كتابات

القضاء وتوجهات القيادة السياسية

يحيى صلاح الدين
مما لا شك فيه أن وجود قضاء مستقل ونزيه وعادل مطلب وهدف هام لدى القيادة السياسية ولدى المواطن على حد سواء وهذا الامر يتطلب بالضرورة وجود قضاة أكفاء يتمتعون بالخبرة والمهنية، والسيرة الحسنة.

كما يتطلب وجود هيئة تفتيش قضائي قوية وقادرة على تحقيق مبدأ الثواب والعقاب وإعمال التقييم المهني الشفاف والمساءلة كنهج دوري للبناء والتطوير، كما ان من المهم العمل على توفير السبل كافة الكفيلة لتحقيق العيش الكريم للقضاة.

وفي هذا المسار يأتي توجه واهتمام القيادة السياسية برئاسة فخامة الرئيس مهدي المشاط نحو إصلاح القضاء حرصا منه على تحقيق العدالة وتيسيرها كمطلب هام نادى به المواطن اليمني ونادت به كافة القوى والحركات السياسية والمجتمعية في اليمن لعقود مضت وهو من أهداف ثورة 21 سبتمبر المباركة.

كما ان اهتمام فخامة الرئيس مهدي المشاط بإصلاح القضاء يحتاج لتفاعل واهتمام أكبر من السلطة القضائية والشركاء السياسيين لتحقيق المزيد من التقدم في هذا الاتجاه وعلى الجميع العمل بروح الفريق الواحد.
هناك نجاح وتقدم حققته السلطة القضائية خلال العام المنصرم حيث قامت بالعمل على تصحيح وتقويم الكثير من الاخطاء والقصور داخل القضاء كما انه تم استعادة ملايين الريالات إلى خزينة الدولة، وتم الفصل في أكثر من مائتي ألف قضية وهذا انجاز يحسب للسلطة القضائية.

لقد تعاطت السلطة القضائية بشكل إيجابي وسريع مع بعض التوجيهات والمقترحات التي قُدِّمت ونوقشت من أطراف عدة لإصلاح القضاء، منها على سبيل المثال اجراء بعض التعديلات القانونية التي تكفل اصلاح المعضلة المزمنة المتعلقة ببطء التقاضي؛ وكذلك تدريب القضاة ورفع كفاءتهم المهنية ودعم استقلالهم.
لكن بعض المواضيع الهامة للأسف قد واجهت إعاقات وتعثر ولم يتمكن من تنفيذها، ربما لعدم توفر الإمكانات وتباطؤ وزارة

المالية في تنفيذ هذه المطالب الهامة التي تصب في صالح تفعيل هيئة التفتيش القضائي لتقوم بدورها بشكل جدي ومنحها الوسائل اللازمة لتعزيز دورها في متابعة ومراقبة العمل القضائي وتنفيذ مبدأ الثواب والعقاب تجاه من يخل بعمله وواجبه من القضاة.

فنزاهة القاضي تشكّل العنصر الحاسم في عملية الإصلاح ومحاسبة القضاة ومتابعة مسار ثرواتهم من اهم أعمال التفتيش القضائي.

من الضروري جدا النظر في مقترح إنشاء فروع للهيئة في المحافظات تسهيلا للمواطنين، وتجنيبهم عناء السفر من قراهم ومحافظاتهم لتقديم شكوى إلى الهيئة في صنعاء، ناهيكم عن تكاليف السفر والإقامة التي قد تطول لأشهر حتى يبت في شكواهم.

أما على مستوى منهج ومخرجات المعهد العالي للقضاء فليست بالمستوى الذي يطمح اليه ولا توازي الحاجة الماسة لعدد القضاة في المحاكم والنيابات.

نعم المطالبة بإصلاح القضاء لها أسبابا ليست بريئة وهي ظاهرة للناس، الا أن ذلك لا ينفي الحاجة الى العمل على تغيير النمط السائد عنه في ذهنية الناس وواقع في المحاكم لتعزيز ثقة المواطن به.
وخلاصة القول انه لا بد أن يكون هناك اهتمام وتفاعل من الجميع رسمي وشعبي سياسي وقضائي وبشكل عملي لتصب كل الجهود بما يحقق ويسهل الوصول للعدالة بأسرع وقت ممكن وبأقل التكاليف.

Loading