ميراث المرأة بين عدالة الإسلام ومتاجرة الأديان الاخرى
طاهر الجنيد
يحبون المرأة ويكرمونها، يحبونها عاملة في الكباريهات والمراقص والحانات وفي كل المجالات لكن أن تكون أماَ وأختاً أو زوجة فذلك امتهان لها، فقط عشيقه وخليله فنعم.
بعض المتغربين والعاملين لصالح الدعاية الصهيونية ضد الاسلام عقيده وشريعة لا يريدون ان يفهموا او يتعلموا حقائق الدين الاسلامي بل يتمسكون ببعض الشبهات وينطلقون لمهاجمه الاسلام على انهم حققوا نصرا وهو وهم لا اساس له في الواقع.
نتعرض اليوم لقضية أثيرت من المشرق الي المغرب تداولها ناشطون وناشطات تغيرت الاسماء لكن لم تتغير الاهداف والمستفيد؛ لماذا ليس نصيب المرأة في الميراث كنصيب الرجل؟
فلسفه الميراث في الشريعة الإسلامية لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة كما يؤكد ذلك المفكر الاسلامي د. محمد عمارة رحمه الله بل تعتمد على أمرين اثنين :1- درجة القرابة؛ 2- موقع الجيل الوارث؛ إذا كان صغيرا في السن يستقبل الحياة كان نصيبه أكبر؛ الابن يرث أكثر من الأب؛ والبنت ترث أكثر من الأب والأم حتى ولو كانت رضيعة؛ فلو مات عن رضيعة وأم وأب للبنت النصف وللأم والأب كل واحد منهما السدس.
حالة للذكر مثل حظ الانثيين التي اثير الجدل حولها لا تتجاوز أربع مسائل وتكون في حالة -1-اتفقت درجه القرابة؛ -2-اتفاق موقع الجيل الوراث من المتوفى، ولذلك قال تعالي: ((يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين)) حيث يرث فيها الذكر ضعف الانثى؛ إذا اجتمع الاولاد مع البنات والإخوة مع الأخوات؛ لأن المرأة لا تتحمل اي شيء من الاعباء المالية التي يتحملها الذكور بالإنفاق.
فالآية ليست عامه بل خاصة إذا تحقق الشرطان السابقان قال تعالي: ((يوصيكم الله في اولادكم)) ولم يقل يوصيكم الله في الوارثين؛ بالإضافة الى ان المرأة لها ذمتها المالية المستقلة ولا يجب عليها الانفاق إلا إن تطوعت.
الانظمة الحديثة لم تعترف للمرأة بالذمة المالية الا في السنوات المتأخرة ولم تشرع قوانين للميراث بل الاعتماد على الوصية كحق للرجل وللمرأة معا.
وإذا قارنا ولا مجال للمقارنة بين الشريعة الإسلامية والديانات الأخرى اليهودية والمسيحية والهندوسية وغيرها سنجد الاتي:
اليهودية:
في الديانة اليهودية، لا ميراث للمرأة مطلقاً مع وجود الرجال؛ واذا ورثت فيجب عليها الزواج من اسرتها التي آل اليها الميراث لا من غيرها؛ وفرضت للذكر البكر مثل حظ الذكرين لا-الانثيين لأنه القائد الروحي للعائلة ويتحمل المسئولية المادية والروحية (اذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين المحبوبة والمكروهة؛ فإن كان الابن البكر للمكروهة؛ فيوم يقسم لبنيه ما كان له؛ لا يحل له ان يقدم ابن المحبوبة بكرا على ابن المكروهة البكر؛ بل يعرف ابن المكروهة بكرا ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده لأنه هو اول قدرته؛ له حق البكورين) سفر التثنية.
ومع ذلك فلم يقل أو يتهم أحداً منهم اليهودية بظلم المرأة لكن الإسلام في نظر من يدعون الثقافة والفكر ظلم المرأة حينما جعل لها نصف ميراث الرجل في أربع حالات فقط.
المسيحية:
اما في الديانة المسيحية لم يحدد الانجيل قواعد ميراث واضحة وانما الاولاد يرثون دون البنات وعدم توريث الانثى حتى لا ينتقل ميراث سبط لسبط آخر؛ ولا ترث المرأة الا عند عدم وجود ذكور؛ وهناك دعوات من المراجع الدينية إلى الأخذ بنظام الميراث وفقا لكل بلد هذا فيما يخص النصوص الدينية؛ اما جانب التنظيم القانوني فهناك اجتهادات لبعض القانونيين المسيحين للأخذ بنظم الشريعة الإسلامية في تحديد قواعد الميراث.
