حوارات

رئيس المحكمة التجارية لـ “القضائية”: الحملة التي نفذها وزير العدل مع كادر المحكمة لإنهاء الملفات المتراكمة أثمرت استكمال تجهيز (2.053) ملفاً وتحصيل وطباعة وتوقيع أحكام (600) ملف وإرسال ملفاتها إلى الأرشيف وتحصيل (488) ملفاً وطباعة أحكامها خلال شهر رمضان

 

 عناوين فرعية

  • في مجال عمل القضاء وفي منصة الحكم لا مجال للحديث عن الفشل بتاتا فالفشل لا محل له في عمل القاضي ومنصة حكمه
  • من أوجه غرس الثقة بالقضاء الا تكون احكام القضاء محلاً للتشكيك والنقد والتناول في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي
  • نصوص قانون المرافعات لا تتلاءم مع طبيعة بعض القضايا وندعو المقنن لسن نصوص قانونية او لائحية خاصة تنظم إجراءات نظر ذلك النوع من القضايا
  • أصاب المقنن اليمني عندما قنن انشاء المحاكم المتخصصة لنظر بعض أنواع القضايا، فالمحاكم النوعية المتخصصة تعد من ضمانات تحقيق العدالة السريعة
  • من أبرز الصعوبات والتحديات التي نواجهها في العملين القضائي والإداري، هي زيادة عدد القضايا المعروضة وقلة الكادرين القضائي والإداري في المحكمة التجارية
  • تم ارشفة ملفات القضايا القديمة المتعلقة بالفترة من 1976م الى عام 1990 م في أرشيف المحكمة بشكل نموذجي بعد ان كانت مرمية في شوالات وكراتين منذ ان تم النقل الى مبنى هذه المحكمة
  • فصلت المحكمة التجارية خلال الارباع الثلاثة من هذا العام في (2.126) قضية موضوعية، ونفذت (805) أحكام قضائية، رغم قلة الكادر القضائي في المحكمة
  • تم انجاز مراجعة وتوقيع عدد (147) حكما من الملفات المتراكمة خلال الأسبوعين الاولين من الدوام عقب الاجازة القضائية وترحيلها الى الأرشيف
  • فطبيعة العمل الموكل للكادر الإداري المعاون للقضاء يختلف اختلافا كبيرا وجوهريا عما يوكل لأقرانهم في المؤسسات الأخرى ومطالبهم مشروعة في الحصول على ميزة مالية ووظيفية عن بقية الكادر الإداري في مؤسسات الدولة

 

 

برغم ازدحام مساحته الزمنية وكثرة الملفات والقضايا المطروحة امامه وبإلحاحنا الذي يمكن توصيفه بالمزعج كان تعاطيه معنا راقيا وبأدب جم، حيث سمح لنا بأن نستقطع بعضا من وقته إدراكا منه ان عملنا كصحفيين لا يقل شأنا عن عمل القضاة وامناء السر كوننا نحمل جميعا هما مشتركا ونسعى كلنا لتحقيق هدف واحد هو تيسير وتحقيق العدالة لطالبيها ونشر الوعي القضائي.

إنه القاضي خالد الأثوري رئيس المحكمة التجارية بأمانة العاصمة الذي طرحنا عليه العديد من التساؤلات لمعرفة بعض أنشطة وانجازات هذه المحكمة وما تواجهه من صعوبات ومشكلات بالإضافة الى تساؤلات هدفنا من خلالها ان نوصل للقارئ رسالة توعوية كثيرا ما نرى المجتمع غير مدرك لها في طبيعة القضايا وأسباب تأخر الفصل في بعض منها.

كما حاولنا من خلال هذا اللقاء الخروج بحصيلة عما شهدته المحكمة التجارية خلال الفترة من أواخر شهر شعبان الماضي وحتى الأسبوعين الماضيين فيما يتعلق بالحملة التي قادها وزير العدل في المحكمة للقضاء على مشكلة تراكم ملفات القضايا التي لم يتم تحصيلها وطباعتها وترحيلها الى الأرشيف باعتبارها متراكمة منذ سنوات لتأخر تحصيلها وطباعتها… واليكم حصيلة ما خرجنا به في هذا الحوار:

حاوره/ فاضل الهجري

 

‍‍‍‍○ باسم الصحيفة القضائية يسعدنا اللقاء بفضيلتكم سيدي القاضي شاكرين لكم اتاحة هذه الفرصة واستقطاع هذه المساحة من وقتكم الثمين المزدحم بالأعمال القضائية والادارية لإجراء هذا الحوار..

