كتابات

مسئولية المستشفيات الخاصة عن الخطأ الطبي

د عبد الوهاب السادة

يذهب غالبية الفقه إلى أن الطبيب الأخصائي يتحمل وحده المسئولية الشخصية عن الأضرار المتسببة بفعله في مواجهة المريض، ذلك أن المنشأة الطبية والصحية الخاصة ليست لها رقابة عليه في مباشرة عمله الفني.

ويبرر أنصار هذا الاتجاه عدم مسئولية المنشأة الطبية الخاصة في هذه الحالة، بأن المريض في هذه الحالة يكون قد أبرم عقدين معاً، أحدهما مع الطبيب الأخصائي، والآخر: مع المنشأة الطبية الخاصة، إذ سوف يتصل المريض بالطبيب الأخصائي، والذي يتعهد له بأن يقدم له العناية والرعاية اللازمة في حدود تخصصه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا المريض لم يقصد إلى هذا الأخصائي شخصياً، وإنما هو يقصد المنشأة الطبية والصحية الخاصة لشهرتها ولثقته فيها، ولذا فإنه يتعاقد كذلك ـ مع إدارة هذه المنشأة الطبية أيضاً ـ كي تجري له الأعمال السابقة للعلاج في المرحلة التحضيرية أو التمهيدية، والأعمال المعاصرة في مرحلة العلاج كالتخدير، والأعمال اللاحقة كغيارات الجروم وتقديم الغرفة والطعام، فإذا ما أصاب هذا المريض ضرر من نشاط الطبيب الأخصائي فإنه وحده هو الذي يكون مسئولاً عن ذلك بمقتضى العقد الذي يربطه بالمريض. أما المنشأة الطبية الخاصة فلا مسئولية عليها لأنها لم تلتزم نحوه بأداء عمل الأخصائي

غير أن هناك من ذهب إلى القول بأن الرأي السابق من شأنه أن يؤدي إلى تشتيت للمسئولية بين المنشأة الطبية الخاصة والطبيب الأخصائي في مواجهة المريض، نظراً لصعوبة التفريق بين النوعين من الأعمال الطبية فإنه يرى أن تكون المسئولية مشتركة، أي قيام مسئولية المنشأة الطبية الخاصة والطبيب الأخصائي في مواجهة المريض فيما يتعلق بالعمل الرئيسي للأخصائي على سبيل التضامن وفقاً للمادة (169) مدني مصري.

ويرى هذا الاتجاه أن مسئولية المنشأة الطبية الخاصة في هذا الصدد، ذات طبيعة تعاقدية، وذلك لإخلالها بالتزام من التزامات عقد الاستشفاء، فالمريض قد دخل في علاقة عقدية مع الطبيب الجراح موضوعها القيام بالعمل العلاجي، وأيضاً في علاقة عقدية مع المنشأة الطبية الخاصة تلتزم بمقتضاها الأخيرة بإتمام العلاج من حيث العناية المكملة للعلاج والرقابة المستمرة طوال فترة إقامته بالمنشأة الطبية.

ويخالف رأي آخر ما ذهب إليه هذا الجانب من الفقه إلى تكييف مسئولية المنشأة الطبية الخاصة في الفرض الذي يقوم فيه الطبيب الأخصائي باستئجار المنشأة الطبية والصحية الخاصة لتنفيذ العمل الطبي فيها، بأنها مسئولية ذات طبيعة تعاقدية، وذلك لأن العلاقة التعاقدية قد نشأت بين الأخصائي ـ باسمه الخاص وليس باسم المنشأة الطبية الخاصة ـ والمريض وأنه يمكن القول بأن المنشأة الطبية الخاصة لا تعدو في هذا الفرض إلا منفذة للعقد المبرم بين الأخصائي والمريض، وأنه يمكن مساءلتها مباشرة في مواجهة المريض على أساس المسئولية التقصيرية، وليست المسئولية العقدية، أو الرجوع مباشرة على الطبيب الأخصائي باعتباره مسئولاً عن فعل المنشأة الطبية والصحية الخاصة باعتبارها منفذة للعقد المبرم بين هذا الأخصائي والمريض استناداً إلى نص المادة (1147) مدني فرنسي، وذلك في إطار المسئولية العقدية عن فعل الغير.

وهو ما قررته أيضاً محكمة النقض المصرية ـحيث أشارت إلى أن علاقة الطبيب بالمنشأة الطبية علاقة تبعية مؤداها أن تسأل المنشأة الطبية عن أخطاء الطبيب المعالج باعتبارها متبوعاً، وأن علاقة التبعية الأدبية مما يخول المنشأة الطبية حق الإشراف العام كافة لتحملها المسئولية.

 

 

 

 

Loading