كتابات

أحكام بيع ملك الغير

قانون مدني

لقد تزايدت في هذه الظروف المعيشية الصعبة عند الناس الاستيلاء والسطو على الأراضي والعقارات المملوكة للغير، خصوصاً في الأماكن القريبة من المدن وكذلك القريبة من الشوارع وخطوط المواصلات والأسواق الشعبية، وبسبب ذلك حصل تزوير في بعض البصائر والوثائق الخاصة بملكية العقارات ومخالفة بعض الأمناء الشرعيين لقانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م، كل ذلك طمعاً بالمال والثراء غير المشروع من أراضي أملاك الغير، وهو ما نتج عن هذا السلوك غير المشروع وجود نزاعات وخصومات مشحونة بالتوتر وأكل أموال الناس بالباطل والتعصب طمعاً بالمال ابتداء من أراضي الواقع التي وصل بعضها إلى الصدامات المسلحة بين الفريقين نجم عنها حدوث قتلى وجرحى، كما انتقلت كثير من هذه الخصومات إلى المحاكم والنيابات الخاصة استمرت لسنوات.

وإسهاماً منا في توضيح أسباب هذه الأعمال غير المشروعة نكتب في هذا الموضوع لأهميته وتوسعه وما يسببه من أكل أموال الناس بالباطل، وذلك في هذا البحث الذي نسهم في تقديمه بموضوعات متتابعة من منظور شرعي وقانوني، ونقارن فيه أوجه الاتفاق والاختلاف والمقارنة وصولاً إلى تطبيق نصوص القوانين النافذة وندعو الله بالعون والسداد.

المحامي/ مهيوب عبد الوهاب الحاج

أولاً: مفهوم العقد في القانون اليمني:

  • نصت المادة (140) بأن: (العقد الصحيح هو الذي استوفى أركانه وشروط صحته طبقاً لما هو منصوص في هذا القانون)، ونصت المادة (141) بأن: (العقد غير الصحيح هو العقد الذي اختل فيه ركن أو شرط من شروط صحته مما نص عليه في هذا القانون)، ونصت المادة (146) أركان العقد ثلاثة هي:
  • التراضي 2- طرفا العقد 3- المعقود عليه (محل العقد).

 

ثانياً: تعريف عقد البيع وخصائصه:

  • نصت المادة (451): (البيع تمليك مال بعوض على وجه التراضي بين العاقدين).
  • أما تعريفه في الفقه الإسلامي فله معنيان: عام، وهو تمليك مال بمال على وجه مخصوص، أي: بإيجاب أو تعاطٍ.
  • ومعنى خاص: وهو تمليك عين بثمن موصوف في الذمة كالسلم والصرف والمقايضة.

 

ثالثاً: القواعد العامة في بيع ملك الغير في الفقه الإسلامي والقانون المدني:

  • القواعد العامة لبيع ملك الغير في الفقه الإسلامي (ما المقصود بالغير في الفقه الإسلامي)؟
  • تطلق كلمة (غير) في اللغة على الصفة أو الاسم، وقد تكون أداة استثناء وما بعدها منصوب، وقد يكون ما بعدها اسماً مجروراً، أما في اصطلاح الفقهاء فإن المعنى اللغوي للفظ (الغير) فإنه يطلق على المتعاقد الذي لا يملك المعقود عليه وقت البيع، وليست له ولاية في بيع الشيء المملوك للغير، وليس وكيلاً في التصرف الذي قام به نيابة عن غيره في عقد البيع.
  • وبيان ذلك: أن عقد البيع يشترط فيه توافر شروط الانعقاد وشروط الصحة، وشروط النفاذ، وشروط اللزوم.. وما يهمنا من هذه الشروط في موضوعنا هي شروط نفاذ العقد، ويمكن تحديده بشرطين هما:

الملك أو الولاية: ومضمون هذا الشرط أن يكون المبيع مملوكاً للبائع، ومن ثم لا يكون بيع الفضولي نافذاً لانعدام الملك أو الولاية.

ألا يكون المبيع قد تعلق به حق للغير: ومضمون هذا الشرط أن المبيع إذا كان فيه حق لغير البائع كان العقد موقوفاً على إجازة صاحب الحق فيه، وهو مالك الشيء، فإذا تخلف أحد الشرطين السابقين كان العقد صحيحاً فيما بين المتعاقدين ولكنه غير نافذ في حق المالك الحقيقي.

 

تعريف الفضالة والفضولي:

الفضالة في اللغة هي اشتغال الشخص بما لا يعنيه

وفي اصطلاح الفقهاء: هي عبارة عن تدخل الشخص في شئون غيره دون إذن ودون ولاية أو وصاية.

وبهذا التعريف يشترط في بيع الفضولي لملك الغير:

1- ألا يكون البائع (الفضولي) مالكاً للشيء المعقود عليه وقت البيع.

2- ألا يكون العاقد (البائع) مأذوناً له في التصرف من الشرع، فإذا كان مأذوناً له من الشرع في إبرام التصرف لم يكن فضولياً، كولاية الأب والجد على الصغير، وولاية الوصي المختار من قبل الولي أو وصية، وولاية الولي المنصوب من قبل القاضي.

3- ألا يكون العاقد (البائع) وكيلاً في التصرف الذي قام به نيابة عن غيره بناءً على عقد وكالة صحيح فيكون تصرف في نطاق وكالته ولا يتجاوزها.

 

رابعاً: المقصود ببيع ملك الغير في القانون المدني اليمني:

نصت المادة (522) (إذا انعقد البيع موقوفاً غير نافذ كبيع الفضولي وبيع الصبي المميز غير المأذون، فلا يفيد ملك المشتري للمبيع ولا ملك البائع للثمن إلا إذا أجاز البيع من له الحق في إجازته ووقعت الإجازة مستوفيه شروط صحتها).