‌ اهلا وسهلا بكم، وشكرا لإتاحة هذه الفرصة

 

‍‌‌○ في البداية نود ان نعرِّف قراءنا الاعزاء من خلال ما ستخبرنا به عن شخصية القاضي خالد الاثوري بطريقة مختصرة سواء في سيرته الذاتية او مسيرته القضائية..

‌‌ الاسم القاضي/ خالد حميد ناجي الأثوري من مواليد تعز- حيفان 5/1/1980م، متزوج وأب لستة أولاد.

حاصل على شهادة الماجستير بتقدير عام جيد جدا من المعهد العالي للقضاء لعام 2009م الدفعة الخامسة عشرة وشهادة الليسانس في الشريعة والقانون من جامعة صنعاء للعام 2005م بتقدير جيد جدا وشهادة الثانوية العامة بتقدير جيد جدا في العام 97/98م.

بالنسبة للدرجات الوظيفية فأنا موظف اداري بشهادة الثانوية العامة بالقرار الوزاري 29/9/1999م، ثم معاون نيابة بالقرار الوزاري الصادر في 29/8/2006م، ثم مساعد نيابة (ب) بالقرار الوزاري الصادر بتاريخ 12/11/2007م، فقاضي محكمة جزئي بالقرار الجمهوري رقم (53) وتاريخ 9/3/2010م، ثم قاضي محكمة ابتدائية بالقرار الجمهوري رقم 161 وتاريخ 17/7/2013م، ثم قاضي محكمة استئناف بالقرار الجمهوري رقم 115 وتاريخ 1/6/2019م

وفيما يتعلق بالمسيرة العملية فقد عملت موظفا اداريا في محكمة استئناف محافظة عمران لمدة ست سنوات قبل التعيين في القضاء.

كما عملت قاضيا في المحكمة التجارية بأمانة العاصمة لمدة تسع سنوات، وعضوا في هيئة التفتيش القضائي لمدة عام، وعملت رئيسا لمحكمة جنوب شرق الامانة الابتدائية لمدة عامين، وحاليا رئيسا للمحكمة التجارية بأمانة العاصمة.

 

○ من خلال مسيرتكم العلمية والعملية في المجال القضائي على مدى السنوات الماضية كلنا ثقة انكم اصبحتم بمثابة خبراء تمتلكون المعرفة والخبرة التراكمية في هذا الميدان واصبح لديكم احاطة بمكامن النجاح والخلل في العمل القضائي برأيكم هل هناك تناسب مقبول بين النقيضين اقصد النجاح والفشل في عمل القضاء والقضاة وتحديدا في منصة الحكم؟

في مجال عمل القضاء والقضاة وفي منصة الحكم تحديدا لا مجال للحديث عن الفشل بتاتا، ولا مجال لأي مقارنة بين النجاح والفشل، فالفشل لا محل له في عمل القاضي ومنصة حكمه، لان الحديث عن الفشل في عمل القاضي معناه الحديث عن انتفاء العدالة في احكام القاضي، وهذا غير مقبول، ولا نتصور وجوده في ساحة القضاء، إلا في حدود ضيقة جدا، وليس متعمدا، وانما من باب كون ذلك القاضي اجتهد فأخطأ فقط، فالوصف الذي يجب دائما ان يوصف به عمل القضاء والقضاة في منصة الحكم هو النجاح، والمقارنة التي يمكن الحديث عنها هي بين النجاح وقمة النجاح، وهنا يمكن القول ان التناسب بين هذين الوصفين المتوافقين في عمل القضاء والقضاة في منصة الحكم يعد مقبولا.

 

○ افتراضا او طموحا هل تعتقدون ان هناك عوامل او اسباباً رئيسة او اساسية تحقق النجاح او يكون انعدامها سببا للفشل في العمل القضائي وما هي ابرز تلك العوامل؟

‌‌لاشك ان هناك أسباباً وعوامل أساسية لتحقيق النجاح والسير نحو الوصول الى قمة النجاح في العمل سواء كان عملا إداريا او قضائيا.

