الهوية الإيمانية “نقاوم ما نحب ونتحمل ما نكره”
طاهر محمد الجنيد
الهوية الإيمانية من جملة الأهداف التي تسعي لتحقيقها إعادة الاعتبار للقيم الايمانية التي يستهدف العدو تحطيمها، لما لها من آثار في تعزيز قيم الإسلام، التي تحث على الترابط والتآلف والتآخي والمحبة تطبيقاً لحديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).
وإذا استعرضنا بعض مقررات مؤتمر الحلف الثلاثي النصراني الذي سجله المبشر ((همفر)) نقلاً عن كتاب ((كيف نحطم الإسلام)) سنجد أنه يركز على جملة من الأهداف من أجل نشر الفرقة والعداوة بين أبناء المجتمع المسلم، وذلك بعد أن استعرض نقاط القوة التي أرساها الرسول الأعظم وبنى بها خير أمة أخرجت على وجه الأرض قال تعالى: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) (آل عمران: 110).
عند استعراض الموجهات التي طرحها الحلف المسيحي اليهودي لتفتيت المجتمع المسلم ومقارنتها بما يجرى سنجد اتجاهين، الأول: يعمل على التمسك بالمبادئ والقيم الإسلامية، والآخر: يعمل على تطبيق مقررات الأحلاف اليهودية والمسيحية.
وللتذكير سنوردها ونقارن بين الاتجاهين من باب تذكير الأمة إلى أين يتجه هؤلاء الخونة لله ولرسوله وللمؤمنين بالأمة وحتى يتم التدارك وعدم الانجرار وراء الخطوات التي تسعى إلى هدم الإسلام عقيدة وشريعة.
حصر الدين في الأمور العبادية
وذلك انطلاقاً من الفكر الكنسي الذي أقر نظرية “ما لقيصر لقيصر وما لله لله” فلا يتدخل الدين بتنظيم شئون الحياة بل هو عقيدة وعبادة لا دخل لها في الحياة مع أن الدين الإسلامي نظام متكامل وهنا يذكر الكتاب (الإبقاء على الفوضى ببيان أن الاسلام دين العبادة ولا نظام فيه……)) وهو ما تفعله الأنظمة العلمانية اليوم من تشريع يحل المحرمات و يحرم ما أحل الله فالسعودية أحلت الخمر ((الخمر الحلال الممزوج بماء زمزم)) والقمار وفتحت أبواب الربا والميسر، وقبلها كانت حكومة الإمارات وتونس ومصر وغيرها حتى أنهم جعلوا المعلوم من الدين رهناً بتصويت أعضاء البرلمان الذين يتم اختيارهم بحسب توجيهات الأنظمة والحكومات لا بحسب إرادة الشعوب وهو تنفيذ لوصايا الكتاب ( يلزم إشاعة الأمور الأربعة التالية: الخمر والقمار والبغاء ولحم الخنزير إن جهراً وإن سراً).
تخريب الاقتصاد
من جملة الأهداف التي تركز عليها الهوية الإيمانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع والخدمات وهو ما سيؤدي إلى تحطيم حلقات التآمر التي يعمل اليهود والنصارى متحالفين على تدمير الصناعات والزراعة والاقتصاد فالكتاب يشير إلى تعميق الفهم لدى المسلمين أن الإسلام دين عبادة لا دخل له بشؤون الحياة أولاً، وثانياً: زيادة التدهور في الاقتصاد (بإحراق المحاصيل، وإغراق البواخر التجارية وإحراق الأسواق وكسر السدود.. وإلقاء السم في المشارب العامة) لقد عملوا على محاربة الزراعة ونشر الأوبئة وإفساد الزراعة والاعتماد على الخارج في توفير المواد الغذائية فازدهرت الزراعة لديهم حتى إنه يتم إغراق المحاصيل النقدية (كالبر وغيره) في البحار من أجل المحافظة على السعر الذي تريده تلك الدول، وتقديم الدعم للمزارعين بشراء تلك المحاصيل بسعر عال لأن ارتفاع سعرها قد يؤدي إلى سعى البلدان العربية والإسلامية وغيرها إلى الاعتماد على الداخل في الزراعة، السعودية مثلاً زرعت القمح واستطاعت أن تحقق الاكتفاء الذاتي وأن تورد إلى الخارج لكن التوجيهات الأمريكية أنهت تلك الزراعة وأعادت الاعتماد على الخارج من جديد، اليمن كانت تسير في ذات الاتجاه لكن توجيهات قائد الثورة والمسيرة القرآنية أعادت الاعتبار للمنتوجات الوطنية وهي الآن تسعى في طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل النقدية، والفواكه والخضروات، وقد سمع العالم كله تلك الاعترافات التي أدلى بها عملاء أمريكا الذين اعتمد عليهم الأمريكان في تخريب الزراعة.
