التأهيل القضائي .. انجاز في أصعب الظروف
ا.د يحيى الخزان*
طبيعة وخصوصية التأهيل القضائي تختلف عن التعليم في المجالات الأخرى.
فالتعليم عموما يرتبط ويتأثر بالمحيط السياسي والاجتماعي والثقافي و.. ؛
إلا أن التأهيل القضائي يجب ألا يتأثر بأي مؤثر، وإن كان على القاضي أن يفهم محيطه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ولكن بشرط ألا يندمج فيه بما يؤثر في قضائه وبالذات الجانب السياسي.
وإذا ما تتبعنا حجم التأهيل القضائي خلال سنوات العدوان العشر ومخرجات المعهد العالي للقضاء في هذه الفترة الحرجة والصعبة، نجد أنه تم تأهيل عدد من الدفع القضائية بالمعهد العالي للقضاء (2016 حتى 2025م)، وهي الدفع (24،23،22،21) وتخريج الدفعة (20) قضاء، ودفعتان تخصص نيابة عامة.
كذلك الدفعة (25) التي ما تزال تتلقى التأهيل بالمعهد وارتقت إلى السنة الثانية، وعددها (100) طالب، وقد مرت بمخاض صعب من حيث إجراءات القبول والتسجيل.
لقد تجاوز عدد الخريجين من عام 2016 حتى 2025 الألف قاض، سواء قضاة حكم أو قضاة نيابة.
إن مهمة التأهيل والتكوين القضائي لم تكن بالسهلة، فقد واجهتنا صعوبات وتحديات كبيرة، ولعل أهمها عدم الفهم لطبيعة وخصوصية ومفهوم هذا التأهيل!؟
وترتب على ذلك إشكاليات عدة، والتي يعاني منها المعهد، ولعل أهمها تكمن في عدم استشعار ماذا يعني التأهيل والتكوين القضائي؟! سواء من داخل السلطة القضائية أو ذوي العلاقة في الدولة.
كذلك ضعف مخرجات الجامعات وبالذات بعد إقرار نظام امتحانات الأتمتة والتظليل، والذي أفرز تدني المستوى وضعف المخرجات؛ وهذا ألقى بظلاله على عملية القبول بالمعهد وأحدث لبساً لدى البعض في مسألة المقبولين!
إن جودة التأهيل والتكوين في المعاهد القضائية تعتمد وسائل متعددة، ومنها الاستفادة من تجارب الآخرين، وذلك لما يمثله من أهمية؛ وخلال عملي بالتعاون الدولي بوزارة العدل اطلعت على تجارب المعاهد القضائية كما تم إبرام اتفاقيات ثنائية مع بعضها؛ إلا أن بلورة ذلك والاستفادة من تلك التجارب يواجه بسوء الظن! خوفاً من التطوير والتجديد، مع أن الاستفادة تراعي خصوصيتنا.
إن مما يجب أن يتقنه الملتحق بالمعهد هو تعلم المهارات المهنية وإجادة تطبيقها في واقع العمل القضائي وبالذات المهارات الإدارية والتنظيمية للقضاة المبتدئين.
كما أن من أهم اختصاصات المعهد والذي يهدف إلى تلافي القصور في المخرجات وتنمية المهارات والقدرات واستيعاب التطورات، هو التأهيل المستمر الذي يتولاه المعهد لجميع منتسبي السلطة القضائية (قضاة، إداريين) وكذلك ذوي العلاقة بالقضاء، وهذا القسم يفتقر إلى الدعم المالي وتعاون هيئات وأجهزة السلطة القضائية، التي تعاني من ضعف الوحدة الموضوعية وتستلزم دعم وتقوية استقلال القضاء.
أتوجه بالشكر والتقدير إلى العاملين بالمعهد من كان لهم الفضل بعد الله في النجاح، وكذلك كل من ساهم في تخريج هذه الدفع خلال هذه الفترة الصعبة والحرجة ونخص المدرسين من القضاة والعلماء والأكاديميين من أساتذة الجامعات، كذا كل من ساعد وتعاون في تجاوز الصعوبات من ذوي العلاقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نائب عميد المعهد العالي للقضاء