منها ما هو ذاتي متعلق بالأشخاص كالجدية والدقة في العمل والتنظيم والاجتهاد والثقة بالنفس والتركيز على الأهداف والغايات والانضباط الذاتي ووضع الخطط العملية، ومراعاة التخصص، ونبذ مبدأ المركزية الوظيفية، ومكافأة المبدعين، وتشجيع وتأهيل المهملين، وإعمال مبدأ الثواب والعقاب، والتعلم من الأخطاء والقدرة على التحمل والهدوء واستشعار مراقبة الله في كل خطوة يخطوها.

ومنها ما هو ذاتي خاص بالقضاة كما هو مبين في الآداب العامة للقضاء المقررة شرعا وقانونا.

وهناك عوامل نجاح مادية، ما يمكن خص القضاء منها عاملين مهمين:

الأول يتمثل في القوة والاقتدار من حيث اختيار وتأهيل العنصر البشري سواء كان إدارياً او قاضياً وتامين البنى التحتية والفنية لمقرات السلطة القضائية، وكفاية الموظف الإداري والقاضي، فالسلطة القضائية عموما تنال قوتها وتصل الى اقتدارها بالاستحكام الداخلي بإعداد وتأهيل الطاقات البشرية المناسبة والفاضلة والامينة والكفؤة وتوفير البنى التحتية والفنية المناسبة، وكفاية منتسبيها، ومواكبة التطور في جميع المجالات المرتبطة بالعمل القضائي، سواء في مجال تصحيح التشريعات او مجال الاستفادة من التقدم التكنولوجي في توصيل العدالة.

والعامل الثاني يتمثل في غرس الثقة بالقضاء في نفوس الناس ويمكن للقاضي ان يحقق ذلك من خلال بسط العدالة في احكامه واستشعار مراقبة الله في اعماله وتحكيم التقوى والنظرة الحيادية للخصومات المنظورة امامه وسرعة الفصل في الخصومات، كما ان من أوجه غرس الثقة بالقضاء بشكل عام ان لا تكون احكام القضاء محلا للتشكيك والنقد والتناول في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي.

والحديث عن عوامل النجاح كثيرة ولا يتسع المجال لحصرها هنا، مع تأكيدنا لما ذكرناه سابقا من ان انعدام او وجود القصور في تلك العوامل ليس معناه ان هناك فشلاً في العمل القضائي، فالنجاح كما أسلفنا هو الوصف المصاحب دائما للعمل القضائي، والدليل على ذلك ان القضاة انجزوا خلال فترة العدوان من القضايا اضعاف ما كان يتم إنجازه خلال مرحلة ما قبل العدوان، في ظل شحة وانعدام كثير من الإمكانيات المادية ومتطلبات العمل القضائي.

 

○ معلوم انكم تمارسون القضاء منذ سنوات كثيرة بمختلف تنوعات مواضيع القضايا سواء كانت مدنية او شخصية او جزائية او تجارية.. من خلال ممارستكم العمل القضائي هل تعطونا فكرة عن طبيعة كل نوع من هذه الانواع من حيث الخصوم والاجراءات ومدد التقاضي قانونيا وعمليا.

بالنسبة لطبيعة القضايا فالقضايا المدنية والشخصية والتجارية أطرافها دائما يكونون اشخاصاً طبيعية او اعتبارية ويحكم إجراءاتها جميعا قانون المرافعات والتنفيذ المدني، اما القضايا الجزائية فالطرف المدعي فيها دائما هو النيابة العامة ممثلة المجتمع ويحكم إجراءاتها بشكل خاص قانون الإجراءات الجزائية، ومن حيث السرعة والتطويل في الفصل في تلك القضايا فنعتقد ان ذلك يرجع الى طبيعة كل قضية على حدة، الا انه يمكن القول ان غالبية القضايا الشخصية وبعض القضايا المدنية والتجارية وغالبية القضايا الجزائية غير الجسيمة تعد قضايا بسيطة يمكن الفصل فيها بفترة زمنية وجيزة من شهر الى شهرين، وفي المقابل هناك غالبية القضايا الجزائية الجسيمة كالقتل وغيره وبعض القضايا المدنية كالشراكات العرفية والنزاعات المتعلقة بالأراضي في ظل ما كان قائماً من تساهل في نظام الامناء والتوثيق والتسجيل العقاري، وكذلك بعض القضايا التجارية مثل الشراكات والمضاربات العرفية وقضايا الحسابات المشتركة وتصفية الشركات التجارية لا شك انها معقدة ويستغرق الفصل فيها وقتا طويلا.

