكام غير منهية للخصومة أثناء سيرها إلا بعد صدور الحكم المنهي لها كلها عدا ما يلي: -أ- ما أصدرته المحكمة من أحكام بوقف الخصومة أو بعدم الاختصاص أو بالإحالة على محكمة أخرى للارتباط فيجوز الطعن في هذه الأحوال استقلالاً خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها وعلى محكمة الاستئناف الفصل فيها على وجه الاستعجال –ب- في الأحكام المستعجلة أو القابلة للتنفيذ الجبري يطعن فيها وفقاً للمواعيد المنصوص عليها في هذا القانون).
ويلاحظ أن هذا النص قد صرح بجواز الطعن في الأحكام المستعجلة أو القابلة للتنفيذ الجبري ولو لم تكن منهية للنزاع، لأن تنفيذ الحكم يضر بحقوق ومصالح المنفذ ضده حتى لو كان الحكم سند التنفيذ لم يفصل في موضوع الحق محل النزاع، ويسري هذا النص القانوني على الطعن الالتماس إعادة النظر، فإذا كان الحكم واجب النفاذ أو قابل للتنفيذ الجبري، فيجوز الطعن فيه بالالتماس ولو لم يكن الحكم منهياً للنزاع، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*رئيس مجلس القضاء الأعلى – استاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء وعدد من الجامعات اليمنية.