ونصت المادة (523) الإجازة هي إقراب العقد الموقوف عليها ممن يملك ذلك بالغاً رشيداً مدركاً مختار غير مكره ولا هازل..

وتكون الإجازة صريحة أو ضمنية بالقول أو بالفعل وتنعطف على العقد منذ وقوعه) ونصت المادة (533) (يلزم البائع تسليم المبيع حيث كان وقت العقد، وإذا كان المشتري على جهل بمحل البيع وانكشفت له انه بمكان لو علمه لما تم البيع كان بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء استلم المبيع حيث هو)

ونصت المادة (1559) من القانون المدني الفرنسي على أن (بيع ملك الغير باطل ويمكن أن يعطي للمشتري الرجوع بالتعويضات إذا كان يجهل أن الشيء المبيع غير مملوك للبائع).

كما نصت المادة (466) الفقرة (1) من القانون المصري:) إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه جاز للمشتري أن يطلب ابطال البيع، ويكون الأمر ولو وقع البيع على عقار سجل العقد أو لم يسجل).

كما نصت المادة (473) من القانون المدني: (يلزم تعيين المبيع حال العقد بذاته أو بذكر جنسه ووصفه أو بالإشارة إليه مع بيان مكانه).

ويتبين من النصوص السابقة أن المقصود ببيع ملك الغير: هو البيع الذي يتم بين عاقديه على اساس أن البائع يملك المبيع وقت التعاقد، وأن البيع من شأنه نقل هذه الملكية إلى المشتري حال كون البائع لا يملك فعلاً هذا المبيع. وهذا التعريف يحتوي على الشروط التي يجب توافرها حتى نكون بصدد بيع ملك الغير وهي ثلاثة شروط:

الشرط الأول:

ألا يكون المبيع مملوكاً لأحد العاقدين، ويتفق الفقه مع القانون بأن بيع ملك الغير يتحقق إذا كان المبيع غير مملوك للبائع ولا للمشترى وقت العقد، لأن المبيع إذا كان مملوكاً للبائع فأن العقد يكون صحيحاً ولا تثار مسألة بيع ملك الغير، فإذا تصرف الزوج في بعض أحوال زوجته بوكالة صحيحة منها لم تكن بصدد بيع ملك الغير، وبيع الغاصب الذي يبيع ما اغتصب، والوصي الذي يبيع مالاً مملوكاً للقاصر على انه ملكه يعتبر بيعاً لملك الغير، لان البائع ليس له حق ما على المبيع يجيز له التصرف، ولم يكتسب أي سلطة تسمح له بهذا التصرف، وبالتالي يكون انتقال الملكية من البائع غلى المشتري مستحيلاً لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

الشرط الثاني:

أن يكون المبيع معيناً بالذات.. ذلك لأن المثليات معينة بنوعها فحسب ولا يمكن اعتبارها مملوكة للغير، حتى على فرض أن البائع لا يملك أي قدر من المبيع محل التعاقد، ومن ثم فإن البائع في بيعه للشيء الغير معين بالذات يقتصر واجبة على الالتزام بنقل ملكية المبيع وهو قابل للتعيين ..فالمبيع المعين بالذات هو الذي يجب تعيينه ببيان الصفات التي تسمح بتمييزه عن غيره وتمنع من الجهالة الفاحشة فيه، فبيع العقار يتم تعيينه ببيان موقعه وحدوده واسم الموضع الذي يقع فيه ومساحة المبيع …إلخ، وبيع السيارة يكون ماركتها ونوعها وموديلها (سنة الصنع) ..إلخ أما المثليات فهي التي يقوم بعضها مقام بعض عن الوفاء والتي تقدر إعادة في التعامل بين الناس بالعدد أو المقاس أو الكيل أو الوزن مثل الذهب، القمح ، الأقلام….إلخ.

الشرط الثالث:

أن تتجه ارادة المتعاقدين إلى إبرام بيع ناقل للملكية بذاته، ويعني هذا الشرط أن البيع لا يكون بيعاً لملك الغير.

إلا إذا قصد به نقل الملكية في الحلا ( فور التعاقد) …فإذا استبان أن البيع ليس بيعاً باتاً لم يقصد منه نقل الملكية في الحال كان العقد صحيحاً ولم ينطبق بشأنه الجزاء المقرر لبيع ملك الغير، كما إذا كان العقد قد اقتصر على التعهد بالحصول على ملكية الشيء ثم نقلها بعد  ذلك إلى المشترى لم نكن بصدد عقد بيع، كما أننا لا نكون بصدد بيع ملك الغير إذا كان العقد مجرد وعد بالبيع، ولا يعد بيعاً لملك الغير أيضاً تعهد الشخص عن مالك الشيء بأن المالك سيبيع هذا الشيء لشخص أخر دورة على التعهد عن المالك في أن يبيع فيكون تعهد اً عن الغير لم يقم المتعهد بتنفيذ ما التزم به… وهكذا  نرى أن شروط بيع ملك الغير السابق بيانها إذا تحققت اعتبر البيع بيعاً لملك الغير ولا عبرة بعد ذلك أن يكون البيع اختيارياً أو جبرياً، ثم بالممارسة أو بالمزاد، أبرمة العاقد بنفسه ام بواسطة نائبة، ويستوي أن يكون البيع وارداً على منقول أو عقار، كما يستوى أن يكون مسجلاً أو غير مسجل.

Loading