فمثلا عندما نتحدث عن القضايا التجارية آنفة الذكر نجد اطرافها يتعاملون لسنوات عجاف بالثقة دون توثيق مستندي لتلك التعاملات او اجراء حسابات بينهم، ثم تنهار تلك الثقة ويختلفون ويلجؤون الى المحكمة متناكرين في كل صغيرة وكبيرة، وهذا لا شك انه يستغرق وقتا في التحقيق والاثبات ووقتا لإجراء حسابات تلك السنوات العديدة من التعامل ناهيك عن الوقت المتطلب لأعمال التصفية ومن ثم قسمة حصيلة التصفية بين الشركاء، كذلك هناك نوع من القضايا الشخصية وهي قضايا قسمة التركات غالبا ما تكون معقدة لتعدد أطرافها وتعدد الدعاوى الفرعية التي تتفرع عنها مما يتبادله الورثة تجاه بعض من دعاوى بوصايا واختصاصات وهبات ونذور وشقيات وغيرها، غالبا ما يستغرق الفصل فيها وقتا طويلا.

كما ان نصوص قانون المرافعات لا تتلاءم مع طبيعة تحقيق تلك القضايا، الامر الذي ندعو معه المقنن لسن نصوص قانونية او لائحية خاصة تنظم إجراءات نظر هذا النوع من القضايا، وكذا النوع المشابه لها من القضايا التجارية المتعلق بتصفية الشركات والتي يجب ان يمنح فيها القاضي سلطة تسيير إجراءاتها بنظام الأوامر على عرائض وليس نظام الجلسات، وكذا منحه سلطة قاضي الموضوع وقاضي التنفيذ.

ويمكن القول بصفة عامة ان نظام تزمين الفصل في القضايا لم يقنن حتى الان الا بشان قضايا معينة كالدعاوى المستعجلة ويسير من دعاوى أخرى كدعاوى التأجير التمويلي وفقا للمادة (19) من قانون التأجير التمويلي، وبقدر ما ان التزمين لبقية القضايا يعد غاية ومطلبا يسعى اليه الجميع  قيادة وشعباً، وقد تضمن التعديل الأخير لقانون المرافعات في المادة (502 مكرر) نصا يوجب على مجلس القضاء تزمين القضايا، الا انه يتوجب ان يعطى الموضوع حقه من الدراسة والتمحيص ومراعاة طبيعة كل قضية وكل نوع من القضايا، وأن يتدخل المقنن قبل ذلك لتعديل القوانين المنظمة لإجراءات المرافعات باختصار الإجراءات المؤدية للتطويل مثل إجراءات الإعلانات المتعددة ومواعيد المسافة ومواعيد مباشرة بعض الإجراءات وآلية الرفع والفصل في الدفوع وغيرها، وأن يتم توفير البنية التحتية الملائمة لمقرات المحاكم بكافة صورها المادية والبشرية وان ترفد المحاكم بالعدد الكافي من القضاة، نظرا لكثرة القضايا الواردة الى المحاكم.

 

○ اعطى القانون اليمني خصوصية لبعض انواع او مواضيع القضايا كالقضايا التجارية والقضايا الجزائية والادارية وجرائم الفساد والمال العام…الخ. من خلال عملكم كقاض ثم رئيس محكمة تجارية بعد سنوات من العمل القضائي في القضاء العادي كيف تشخصون واقع القضاء العام والمتخصص وإلى أي مدى اصاب المشرع اليمني في انشاء القضاء المتخصص..

لقد أصاب المقنن اليمني عندما قنن انشاء المحاكم المتخصصة لنظر بعض أنواع القضايا، فلا ريب ان المحاكم النوعية المتخصصة تعد من ضمانات تحقيق العدالة السريعة، وتخفيف العبء الكبير الملقى على كاهل المحاكم العامة.

فالمحكمة المتخصصة تنظر في نوع واحد من القضايا، والقضاة المعينون فيها يكتسبون مهارة خاصة بذلك النوع من القضايا من خلال الالمام بالقضية المحددة وبالقوانين ذات العلاقة بها، وهذا بكل تأكيد ينعكس على عدالة ودقة الاحكام الصادرة عنها، والتي تحظى برضا المتقاضين وتزيد من ثقة المواطنين بمرفق القضاء، ونعتقد ان الجميع يدرك هذا من خلال تتبع اعمال المحاكم المتخصصة في اليمن كالتجارية والإدارية والجزائية والأموال العامة والضرائب والمرور والصحافة.