التشكيك في الجهاد وفرض الربا
الجهاد فرض واجب على كل مسلم ومسلمة وهو كما قال الرسول الأعظم في أحاديثه لمعاذ بن جبل رضى الله عنه حين سأله فقال: ((رأس الأمر وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد)) ولأن الجهاد يدفع به كيد الإجرام والمجرمين لذلك يسعون إلى توهين أمره وتشكيك الناس فيه وحسب توصيات الكتاب ((يجب التشكيك في أمر الجهاد وأنه كان أمراً وقتياً انقضى بانقضاء زمانه)) وهو ما يقوله بعض المدسوسين من الذين يخدمون حلف اليهود والنصارى لكن المسيرة القرآنية تلتزم الرؤية القرآنية والهدى النبوي في جهاد الكفار والمنافقين واليهود والنصارى، ومثل ذلك تأتي التوجيهات من حكومات الغرب وينفذها سلاطين وملوك العرب التزاماً لمن أوجدوهم (يلزم صرف المسلمين عن العبادات والتشكيك في جدواها وأن الله غنى عن الطاعة، ويلزم المنع عن الحج، وكل اجتماع للمسلمين مثل صلاة الجماعة، وحضور مجالس الحسين، والمسيرات الحزينة له، ويلزم المنع أشد المنع عن بناء المساجد والمشاهد والكعبة والحسينيات والمدارس) ولماذا التركيز على محاربة مجالس الحسين لأنه مدرسة في جهاد الظالمين والشهادة والاستشهاد.
أما صلاة الجماعة فيجب محاربتها (بتحطيم صلاة الجماعة بحجة فسق الإمام وإظهار مساوئه وبإثارة البغضاء بين الإمام وبين الذين يصلون معه بكل الوسائل والسبل).
ومن حسنات المسيرة القرآنية اقرار قانون تحريم الربا وإقرار قانون الاستثمار الذي يفتح المجال لتحقيق نهضة زراعية وصناعية في كل المجالات.
نقاوم ما نحب ونتحمل ما نكره
عوداً على بدء فالعنوان الذي اختاره الكاتب والأديب الأستاذ مصطفى محمود في أن تحقيق الانتصار في المعركة يبدأ بالانتصار على النفس فالدنيا كنهر جار يغترف منه الناس بحسب شهواتهم كما قال طالوت ((إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلاً منهم)) (البقرة: 249) فالقلة المؤمنة الصابرة المحتسبة هي التي تحقق النصر أما الكثرة الغالبة فإنها لا تكون دائماً على حق وإذا كانت غالبية الدول العربية والغربية تدعم الإجرام الصهيوني والحلف الصليبي فإن محور المقاومة يعمل على دعم وإسناد الأشقاء على أرض غزة ولبنان وسوريا وغيرها من محور المقاومة صبراً على ما نحب من متاع الدنيا الزائل وتحملاً للمكاره في مواجهة أعداء الله والأنبياء والرسل والإنسانية جميعاء ((وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )) (يوسف: 103).