كتاباتمقال الاسبوع

استيفاء الحكم للمعايير الدولية

د /عبدالوهاب محمد السادة

عضو هيئة التدريس المساعد بكليتي الحقوق بجامعتي اب و تعز

لكي يكون حكم القاضي أو حكم التحكيم الدولي متوافقا مع المعايير الدولية يجب أن يفي بمتطلبات العدالة الدولية من الناحيتين الاجرائية والموضوعية، وذلك في حالة وجود العنصر الاجنبي المؤثر الذي يضفي على العلاقة صفة الدولية سواء في قضايا الاستثمار او التجارة الدولية، وذلك مرروا بمراحل الحكم في هذه القضايا بدءًا بتحديد الصفة الدولية في أحد عناصر العلاقة، فالتكييف، فتحديد ضابط الاختصاص الدولي، فتحديد قاعدة التنازع فإبطال قاعدة التنازع في حالتي الدفع بالنظام العام او الغش نحو القانون، واشير الى أن القانون المدني اليمني قد أخضع العقود لقانون الإرادة وأخضع قانون التحكيم اليمني موضوع النزاع لقانون الإرادة ويشترط في الحالتين عدم مخالفة النظام العام او الشريعة الاسلامية.

إن تطبيق القانون الدولي الخاص يعد أمراً ضررويا وشرطا هاما لاستقرار وازدهار العلاقات عبر الحدود سواء تمثل ذلك بتطبيق المعاهدات الدولية – بشكل مباشر-والتي تعلو احكامها على القانون الوطني او بتطبيق القواعد الدولية وممارسات  وعادات واعراف التجارة الدولية العامة او المتخصصة او بتطبيق قاعدة التنازع او بتطبيق قواعد البوليس – بشكل مباشر-والتي تحمي المصالح العليا للدولة منذ البداية دون انتظار لاعمال الدفع بالنظام العام في مرحلة متاخرة ، مع وجوب تطبيق القانون الدولي العرفي الذي يمكن أن أذكر أهم قواعده وهي حماية الملكية والحقوق التعاقدية وحظر المصادرة وقاعدة المسئولية والتعويض عن الاضرار في مجال المسئوليتين العقدية والتقصيرية ومناقشة الدفوع الجوهرية او حق الدفاع والمساواة بالإضافة الى المبادئ الحديثة في مجال الاستثمار وهي مبدأ حماية حقوق الانسان والتنمية والرفاهية، واشير هنا الى ان الاستاذ صبحي محمصاني المؤلف الكبير في الفقه الاسلامي في تحكيم ليامكو حكم بالتعويض او ما يعرف بالفائدة القانونية- والتي تفرض بشكل عام بنسبة من 2%-8%من يوم الحكم حتى السداد الكامل وقد تفرض عن مرحلة ما قبل الحكم في العقود طويلة المدة- والتي يبدو انها احد متطلبات الاستثمار الحديث وقرر انها ليس ربا بل تعويض، وقد احسن قانون الاستثمار اليمني 2010م في تقرير الفائدة بأسلوب افضل واكثر حذرا وهو ما اؤيده حيث قرر ان تعويض المستثمر عن اخذ امواله وحقوقه باي طريقة يعاد التقييم بشأن ذلك كل ثلاثة اشهر وذلك يقوم مقام الفائدة بل يعد افضل منها فقد تزاد الاصول والحقوق في عدة سنوات اكثر من 20%، واشير الى ان تحديد المخاسير في المنازعة  الدولية يتطلب عملية حسابية كاملة بتحديد كامل الخسائر والحكم بها وعد طلبات كل طرف وعد ما رفض منها وتحميل كل طرف من التكاليف بقدر ما خسر من طلبات