فمثلا المحكمة التجارية لا يختلف اثنان عما حققته من تدعيم حركية الاستثمار والتجارة وتحقيق الامن القضائي لدى طائفة التجار والمستثمرين.

 

○ من طبيعة القضاء التجاري الاستعجال كما نص على ذلك القانون..  ترى هل نعطي القارئ فكرة عن المبررات التي اسس عليها المشرع اليمني الاستعجال في نظر القضايا التجارية قياسا بغيرها من القضايا..

يتجلى الغرض والمبرر الرئيسي وراء انشاء محكمة تجارية متخصصة بالمنازعات التجارية في كون تلك القضايا لها طابع خاص وتختلف اختلافا كبيرا عن قضايا المعاملات الأخرى، فالتجارة بشكل عام تقوم على مبدأي السرعة والائتمان، والمعاملات التجارية تتصف غالبا بالبعد عن الإغراق الشكلي فتجد الكثير منها تبرم شفاهة او بالتلفون او عبر البريد الالكتروني، كما ان القضايا التجارية هي قضايا أطرافها البنوك والمصارف والشركات ورجال المال والاعمال والمستثمرون، وموضوعها معاملات البنوك وحسابات الشركات وضمانات الاستثمار والملكية التجارية والصناعية والفكرية والتجارة الدولية والنقل البحري والجوي والبري والتأمين والافلاس وغيرها من القضايا التي تجد من خلال سردها ان جميعها متعلقة بالمال والاعمال وحركية الاستثمار والتجارة التي يقوم عليها بنيان الاقتصاد الوطني وهذا يتطلب ضمانة عدلية لاستمرار ديناميكية الحركة الاقتصادية وازدهارها، بان يكون لتلك القضايا طابع خاص من حيث سرعة الفصل فيها، وان توجد محكمة متخصصة تكفل توصيل التاجر الى حقوقه بأسرع وقت ممكن، ولذا كان من الضروري انشاء المحاكم التجارية.

 

○ بكل تأكيد العمل الرئيس لكل رجل قضاء يمارس العمل القضائي هو نظر القضايا ومع ذلك هناك مناصب تجمع بين عمل القضاء وعمل الادارة كعمل رئيس محكمة او شعبة وباعتباركم رئيساً لمحكمة وقاضياً ايضا فإننا نتساءل عن آلية التوفيق بين العملين معا.. 

كما تعلمون ان المحاكم الكبيرة ذات النموذج (أ) خصوصا الواقعة في امانة العاصمة كالمحكمة التجارية يزدحم فيها العمل القضائي وعمل الإدارة بشكل كبير جدا، ويتحمل عبء عمل الإدارة رئيس المحكمة الى جانب العمل القضائي المتمثل في قضاء التنفيذ بالإضافة الى قضايا موضوعية، ويكون التوفيق بين العمل القضائي والإداري الملقى جميعه على عاتق رئيس المحكمة من خلال إدارة الوقت وتنظيمه، بتخصيص ساعات يومية او أيام معينة لعمل الإدارة وأخرى للعمل القضائي.

 

○ من واقع ما تمارسونه من عمل كقاض ورئيس محكمة ما هي ابرز الصعوبات والتحديات التي تواجهونها في العملين القضائي والاداري وما مدى تأثيرها السلبي على مسيرة العدالة وتيسيرها.. وما هي الآلية الصحيحة لمعالجة ذلك.

من أبرز الصعوبات والتحديات التي نواجهها في العملين القضائي والإداري، هي زيادة عدد القضايا المعروضة وقلة الكادر القضائي في المحكمة والذي لم يبق منهم سوى عشرة قضاة بعد ان كان عددهم ما بين (14) الى (18) قاضيا، وكذا قلة الكادر الإداري من أمناء السر والفنيين الطباعين المؤهلين تأهيلا كافيا، وشحة النفقات التشغيلية، وبالنسبة لآلية المعالجة فإنها تكون بتوفير تلك الاحتياجات بالشكل الكافي.

 

○ ما هي طبيعة العلاقة بين القاضي ومعاوني القضاء الاداريين وأمناء السر وحتى الكادر الفني في المحاكم؟ وكيف تقيمون العلاقة القائمة واقعا بين الجانبين في إطار المحكمة التجارية..

