كتابات

تقييم التعديل الأخير لنص المادة (86) من قانون المرافعات

    المحامي الدكتور هشام قائد عبد السلام الشميري

نصت المادة (86) من قانون المرافعات المعدل على أنه (أ- يكون الحكم الابتدائي نهائياً غير قابل للطعن بالاستئناف وقابلاً للطعن أمام المحكمة العليا في الأحوال الآتية:

  • في قضايا الأحوال الشخصية الصادرة بشأن النفقات والزواج والطلاق والفسخ والحضانة والرؤية والكفالة.
  • في قضايا الإيجارات والشفعة والأحكام الصادرة في التظلمات من أوامر الأداء وفي الاختصاص.
  • في المسائل المدنية إذا كان المحكوم به لا يتجاوز خمسة ملايين ريال.
  • في المسائل التجارية إذا كان المحكوم به لا يتجاوز عشرة مليون ريال.

ب – في قضايا الفسخ المرفوعة ضد الزوج الغائب يجب على النيابة العامة فور استلامها نسخة الحكم بالفسخ عرضه على المحكمة العليا وتعتد المرأة من تاريخ استلام نسخة الحكم الصادر من المحكمة العليا ولا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن) والملاحظ أن هذا النص المعدل قد تضمن بعض المأخذ التشريعية، وأهمها الآتي:

١-  يؤخذ على نص المادة (86) من قانون المرافعات المعدل ما قرره من اعتبار الاحكام الابتدائية الصادرة في قضايا كثيرة نهائية غير قابلة للطعن بالاستئناف لكنها قابلة للطعن بالنقض أمام المحكمة العليا، وهذا بلاشك من شأنه أن يؤدي إلى تزايد عدد القضايا في المحكمة العليا التي يشمل نطاق اختصاصها جميع محافظات الجمهورية اليمنية وإثقال كاهلها بعدد كبير جداً من القضايا تعجز تشكيلاتها عن استيعابها ويؤدي في المقابل إلى تخفيف القضايا لدى محاكم الاستئناف التي تعد محكمة موضوع، ولاسيما أيضاً أن تلك القضايا أضحت هي الأكثر شيوعاً في الواقع القضائي فأغلب القضايا التي تكتض بها محكمتي الموضوع هي القضايا الشخصية الأسرية وقضايا الايجارات والقضايا التجارية والمدنية التي دون النصاب المقرر في التعديل الأخير، ولاسيما أن ذلك قد تزامن مع تعديل نص المادة (57) من قانون المرافعات التي أسندت الاختصاص في الفصل بكافة الدعاوى والدفوع المتعلقة بالانعدام للمحكمة العليا التي يشمل نطاق اختصاصها جميع محافظات الجمهورية اليمنية، ولذلك كان من الضرورة قبل إجراء مثل هذا التعديل التشريعي تشكيل عدد إضافي من الدوائر في المحكمة العليا بما يمكنها من استيعاب ذلك الكم الكبير من القضايا وقد يكون ذلك على حساب التقليص من عدد الشعب الاستئنافية إن استلزم الأمر.

٢ – إن اعتبار نص المادة (86) من قانون المرافعات المعدل الاحكام الابتدائية الصادرة في كم كبير من القضايا نهائية غير قابلة للطعن بالاستئناف يعد خروجاً على مبدأ التقاضي على درجتين، فالمحكمة العليا وإن كان التعديل الاخير يخولها سلطة الفصل في الموضوع إذا كانت القضية صالحة للحكم إلا أنها تظل مع ذلك على أصلها محكمة قانون، كما أن مثل ذلك التعديل يفترض تمتع قضاة محاكم أول درجة بقدر كبير من الكفاءة لذا كان من الضرورة قبل إجراء هذا التعديل التشريعي رفع كفاءة قضاة المحاكم الابتدائية.

٣ – يؤخذ على نص المادة (86) من قانون المرافعات المعدل ما قررته من اعتبار الاحكام الابتدائية الصادرة في مسائل الاختصاص نهائية غير قابلة للطعن بالاستئناف لكنها قابلة للطعن بالنقض أمام المحكمة العليا، وهذا يشوبه عدم الدقة وعدم الضبط في الصياغة وعدم المنطقية كون أن عبارة: (الاحكام الصادرة في الاختصاص) الواردة في النص المعدل يفهم من عمومها شمول ذلك الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص سواءً قضت إيجاباً أو رفضاً بحيث تشمل الاحكام المقررة عدم الاختصاص التي تعد أحكام منهية للخصومة وتشمل أيضاً الاحكام المقررة للاختصاص التي تعد أحكاماً غير منهية للخصومة، وهذا بلا شك محل نقد لأن إجازة الطعن بالنقض في الاحكام غير المنهية للخصومة الصادرة بتقرير الاختصاص سيجعل من الدفع المتعلق بالاختصاص وسيلة لعرقلة سير نظر الخصومة.

٤ – يؤخذ على نص المادة (86) من قانون المرافعات المعدل ما قررته من اعتبار الاحكام الابتدائية الصادرة في قضايا معينة نهائية بما فيها الاحكام الصادرة في الكثير من مسائل الاحوال الشخصية، وهذا يستتبع وفقاً للأصل العام تمتع تلك الأحكام الابتدائية بالقوة التنفيذية، وهو ما يتناقض مع نص المادة (294) من القانون المعدل التي رتبت على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية. كما يؤخذ على نص المادة (86) من قانون المرافعات المعدل ماقررته من اعتبار الاحكام الابتدائية الصادرة في التظلمات من أوامر الأداء نهائية غير قابلة للطعن بالاستئناف، وهذا يستتبع وفقاً للأصل العام تمتع أوامر الأداء التي قضت المحكمة الابتدائية برفض التظلم منها بالقوة التنفيذية قبل خضوعها لرقابة محكمة الطعن حتى ولو كانت أوامر الأداء ذات طابع مدني صادرة من محكمة ابتدائية مدنية، وهو ما يتناقض مع نص المادة (335) مرافعات التي لم يتم تعديلها والتي تقرر النفاذ المعجل لأوامر الأداء الصادرة في المسائل التجارية بشرط الكفالة.

والله ولي الهداية والتوفيق،،،،،

Loading