واشير هنا الى الحكم التحكيمي التأريخي الصادر في صنعاء في القضية الشهيرة، وهي قضية مشاريع خط الصحراء ضد الجمهورية اليمنية ، وفقا لمعاهدة الاستثمار الثنائية بين اليمن وعمان 1998م، ففي 9 أغسطس 2004م، أصدر المحكمان (وهما شركتا مقاولات ) حكمهما بأنه يحق للمدعي أي الشركة العمانية الحصول على المبلغ التالي مقابل بناء مشاريع الطرق في اليمن  18,447,857,500 ريال يمني، أي حوالي 100000000 دولار أمريكي وتكاليف إضافية للمدعي بمبلغ : 1,520,620,929 ريال يمني أي حوالي 8,000,000 دولار، مع الاحتفاظ بالضمانات المطلوبة قانوناً حتى تعالج مشروعات خط الصحراء العيوب وتحافظ على الطرق المنفذة في المنطقة الشرقية وفقاً للمواصفات والأساليب التقنية المذكورة أعلاه، وفيما يتعلق بمشروع المحويت- القناوي، يتم احتساب فترة الصيانة وفقًا لشروط العقد، ويتم الدفع بعد الخصم لما ذكر، وقد عين اليمن محكمه أمام الإكسيد د. أحمد صادق القشيري، وقد رفضت هيئة التحكيم  دفع اليمن بأن الاستثمار لا ينطبق لعدم إصدار شهادة استثمار، لأن قبوله سيكون فخاً مصطنعاً للمستثمر وأن تلك العبارة  دارجة في الاتفاقيات، واستندت المحكمة للشريعة الإسلامية التي توجب الوفاء بالعقود، كما أن المحكمة ألغت اتفاقية التسوية  التي أبرمت بعد التحكيم في 22 ديسمبر 2004م وتنص على نصف المبلغ المقرر في حكم التحكيم اليمني؛ للإكراه المادي والاقتصادي،  بعد أن أشارت هيئة التحكيم إلى أنه لو تم إلغاء اتفاقيات التسوية فإن ذلك سيؤدى إلى الفوضى في العلاقات الاقتصادية الدولية، وأضافت المحكمة أن اليمن خرقت مبدأ المعاملة العادلة والمنصفة ولم تنص اتفاقية الاستثمار على مبدأ الحماية والأمن، ورفضت محكمة التحكيم ادعاء المصادرة، وحكمت محكمة الإكسيد ( المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بواشنطن) بتنفيذ قرار التحكيم اليمني بكامله باعتباره ملزماً ونهائياً للطرفين، وحكمت محكمة الإكسيد( بأن مطالبة المدعي المستندة إلى قرار التحكيم اليمني مُنحت بمبلغ بالريال العماني يعادل3,585,446,554  ريال يمني بسعر صرف البنك المركزي العماني اعتباراً من 9 أغسطس 2004م،

ويجب دفع هذا المبلغ في غضون 30 يوماً من تأريخ إخطار الحكم وتم رفض مطالبات المدعي الثلاث وهي الإفراج المتأخر عن الضمانات المصرفية، وعدم القدرة على ممارسة خيار إعادة الشراء فيما يتعلق بالممتلكات في عمان، وفقدان فرص العمل في عمان واليمن، أما مطالبة الشركة العمانية على أساس الأضرار المعنوية، بما في ذلك فقدان السمعة، منحت بمبلغ 000 000 1 دولار أمريكي ؛ ويجب دفع هذا المبلغ في غضون 30 يوماً من تأريخ إخطار الحكم، و تستحق فائدة بسيطة بنسبة 5٪ على المبلغ الذي سيتم دفعه بموجب قرار التحكيم اليمني من 9 أغسطس 2004 حتى السداد الكامل، ولا توجد فائدة مستحقة على مقدار الأضرار المعنوية؛ وفي حالة عدم دفع مبلغ الأضرار المعنوية في غضون 30 يوماً من تأريخ إخطار الحكم فإنه يتحمل فائدة بنسبة 5 ٪ حتى السداد الكامل و يتحمل المدعي تكاليف الدعوى، بما في ذلك أتعاب ونفقات المحكمة وأمانة ICSID ، بنسبة 30٪ و 70٪ يتحملها المدعى عليه

وحكم التحكيم الصادر في صنعاء في هذه القضية حظي بالترحيب والاعجاب الكامل من قبل المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار لأنه طبق مبدأ تنفيذ العقد ومبدأ تقييم العمل بما أدي الى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة

Loading