تعد علاقة الرئيس بمرؤوسيه هي حجر الأساس لنجاح العمل في أي مرفق، وفي مجال القضاء تزداد أهمية ترسيخ تلك العلاقة بين القاضي ومعاونيه، فلا يستقيم عمل القاضي ومرفق المحكمة الا بوجود أولئك الاعوان المتمثلين بالكتاب والمحضرين والطباعين والفنيين، ومن هذا المنطلق فالواجب ان تكون علاقة القاضي بمعاونيه مبنية على الثقة والاحترام وحسن الظن وتغليب المصلحة العامة، والالتزام بأحكام القوانين واللوائح المنظمة للعمل، وإعمال مبدأ الثواب والعقاب، بما يكفل انضباط وانتظام العمل القضائي وحسن سير العدالة، وانتظامهم في أعمالهم، وعلاقة القضاة بمعاونيهم في اطار المحكمة التجارية هي في اطار ما ذكر انفا ونقيمها بالعلاقة الممتازة الا فيما ندر والنادر لا حكم له.

 

○ فيما يتعلق بالإنجازات خلال النصف الاول والربع الاول من النصف الثاني كيف تقيمون مستوى الانجاز في المحكمة التجارية.. وكيف هو تقييمكم لمستوى الاداء القضائي والاداري فيها خلال هذه الفترة.. هل انتم راضون عن ذلك..

فيما يتعلق بالإنجازات خلال النصف الأول والربع الأول من النصف الثاني للعام 1444هـ في المحكمة التجارية يعد مرضيا في نظرنا.

ففي الجانب القضائي فصلت المحكمة التجارية خلال تلك الفترة في (2.126) قضية موضوعية، ونفذت (805) أحكام قضائية، رغم ما اسلفنا ذكره من قلة الكادر القضائي في المحكمة الذين لم يبق منهم  خلال عام 1444هـ سوى عشرة قضاة فقط، ولاشك اننا راضون بذلك الإنجاز.

 

○ وهل تجدون اختلافا ايجابيا بين انجازات العام الماضي وهذا العام ام العكس..

اذا نحن قارنا ذلك بين إحصائية انجاز المحكمة للعام الماضي لذات الفترة المشار اليها، والتي كان يعمل خلالها في المحكمة اكثر من ثلاثة عشر قاضيا وبين إحصائية الإنجاز لهذا العام سنجد ان ما انجز هذا العام يفوق الانجاز في العام السابق الذي بلغ انجاز القضايا فيه (2.125) قضية موضوعية، وتنفيذ (691) حكماً، ولا يختلف الحال في الجانب الإداري، إذ ان لهم دوراً في ذلك الإنجاز من القضايا الموضوعية والتنفيذية، كون العلاقة بين القاضي ومعاونيه كما اسلفنا علاقة تكاملية.

ومن المنجزات الجوهرية أيضا في المحكمة لهذا العام:

  • انشاء وحدة خدمة الجمهور وتفعيلها لخدمة الجمهور باستقبال المعاملات وبتزويدهم بالبيانات والمعلومات عن قضاياهم من واقع النظام القضائي.
  • تم ارشفة ملفات القضايا القديمة المتعلقة بالفترة من 1976م الى عام 1990م في أرشيف المحكمة بشكل نموذجي بعد ان كانت مرمية في شوالات وكراتين منذ ان تم النقل الى مبنى هذه المحكمة.
  • تم تفعيل وتصحيح وضبط الدورة المستندية للملف ابتداء من قلم الكتاب وانتهاء بالأرشيف.
  • تم تفعيل مراقبة الحراسات القضائية باستحداث سجل قيد وحصر قضايا الحراسة وبياناتها.
  • تم تفعيل موقع للمحكمة في موقعي التواصل الاجتماعي الواتساب والتيليجرام، تنشر فيهما قوائم الجلسات وكل ما يتعلق بالإعلانات العامة عن سير القضايا، كما تم البدء بتفعيل خدمة الإعلان الالكتروني الى المَوَاطن الالكترونية المختارة من قبل الخصوم.
  • تم بناء مكان توقيف واسع في المحكمة الى جانب المكان السابق مراعاة للاعتبارات الإنسانية للموقوفين.

 

○ شهدت المحكمة التجارية خلال السنوات الماضية تراكماً لبعض القضايا، الأمر الذي جعل قيادة الوزارة وكوادر المحكمة يستنفرون للقضاء على هذا التراكم برغم الظروف الصعبة التي يعيشها القضاء تحديدا والوطن عموما في ظل العدوان والحصار فكانت المحكمة على موعد مع حملة عمل مكثفة بداية من اواخر شعبان الماضي وحتى اللحظة.. 

