مبدأ عدم جواز إثبات عكس الثابت كتابة إلا بالكتابة
د عبد الوهاب محمد السادة
أستاذ القانون الدولي الخاص المساعد بجامعة تعز
محامي أمام المحكمة العليا
تتمثل الاشكالية في أن قانون الاثبات جعل الشهادة الدليل الاول لكن ذلك مقيد بعدة قواعد منها العرف فلا يجوز اثبات حصول البيع العقاري الا بالكتابة والا لادعى اناس حصول البيع العقاري واثبتوا شهودهم على ذلك وهذه من الحيل الخفية فيشترط في الشاهد ان يصدقه العرف، والعرف في اليمن منذ قبل الاسلام ان البيع العقاري لا يجوز اثباته الا بالكتابة وكذلك الشركات التجارية بخلاف الشركة العرفية وبقية الاعمال التجارية عدا بيع السفينة وغيرها مما ورد النص عليه
مادة(41): اثبات: يشترط في الشهادة ما يأتي: ـ4- أن لا تكون بالنفي الصرف وان لا يكذبها الواقع وتراعى الأحكام المبينة في المواد التالية .وقد احال القانوني المدني للعرف في كثير من المسائل ومنها مسالة البيع المــادة (452): (ينعقد البيع بإيجاب مكلف وقبول مثله متطابقين دالين على معنى التمليك والتملك حسب العرف لفظا او كتابة) فقد ينعقد البيع بالمعاطاة في المحقر فقط وبالإرادة الضمنية في المحقر ايضا كركوب الباص لكن البيع العقاري لا يثبت الا بالكتابة وكيف سيسجل في السجل لو لم توجد بصيرة وقد اطلعت على عشرات الاحكام الابتدائية والاستئنافية اجازت اثبات البيع العقاري بالشهادة نقضا والغاء لبصيرة المالك الحقيقي في حين ان المحكمة العليا اليمنية اعتنقت مبدا الثبوت كتابة وهو اجتهاد جميل مستنبط من القواعد القانونية التي ذكرتها.
واجاز قانون الاثبات اليمني في المادة (104) اثبات انكار المحرر العرفي المكتوب ويجب على المتمسك به اثباته بشاهدي المحرر ولم يجز دحضه بشاهدين
والقاعدة العامة في القانون المدني الليبي إذا كان التصرف القانوني في المواد المدنية تزيد قيمته على عشرة جنيهات ، أو كان غير محدد القيمة ، فيجب إثباته بالكتابة ، وبالنسبة للمواد التجارية يتم إثباتها بكل طرق الإثبات . إلا أن هذه القاعدة وردت عليها استثناءات وهي: 1- نصت المادة (389) من القانون المدني الليبي على ما يلي:
” 1- يجوز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة .
2- وكل كتابة تصدر عن الخصم ويكون من شانها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ” .
وقـد توسع الفقهـاء في شكل هذه الصور فأدخلوا فيه ما كان مكتوبا بخطه وموقعا عليه ، أو بخط وكيله وموقعا عليه ، أو مدونا في مذكراته أو في أوراق رسمية عن طريق موظفين ، أو معترفا به في محاضر أو سجلات ، أو أدلى به في شهادة … الخ
والسؤال المهم هنا هو ، هل المحرر الإلكتروني يعتبر بمثابة مبدأ ثبوت بالكتابة ؟ .
يميز الرأي السائد بين حالتين:
الحالة الأولى: ما إذا كان المحرر الإلكتروني موقعا من الطرفين واتبع بشأنه الإجراءات المطلوبة من إنشاء وحفظ واسترجاع ، فإنه في هذه الحالة يجوز الاحتجاج به باعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة.
الحالة الثانية: ما إذا كان المحرر مستخرجا من نظام معلوماتي خاص بالمؤسسة ، ولا تتوافر له ضمانات الثقة والأمان ، وفي هذه الحالة لا يجوز لهذه المؤسسة التمسك بهذا المحرر ضد الغير ؛ لأن هذا الأمر يتعارض مع مبدأ عدم جواز اصطناع الشخص دليلا لنفسه ، فيما يجوز للغير أن يتمسك بهذا المحرر ضد المؤسسة.
الاستثناء الثاني وجود مانع من الحصول على دليل كتابي .المادة (391) من القانون المدني الليبي ويكون المانع ماديا ، إذا أحاطت بالتعاقد ظروف خارجية حالت دون الحصول على دليل كتابي ، مثل الكوارث الطبيعية والحوادث المفاجئة والزلازل والحرائق .ويذهب جانب من الفقه إلى أن التعاقد عبر الوسائل الحديثة تمثل نوعا من الاستحالة المادية التي تمنع من الحصول على الدليل الكتابي الورقي
إلا أن هذا الرأي أنتقد على أساس أنه وإن سلمنا بهذه الاستحالة ، إلا أنها استحالة ليست ملجئه إلى هذا التعاقد ؛ لأنه إنما يلتجئون إلى التعاقد عبر الإنترنت لما تتميز به من يسر وسهولة ، وليس لأنه هو الطريق الوحيد المتاح للتعاقد.
والاستثناء الثالث نصت عليه المادة (391 / ب ) من القانون المدني الليبي على أنه:
“يجوز أيضا الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة:
ب) إذا فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي لا يد له فيه” .
يلزم لتوافر هذا الاستثناء توافر شرطين هما ”
1- ثبوت سبق وجود الدليل الكتابي .
2- إثبات فقده بسبب أجنبي .
أما إذا كان مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة فإنه لا يجوز الإثبات بالمحرر الإلكتروني ؛ لأن هذا الاستثناء جاء لحماية الدائن الذي لم يقصر في استعمال الدليل الكتابي عند التعاقد .
المراجع
– ثروت عبد الحميد ” التوقيع الإلكتروني ” مكتبة الجلاء الجديدة ـ المنصورة ، 2002 ، ص128.
عبد العزيز المرسى حمود ” مدى حجية المحرر الإلكتروني في الإثبات في المسائل المدنية والتجارية ” المرجع السابق ، ص 77 . د عبدالرزاق السنهوري ” الوسيط في شرح القانون المدني ” الجزء الثاني ، المجلد الأول ، الإثبات ، ط 2 ، 1982 ، 599 .- سليمان مرقس ” الوافي في شرح القانون المدني ـ أصول الإثبات وإجراءاته في المواد المدنية ” الجزء الخامس ، المجلد الأول ، القاهرة، 1991 ، ص563 . – حسام لطفي ” الحجية القانونية للمصغرات الفيلمية ” 1988 ، ص 44