كتابات

العدل وحقوق الإنسان!

سند الصيادي

بعد دمج الوزارتين سمعنا الكثير من الآراء المؤيدة والمعارضة لهذا الدمج، البعض يرى أن هناك تعارض في المهام والاختصاصات يوجب أن تكون هذه المؤسسات مستقلة عن بعضها، والبعض يرى أن الدمج سيسهم في تناغم الأداء وفاعلية النتائج وتحقيق الأهداف، وعموماً فإن علاقة حقوق الإنسان بمؤسسة القضاء تتخذ طابعاً خاصاً ومتفرداً، حيث يصف كثير من الباحثين هذه العلاقة بكونها علاقة ترابط عضوي يشكل فيها كل واحد منهما جزءاً أساسياً من كينونة الآخر وأساس وجوده.

في الشهر الماضي أحيت وزارة العدل وحقوق الإنسان الذكرى السادسة والسبعين  للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هذا الإعلان الذي يلخص منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بما تشمله من اتفاقيات وهيئات رقابية وآليات عمل، في المادة السابعة والثامنة من هذا الإعلان عنوان عام يمكن قراءته، مفاده أن القضاء هو في حد ذاته حق من حقوق الإنسان، لكنه في الوقت نفسه، هو الضامن الأساسي لحماية حقوق الإنسان الأخرى من الانتهاك، وإذا لم تستند حقوق الإنسان على نظام قضائي يوفر الضمانات الأساسية لاحترامها والوقاية من انتهاكها تصبح مجرد إعلان نوايا لا أثر لها على حياة الأشخاص، أي أن القضاء بدون حقوق الإنسان ليس إلا تطبيقاً فنياً للقوانين بدون روح، ولطالما كانت حقوق الانسان الهدف الأسمى للقضاء في المجتمع.

ثمة إجماع لدى كل الباحثين والدراسات المتخصصة أن القضاء هو الذي يعطي لحقوق الإنسان مضمونها الحقيقي في الواقع، فيما حقوق الإنسان هي من تمنح للقضاء روحه ومعناه وغايته المثلى، ومعايير حقوق الإنسان تبقى عقيمة وجامدة ما لم تزرع فيها أجهزة إنفاذ القانون والقضاة الروح والحياة، فيكسبونها الحيوية والقوة حتى تبدو حية تلمسها البشرية وتصبح كونيتها واقعية والالتزام بها أخلاقياً قبل أن يكون قانونياً.

من هنا نقول إن خطوة الدمج لوزارتي للعدل وحقوق الإنسان لا يتوقف عند مسعى الدولة اليمنية إلى ترشيد هيكل الوزارات والأجهزة والمؤسسات وحسب، وإنما اقتضته الظروف الوطنية وتقارب المهام لعدد من الدوائر والإدارات المرتبطة، وسعي القيادة الثورية والسياسية إلى توطيد العلاقة الوثيقة بين القضاء وحقوق الإنسان بما يكفل تعزيز كرامة الموطن بالعدل وتحقيق العدالة.

Loading