برأيكم هل كان لهذا الاستنفار أثر إيجابي في التغلب على مشكلة تراكم القضايا القديمة؟ وإلى أي مستوى كانت النتيجة مرضية؟

تصحيحاً للسؤال: (المتراكم ليس القضايا) وانما المتراكم كان (تحصيل وطباعة الاحكام الصادرة في القضايا المنتهية).

لقد تراكم خلال السنوات الماضية عدد لا بأس به من القضايا التي لم تحصل وتطبع احكامها، نظرا لكبر احجام غالبية ملفات القضايا المنتهية، والذي ينعكس على الوقت المتطلب لتحصيل الملف وطباعة الحكم، خصوصا مع وجود عجز في عدد الطباعين في مركز المعلومات، مما استلزم منا التنسيق مع قيادة الوزارة ممثلة بمعالي الأخ وزير العدل الذي بادر مشكورا بالنزول الى المحكمة في أواخر شهر شعبان لقيادة حملة استنفار وفزعة عمل إدارية لتحصيل وطباعة تلك القضايا المتراكمة، والاستفادة من فترة العطلة القضائية في شهر رمضان المبارك.

○ نود ان تعطونا تفصيلات اكثر حول ما تم تحقيقه في هذا الجانب.

لا شك ان ذلك الاستنفار وتلك الفزعة كان لهما اثر إيجابي ملموس، فقد اثمرت تلك الفزعة عن انجاز اداريي المحكمة ترحيل وتحصيل وطباعة عدد كبير من القضايا المتراكمة، نذكر هنا إحصائية لما تم إنجازه كما يلي:

(2.053) ملفا منتهيا كانت احكامها قد حصلت من قبل رمضان وتم استكمال تجهيزها وتسديد السجلات بشأنها وترحيلها الى الأرشيف.

(600) ملف تم تحصيل وطباعة وتوقيع احكامها خلال شهر رمضان وارسال ملفاتها الى الأرشيف.

(488) ملفا تم تحصيل وطباعة احكامها خلال شهر رمضان وتبقى مراجعتها وتوقيعها من قبل القضاة، وقد انجز مراجعة وتوقيع عدد (147) حكما منها خلال الأسبوعين الاولين من الدوام عقب الاجازة القضائية وترحيلها الى الارشيف.

ومازالت جهود الموظفين قائمة ومتسارعة لإنجاز ما تبقى من تحصيل وطباعة بقية الملفات المنتهية، ونطمح خلال الشهرين المتبقيين من هذا العام القضائي 1444هـ ان ننجز ما تبقى من متراكم التحصيل والطباعة وصولا الى إحصائية صفرية لما هو قيد التحصيل والطباعة من القضايا المنتهية، وهنا لا يسعنا الا ان نسجل الشكر الجزيل لمعالي وزير العدل الذي كان انجاز ذلك المتراكم من التحصيل والطباعة من ثمار توجيهاته ومتابعته خلال شهر رمضان المبارك.

 

○ هل تعتقدون ان هذه التجربة ناجعة في كل المحاكم- التي بها قضايا قديمة متراكمة او تراكم في تحصيل وطباعة الاحكام وترحيل ملفاتها للأرشيف- يمكن ان تتحول الى خطة مجدية مثلا لمدة شهر او 45 يوما على مستوى جميع المحاكم حتى يتم القضاء على مشكلة التراكم في القضايا على المستوى الوطني..

لا شك ان اي فزعة لإنجاز اي عمل متراكم، بما يسهم في سرعة تحقيق العدالة وتقريبها الى الناس، يعد تجربة ناجحة يمكن تطبيقها في كل المحاكم، أيا كان نوع العمل المتراكم سواء قضايا منظورة من خلال رفد المحكمة المتراكم فيها القضايا بعدد من القضاة لإنجازها، أو أعمالاً إدارية كتحصيل الاحكام وطباعتها.

 

○ على طريق أتمتة العمل القضائي تمكنت الوزارة خلال الفترة من 2019 وحتى نهاية الربع الاول من هذا العام 2023م من انجاز الربط الشبكي لجميع محاكم الجمهورية بمختلف اختصاصاتها ودرجاتها.. من خلال عملكم القضائي والاداري هل كان لهذا الربط اثر ايجابي على العمل القضائي وتيسير الحصول على خدمة العدالة..

