كتابات

الصمت حق مكفول قانوناً

بقلم المحامية/ نسمة عبد الحق النجار

“إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب” عبارة يتداولها الكثيرون ، ولكن هل تعلم  أنه تم وزن هذا الذهب وتقدير  قيمته تنظيماً من الناحية القانونية (؟!).

موضوع هذا العدد ليس عن حق الصمت المفترض لغير القادرين على الكلام والذي نظم القانون أحوالهم تنظيماً خاصاً، بل إن موضوعنا عن الصمت كحق وكوسيلة دفاع كفلها القانون للمتهم حتى مع قدرته  على الكلام والإدلاء بأقواله.

تنص المادة (49) من الدستور على:( حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى وأمام جميع المحاكم وفقاً لأحكام القانون )، كما نصت المادة (ب/48) من المرجع ذاته على( …. ويحظر القصر على الاعتراف أثناء التحقيقات والإنسان الذي يقيد حريته الحق في الامتناع عن الإدلاء بأية أقوال إلا بحضور محاميه…).

وبالرجوع لقانون الإجراءات الجزائية نلاحظ أن حق الصمت قد نُظم في عدد من المواد كحق للمتهم، وذلك كون الأصل في المتهم البراءة حتى صدور حكم بات بإدانته، فقد نصت المادة (4) على:( المتهم بريء حتى تثبت إدانته ويفسر  الشك لمصلحة المتهم ، ولا يقضى بالعقاب إلا بعد محاكمة تجري وفق أحكام هذا القانون وتصان فيها حرية الدفاع)، وبالإضافة إلى المواد سالفة الذكر أوضحت المادة (6)  أن حق الدفاع قد يكون باتخاذ تصرف سلبي أي بعدم الإدلاء بأي قول ، فصمت المتهم حق كفله ونظمه القانون ، وكل انتهاك لهذا الحق يبطل الإجراءات ويجعل منتهكيه في مرمى العقوبة القانونية، لذا نصت المادة (6) على:( يحظر تعذيب المتهم أو معاملته بطريقة غير إنسانية أو إيذائه بدنياً أو معنوياً لقسره على الاعتراف وكل قول يثبت أنه صدر من المتهمين أو الشهود تحت وطأة شيء مما ذكر يهدر ولا يعول عليه)، ونصت أيضاً المادة (177) من قانون الإجراءات الجزائية على: (… ويجب على المحقق أن يكفل للمتهم حقوق الدفاع كاملة… ) ومن حقوق الدفاع كما إشارة إليه المواد سالفة الذكر “حق الصمت”.

وكذلك تنص المادة (178) من المرجع ذاته على:( لا يجوز تحليف المتهم اليمين الشرعية ولا إجباره على الإجابة ولا يعتبر امتناعه عنها قرينة على ثبوت التهمة ضده، كما لا يجوز التحايل أو استخدام العنف والضغط بأي وسيلة من وسائل الإغراء والإكراه لحمله على الاعتراف ).

وقد برر المشرع كفالة حق الصمت للمتهم، فبالإضافة إلى كون الأصل براءته فقد رأى لزوم حضور محامي مع المتهم كونه الطرف الضعيف ولموقفه الحساس ولكونه لا يعلم بحقوقه القانونية المكفولة له بالإضافة إلى ” حق الصمت” ، ولذلك نصت المادة (181) من قانون الإجراءات الجزائية معززة لجميع المواد سالفة الذكر بما نصه: ( في غير حالة الجرائم المشهودة وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجرائم الجسيمة أن يستجوب المتهم أو يواجه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد وعليه أن يخطره أن من حقه ألا يجيب إلا بحضور محاميه).

ولكل ما سبق نستيقن أن الصمت حق مكفول قانوناً، بل هو باعتقادي جوهر حق الدفاع للمتهم في حال أصبح مكتوف اليدين وكانتا يداه خالية من أي دليل أو دفاع يعتنقه.

Loading