كتابات

النتائج المتعلقة بمقال فن المداولة

بقلم القاضي/ جمال قاسم المصباحي

عضو المحكمة العليا

عطفاً على مقالي السابق والذي كان بحثاً مصغراً عن فن المداولة عند اصدار الاحكام والذي نشرته الصحيفة القضائية مشكورة في عددها السابق رقم (212) بتاريخ: 18 يوليو 2023م.

ولما يكون للنتائج من أهمية وثمرة مرجوة عند الاعمال لها على واقع العمل فقد حرصت على تحرير وتوثيق ما تبين لي في ذلك من النتائج مع سابق ولاحق قيد شكري لكل من تفاعل وأفاد في النقاش في الموضوع من الزملاء القضاة الاجلاء.

والنتائج هي على النحو الآتي:

أولاً:

يتعين وجوباً على القاضي محرر التقرير في القضية أن يكتبه بقلمه على وجه الحرفية والمهنية السائدة في مهنية القضاء والتي نصت عليها نصوص القانون وشروحه واللوائح التنظيمية دون أسهاب ولا إطالة…

وذلك بعرض ما جاء في عريضة الطعن والرد عليها بصورة مهذبة ومشذبة ومختصرة وموضحة للأسباب والطلبات ومستنداتها من القانون والواقع والأدلة بصورة كافية.

وبمراعاة الحفاظ على نمطية الشكل العام لمدونات الاحكام وخصوصياتها من الوجازة والجزالة والدقة وحسن السرد والمناقشة والتعليل والتنبيه على المراكز القانونية للأطراف وبقائها من عدمه.

ومراعاة ما جاء في شأن ذلك في نطاق نص المادة (17) فقرة (1، 2) من اللائحة التنظيمية للمحكمة العليا من كون التقرير ينبغي أن يكون كافياً.

ثانياً:

  • ينبغي على كل من قضاة الشعبة أو الدائرة الحرص والبذل لحسن السماع وقت قراءة التقرير في القضية من الزميل القاضي الذي عني بإعداده وعليه مراعاة الانتظار حتى يكمل قراءة التقرير وإذا كانت له ملاحظات فيقيد فكرتها إلى حين الاكتمال من قراءة التقرير.
  • المداولة في المستوى الاستئنافي من المحاكم لا تجوز إلا بين القضاة الذي حضروا السماع القضائي والمحاكمة.

ثالثاً:

ليس لأي من قضاة الشعبة أو الدائرة أن يملي أو يلزم زميله كاتب المسودة وأسباب الحكم بالصيغة التي يستخدمها هو فكل قاضٍ له خصوصية في تكوين وتركيب العبارة .. وما سوى ذلك يكون عنتاً في العمل ينبغي تجنبه.

ويستثني من ذلك ما إذا كانت عبارة التسبيب أو المنطوق تؤدي إلى تناقض في الحكم وفي هذا الحال يحسم رئيس الدائرة الخلاف بما هو الاصوب ولو مستعيناً في ذلك بالتصويت.

رابعاً:

بعد سماع التقرير في القضية يدير المداولة رئيس الشعبة او الدائرة ويحسن في ذلك السماع من الاحدث تعييناً في الدائرة من القضاة ثم الذي يليه لتحصيل رأي أولي لكل واحد منهم والمناقشة في قبول الطعن من عدمه ويحسن أن يتم السماع لرأي رئيس الدائرة في الأخير ليكون بعد أن قد أستوعب هو تكوين الرأي الأرجح منها..

فإذا أكملت المناقشة يفتح رئيس الدائرة التصويت المباشر والنهائي لكل قاضٍ ما هو رأيه للحكم في القضية مع الإشارة للسبب والمستند ويكون التصويت عند ذلك لزاماً على كل قاضٍ ومثله التوقيع على المسودة وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجزائية بنص المادة (369) وكذلك في القضايا المدنية والشخصية والتجارية وفقاً لكتب الشروح وذلك منعاً للابتعاد عن الحسم  في القضايا أو التسويف فيها أو تعليق الفصل فيها لمجرد الخلاف وهو مقتضى نص المادة (219) مرافعات.

خامساً:

النتيجة الحاصلة عن التصويت النهائي في القضية ملزمة للجميع الأخذ بها سواء كانت اجماعاً أو بالأغلبية.

ويتعين على كل قاضٍ منهم أن يقبل بذلك التصويت بالأغلبية دون تحسس او امتعاض من زملائه بل بمهنية بحتة ولصاحب الرأي المخالف أن يؤشر بقلمه جوار توقيعه أن له رأيا مخالفا ثم يضمنه في مسودة مستقلة أو بظهر الحكم.

ورئيس الدائرة هو المعني أكثر بالحرص على سرعة الإنجاز وتحاشي الأسباب التي تؤدي إلى تأخره وفقاً لأحكام المادة (13) فقرة (1، 4) للائحة التنظيمية للمحكمة العليا.

سادساً:

الأصل السائد والذي عليه العمل القضائي في المشترك الحضاري الإنساني في نظم القضاء هو الاكتفاء مبدئياً بتقرير قاضٍ واحد عن كل قضية لعرضها للمناقشة والمداولة وهو ظاهر نصوص القانون اليمني بتنوعاته.

وأما افتراض تدويل ومناقلة الملف بين أعضاء الدائرة الواحدة فذلك هو الاستثناء لما عظم من القضايا وكثرت فيه الغوامض من المسائل واحتاج إلى تعدد الجهد وتنوعه.

لأن كل ذلك على حساب وقت العدالة وتأخير الإنجاز- غير أن المخرج في (تقديري) – ما جاء بنص المادة (18) من اللائحة التنظيمية للمحكمة العليا بالزام كل أعضاء الدائرة بدراسة ملف القضية – وهو ما اقترح فيه إلغاء هذا النص أو تعديله على الأصح وذلك بأن يكون الوجه من التداول للملف هو للقضايا التي تحتاج هذا النوع من الأداء وفقاً للنص السابق وان يكون ذلك بمقترح من رئيس الدائرة على أعضائها وان يكون هذا الاستثناء مقيداً في نطاقه لان الاستثناء في قواعد أصول الفقه وأصول القانون يقدر بقدره ولا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه.

ومن المسلم به والمعلوم من كون أي قاضٍ في الدائرة يستطيع الوقوف والمراجعة على أي جزئية لاحت بذهنه أثناء عرض ملف القضية للمداولة المعتادة من خلال أوراق وملف القضية والرجوع إليها وفحصها.

سابعاً:

وهي فقرة خاصة واستثنائية بالمحكمة العليا:

أرى واقترح أنه يحسن من كل دائرة وجد في أعضائها عضو منتدب أن تحرص على تيسير أمر المداولة له خصوصاً عن طريق إجراء تحصيلها للقضية والتداول الأولي فيها دون التوقيع على منطوق القرار أو المسودة ثم تستدعيه للمداولة الحاسمة.

والعلة في ذلك أنه لا يوجد قضاة متفرغون في المحكمة العليا لوظيفة الانتداب عن المتغيبين للضرورة والمرض.

ونجد القاضي المنتدب يعاني من القيام بعملين في دائرتين مختلفتين والأصل والحكمة والرأفة بالقاضي المنتدب في هذا الحال تقتضي اعانته وتقدير ما إذا كانت صحته وسنه يسمح بمثل ذلك الجهد.

سدد الله تعالى الجميع على طريق الإتقان والفلاح في الدارين

Loading