بالتأكيد كان للربط الشبكي لجميع المحاكم اثر إيجابي ملموس على صعيد العمل القضائي وتيسير الحصول على خدمة العدالة.

فمن خلال ما يقدمه النظام القضائي من بيانات وخدمات وتسهيلات سواء للمواطنين او للمختصين في العمل القضائي، فقد اصبح بالإمكان مراقبة الاعمال الإدارية والقضائية من خلال  التقارير والاحصائيات التي يظهرها ذلك النظام سواء من حيث قيد القضايا او ما تم اتخاذه فيها من إجراءات وصولا الى صدور الحكم ومن ثم تحصيله وطباعته وتوقيعه واستلام الأطراف نسخة منه، واصبح بإمكان المواطن ان يعرف المسار الاجرائي لقضيته من تاريخ قيدها حتى صدور حكم بات فيها، وبهذا الصدد فقد قمنا في المحكمة التجارية وبدعم قيادة الوزارة ممثلة بمعالي وزير العدل خلال هذا العام بعدد من الاعمال المرتبطة بتفعيل النظام القضائي بشكل كامل وهي:

– تم تصحيح مدخلات النظام القضائي التي كانت معلقة للفترة من عام 1430هـ إلى 1443هـ لعدد يفوق (3000) قضية باعتبار ان المحكمة التجارية هي اول المحاكم التي ادخل اليها النظام في نهاية التسعينات، ونظرا لان بيانات النظام ونوافذه حينها لم تكن مستوعبة كل مفردات العمل القضائي فقد ظل كثير من القضايا المدخلة معلقة في النظام انها قيد النظر، وتم معالجتها وفق مصير كل قضية لتتطابق إحصائية القضايا في النظام مع الواقع 100%

– تم مطالبة مركز المعلومات بالوزارة لفتح نوافذ لقضايا المنازعات ونوافذ لإجراءات التنفيذ وبفعل توجيهات معالي الوزير في هذا الجانب تم فتح تلك النوافذ وتجريبها في المحكمة التجارية وتم ادخال جميع قضايا المنازعات التنفيذية في النظام وتصحيح وإدخال بيانات إجراءات التنفيذ.

–   تم معالجة المشاكل الفنية التي كانت في النظام القضائي واهمها التعليق وعدم السرعة.

– تم تفعيل ادخال البيانات في بعض نوافذ النظام القضائي مثل محاضر تسليم الاحكام وارشفة الاحكام بنظام بي دي اف.

 

○ كثيرا ما نسمع دعوات ومطالبات تنادي بإعطاء الكادر الاداري في السلطة القضائية ميزة سواء في التقدير المادي او التوصيف الوظيفي يتناسب مع خصوصية الوظيفة التي يشغلونها كونها تختلف الى حد كبير عن طبيعة الوظيفة الادارية برأيكم هل تجدون مبررا لهذه الدعوات او المطالب؟ نرجو التوضيح..

نعتقد ان هذه الدعوات والاقتراحات في محلها، فطبيعة العمل الموكل للكادر الإداري المعاون للقضاء يختلف اختلافا كبيرا وجوهريا عما يوكل لأقرانهم في المؤسسات الأخرى، من حيث المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم، ومن حيث ما تتطلبه وظيفتهم تلك من اعمال خارج الدوام الرسمي قد يستمر الى ساعات متأخرة من الليل في تسديد السجلات وتحصيل ملفات القضايا وطباعة احكامها، وما يستوجبه ذلك العمل من نزاهة.

 

○ التساؤلات كثيرة ولكن الوقت لا يسعنا للحصول على كل الإجابات عنها ولذلك نأمل ان يكون لنا لقاء آخر نستطيع من خلاله ان نستكمل تساؤلاتنا إن قدر الله لنا ذلك.. ولكن لا يسعنا في الختام الا أن نشركم على تفاعلكم معنا في هذا الحوار الذي كنا وعدناكم ان لا يتجاوز دقائق معدودة.. ونعتذر منكم عن الاطالة فيه كما نعبر لفضيلتكم عن امتناننا لحسن التعامل وسعة الصدر الذي وجدناه في شخصكم الكريم.

أهلاً وسهلاً بكم وبصحيفة القضائية في أي وقت وما نرجوه فقط هو ان ييسر الله لنا وقتا لمثل هذا اللقاء.

Loading