الديانات الأخرى:
اما بقية الديانات الأخرى فمازال العرف الجاهلي الذي يعتبر المرأة متاعا يورث ولا تستقل بذمتها المالية.
لقد أثاروا الشبهات والأقاويل مشنعين على قول الحق سبحانه وتعالى: ((للذكر مثل حظ الانثيين)) ولم يستطيعوا انتقاد- للذكر مثل حظ الذكرين-لأنها شريعة اليهود؛ ولا حرمان المرأة من الميراث في المسيحية إذا وجد ذكور لكن الاسلام جعل ميراثها وفقا للحالات الآتية:
- ترث نصف ميراث الرجل في أربع حالات.
- ترث مثل الرجل في سبع حالات.
- ترث أكثر من الرجل في عشر حالات.
- ترث ولا يرث الرجل في أكثر من ثلاثين حالة.
إن نظام الميراث في الشريعة الإسلامية يقوم على بعد رباني وكل الذين ينتقدونها يقولون بغير علم ولا فقه ولافهم الا تنفيذا لتوجيهات اليهود والنصارى والملحدين الذين لا يؤمنون بالله.
وإذا استعرضنا بعض المقاصد والاهداف التي شرعها الاسلام فيما يخص نظام الميراث نجد انها مقاصد عظيمة لن نستقصيها كلها بل سنشير إلى بعض منها كما يلي:
- ان الاسلام بين قوانين الميراث تفصيلا في آيات القران الكريم وبالتالي فمجال الاجتهاد فيها محدود؛ في حوار بين روبرت كرين (فاروق عبد الحق) بعد اسلامه– مستشار الرئيس الامريكي دار حوار بينه وبين أحد أساتذة القانون يهودي؛ سأله عن حجم قانون المواريث في الدستور الامريكي؟ أجاب. أكثر من ثمانية مجلدات. إذا جئتك بقانون للمواريث لا يتعدى عشرة سطور كي تعرف ان الاسلام هو الدين الحق فعرض عليه آيات المواريث في القران الكريم وكان ذلك سببا في اسلامه بعد ان كان يهوديا.
- يهدف نظام الميراث في الشريعة الإسلامية إلى إيجاد روابط بين الأسرة الواحدة وبين الأسر الأخرى من خلال الاشتراك في الحقوق والواجبات مما يعزز الترابط الأسري والمجتمعي وهو ما يقلق الأنظمة الاستعمارية التي تريد تفتيت الروابط بين مكونات المجتمع والأسرة الواحدة.
- نظام الميراث يؤدي إلى إعادة توزيع الثروات ومحاربة الاكتناز للمال وبالتالي إعادة خلق حراك اقتصادي للثروة في دورة الاقتصاد من جديد ولا يراكم الثروات.
- يهدف نظام الميراث الي الانتفاع بالثروة من أجل تحقيق الصالح العام والخاص من خلال نظام الأوقاف العامة والخاصة في كافة المشروعات.
- يراعي نظام الميراث حتى من ليس لهم نصيب في الميراث من خلال الهبة والوصية.
- حمى نظام الميراث حقوق الأقارب وحافظ على تنمية دوافع العمل والكسب فلا يستحق الميراث إلا بعد الموت؛ وحمى المورث من الطمع والجشع فالميراث لقاتل مورثة.
- إن التمييز بين الورثة قائم على أسس موضوعية لا دخل لها بالذكورة والأنوثة، بل على درجة القرابة وموقع الجيل الوارث.
- ان الميراث حق لكل وارث توفر سببه سواء كان غنيا او فقيرا وهي مرتبة من الأقوى إلى الاقل وفقا لعلاقة القرابة هي: الفروض والعصبات والرحم.
هذه بعض الأهداف التي يمكن الإشارة إليها من نظام الميراث في الشريعة الإسلامية ربانية المصدر وهي صالحة لكل زمان ومكان؛ شريعة لا تحابي أحداً على حساب أحد، بل تحقق مصالح الاسرة والمجتمع والدولة اما الانحراف الذي وقعت فيه الأديان الأخرى فهو ناتج عن التحريف والتبديل الذي وقعت فيه قال تعالى: ((فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون)) البقرة: 79.
أما الذين يدعون للمساواة في الميراث بين الذكر والأنثى فهم يتكلمون بغير علم- إن أحسنا الظن بهم- أو سعياً لكسب ود المرأة لأنها أكثر فئات المجتمع؛ وبخلاف ذلك فإنهم يتحدثون بطلبات اليهود والنصارى والملحدين الذين يريدون أن يتطاولوا على شريعة الإسلام عميت قلوبهم وأبصارهم عن الحق وتحولوا إلى أبواق تردد ما يملى عليها بغير وعي ولا بصيرة.