كتابات

دمج التوثيق والسجل العقاري كفيل بتفعيل قانوني التوثيق والتسجيل العقاري

المحامي/ محمد حسين لقمان

تبذل السلطة القضائية جهوداً طيبة لضم أعمال التوثيق والتسجيل كمنظومه إدارية واحدة ضمن هيكل السلطة القضائية وهو المسلك السليم الذي كان يجب ان يكون منذ صدور قانوني التوثيق والسجل العقاري ذلك ان مهامه ووظيفته ترتبط بالقضاء ارتباطاً لا يقبل التجزئة.

حيث ان مهام التوثيق والتسجيل العقاري هي اثبات التصرفات والحقوق المدنية والشخصية كالملكية وانتقالها من شخص الى اخر وتثبيتها واشهارها لتستقر الحقوق وتحفظ الاموال تحقيقا لاستقرار المجتمع.

كما ان خضوع السجل العقاري وتبعيته للسلطة القضائية يكفل تصحيح وتصويب اعماله وضمان سلامتها بل ويضمن تطوير وتحديث السجل العقاري بما يتلافى اي قصور او اخطاء، لا شك ان القضاء لا سواه هو الاقدر على معالجتها من خلال ما يطرح امامه من نزاعات او قضايا متعلقة بالعقارات.

لذلك فإننا نعتبر عملية دمج التوثيق والسجل العقاري والحاقه بوزارة العدل وحقوق الإنسان سيؤسس لبداية حقيقية  لدور السجل العقاري واهميته  في حماية الملكية العقارية والحد من منازعاتها، حيث ان سلامة اعمال التسجيل العقاري تبدأ من  سلامة اعمال  توثيق عقود التصرفات  العقارية التي احاطها المشرع بالقانون رقم 29 لعام 1992م، والذي نظم إجراءاتها ابتداء من شروط تحريرها وكتابتها واثباتها، وجعل المكلفين بتوثيقها وهم الأمناء  خاضعين للإشراف والرقابة  القانونية للجهة المختصة بتخويلهم صفة الامناء الشرعيين  بعد خضوعهم لعملية الترشيح والتزكية المجتمعية، ثم اخضاعهم لفحص المؤهلات واختبار القبول لمن استوفوا الشروط الذاتية لهذه المهمة، التي سيؤدونها بضوابطها باعتبارهم في حكم الموظف العام.

حيث تكتسب محرراته حجية المحررات الرسمية التي نظم احكامها قانون الاثبات في المواد 98،100 ، 101 كما نظم اعمال الأمناء قانون التوثيق رقم  29 لسنة 1992م  واوجب عليهم عند تحرير واثبات التصرفات القانونية الالتزام بالشروط الضامنة لحجية المحرر وصحته، كما جعل اعمالهم خاضعه لإشراف اقلام التوثيق بالمحاكم وربط ما يصدر عنهم بسجلات المحكمة التابعين لها لضمان حجية المحررات العقارية في مواجهة الكافة، ونظم القانون إجراءات القيد والتسجيل العقاري للعقود والتصرفات العقارية بقانون السجل العقاري رقم 39 لسنة 92م والذي بين إجراءات قيد وتسجيل العقار وكيفية اجراء الفحص والتحري واسقاط العقار بمساحته وحدوده وموقعه وربطه بأصله الذي تم التعطيل منه وربطه بمخطط المنطقة الجغرافية من خلال تكليف نزول المهندسين المختصين لتأكيد مطابقة حدود ومساحة واوصاف العقار على الواقع كما هي في العقد، ثم منحه رقماً عقارياً ضمن الخارطة العقارية للمنطقة، لا يمكن ان يتكرر لغيره.

كل هذه الإجراءات التي تكلف المالك جهدا ومالا يفترض ان يكون لها ثمرة وفائدة يلمسها صاحب العقار المقيد كميزة تمنحه حجية واولوية، تلك الميزة هي حجية واثر التسجيل العقاري لصاحبه امام القضاء وكافة الجهات الرسمية، بل وحجيته في اثبات الملكية في مواجهة الغير، كضمانة قانونية وقضائية تحمي المالك، كما هو الحال في معظم بلدان العالم.

حيث يعتبر تسجيل العقار ووضع دمغة السجل العقاري عليه يجعل حجيته في مستوى الحكم القضائي، بل وسند تنفيذي يحمي العقار وصاحبه وهو المسلك الذي كان متبعاً في قانون المرافعات رقم 39 لسنة 92م والذي كان يعتبر المستند المقيد بالسجل العقاري في درجة السند التنفيذي الا ان هذه الميزة قد الغيت في قانون المرافعات المعدل في عام 2002م.

وبالتالي اصبح الحال في النيابات والمحاكم، حين يتعرض العقار للتعدي والمنازعة لصاحبه امام القضاء هو التجاهل التام لحجيته واثره القانوني.

فما لا يمكن فهمه هو التعامل مع وثيقة العقار المقيد بالسجل العقاري امام القضاء  عند ابرازه للنيابة والمحكمة عندما يواجه صاحب العقار اعتداء ومنازعه امام القضاء.

فنجد ان عضو النيابة او القاضي لا يعتبر هذا المستند حجة كافية وقاطعة على ملكية العقار ناهيك عن حيازته، بل يظل يأخذ ويعطي ويتوهم ويبحث عن مخرج او مبرر للمعتدي ثم يقضي ببراءته من جرم الاعتداء ويفتح باب النزاع بشان ملكية العقار الثابتة ملكيته بالمستند المقيد بالسجل على لقضاء المدني في مسلك مخادع وعبثي يبقي العقار تحت اليد المعتدية والطارئة ويجبر المالك المقيد بالسجل  العقاري لرفع دعوى مدنيه بملكية العقار.

وهذا ليس نسجا من الخيال، بل في قضيتين متطابقتين في محكمتين من محاكم الأمانة ومثل هذه القرارات او الاحكام توجب محاسبة القاضي لان ذلك ليس مخالفه او خطأ عفوياً، وانما متعمد لذلك فان الواجب ادخال تعديل قانوني يحمي العقار المسجل بالسجل العقاري قبل استكمال دمج التوثيق والسجل العقاري وضبط عملية القيد والتسجيل.

Loading