كتابات

أهمية التنسيق والتعاون بين القضاة والمحامين كشركاء في تحقيق العدالة وتثبيت سيادة القانون

المحامي/ محمد حسين لقمان

لا شك أن الخطوة المهمة التي خطاها الأخ وزير العدل القاضي/ نبيل ناصر العزاني بدعوته اللقاء الذي تم بين قيادة الوزارة والنقابة بتاريخ 21/1/2022م والذي تركز حول ضرورة تفعيل مبدأ الشراكة والتنسيق بين السلطة القضائية ونقابة المحامين وانهاء حالة القطيعة وعدم التنسيق والتعاون القائمة بين السلطة القضائية ونقابة المحامين باعتبار المحامين شركاء القضاء في تحقيق العدالة وهي الشراكة التي تضمنتها قوانين السلطة القضائية والقوانين الإجرائية ونص على أحكامها وحدد مظاهرها قانون المحاماة في أكثر من عشر مواد من مواد ونصوص القانون والتي لا يمكن لمهنة المحاماة أن تقوم بواجباتها وأهدافها المنصوص عليها في المادة (4)  من قانون المحاماة إلا من خلال تفعيل وإحياء مبدأ الشراكة والتعاون والتنسيق مع السلطة القضائية لخدمة العدالة وتيسير الوصول اليها وتطبيق مبدا سيادة القانون تلك الشراكة التي افترضها قانون  المحاماة وقانون السلطة القضائية وقانون المرافعات والتي رغم أهميتها وضرورة وجوبها لا يؤمن بها كثير من القضاة ولا يلتزمون بتطبيقها في نظرتهم أو تعاملهم مع المحامين رغم أن هذه الشراكة بين القضاء ومهنة المحاماة تمثل مسئولية على عاتق المحامين ومهنتهم وهي مسئولية عظيمة ومقدسة وشرف لمهنة المحاماة لإنهاء شراكة لتحقيق أنبل وأقدس غاية يحملها الانسان على كوكب الأرض منذ أن استخلفه الله عليها تلك الغاية نشر وتطبيق العدل بين الناس والتي  تتمثل بسعي مهنة المحاماة بالشراكة مع المؤسسات القضائية لتطبيق مبدأ سيادة القانون.

إن غياب مظاهر الشراكة بين القضاة والمحامين وعدم تفعيل مظاهرها بالخطوات التي رسمها قانون المحاماة وأكدتها قوانين التقاضي الإجرائية قد انعكست آثارها السلبية في علاقة القضاة بالمحامين رغم أنهما جناحي العدالة المفترض ولا يستطيع القضاء المستنير أن يحقق العدل بين الخصوم إلا بوجود الدور المنوط  بمنتسبي مهنة المحاماة والذين لا يستطيعون القيام بدورهم في خدمة العدالة إلا بتفعيل وتطبيق مبدأ الشراكة والتعاون بينهم وبين القضاء تلك الشراكة والتنسيق والتعاون قد حدد مظاهرها قانون المحاماة  في نصوصه من خلال خطوات وإجراءات عدة أبرزها:

  • نصت المادة (4) من قانون المحاماة على أن تضطلع مهنة المحاماة بالأهداف الرئيسية التالية:

1- العمل على تطبيق القانون من خلال المساهمة مع أجهزة القضاء والنيابة العامة في إرساء وتثبيت سيادة القانون.

2- المساهمة مع أجهزة القضاء والنيابة العامة من أجل تيسير سبل العدالة وتبسيط إجراءات التقاضي وإزالة العراقيل والتعقيدات أمام المتقاضين.

3- نشر الوعي القانوني وتطوير الفكر القانوني والمساهمة في تطوير التشريع.

4- العمل على تحقيق ضمان حرية ممارسة المهنة لتحقيق العدالة.

5- تقديم المساعدة القضائية لغير القادرين.

6- تثبيت وتطوير تقاليد ممارسة المهنة.

7- الدفاع عن مصالح النقابة وإعداد وتدريب أعضائها وتقديم الخدمات اللازمة وتنظيم معاش الشيخوخة والعجز والوفاة بما يتفق والقوانين النافذة.

8- التعاون مع النقابات المهنية والمنظمات المماثلة في الداخل والخارج في سبيل تبادل الخبرات ونصرة قضايا الحرية والعدالة والسلام الخ ….. ومن خلال استعراض حكم المادة (4) من قانون المحاماة وما تضمنته من مهام وواجبات على عاتق المحامين في سبيل تحقيق أهداف المهنة تتضح الحقائق التالية: –

الحقيقة الأولى: أن المهام والاهداف التي يلتزم بها المحامون لا يمكن تحقيق أي منها الا من خلال التنسيق والتعاون مع أجهزة السلطة القضائية ومؤسساتها وأن تلك المهام تهدف إلى تيسير سبل العدالة وتبسيط إجراءات التقاضي وإزالة التعقيدات والعراقيل امام المتقاضين تلك هي الأهداف العظيمة والمهام الجليلة التي يناط بالمحامين تحقيقها من خلال أجهزة القضاء والنيابة العامة ولكن اذا ما طرح السؤال عن مدى قيام المحامين أو مساهمتهم مع القضاء في تبسيط إجراءات التقاضي وتقديم العدالة الميسرة للمتقاضين فإن الجواب سيكون للأسف سلبيا .

الحقيقة الثانية: أن هناك قطيعة متواصلة بين شركاء العدالة وترسيخ لحالة الا تعاون ولا تنسيق رغم الشراكة في الهم والغايات بل ورغم أن ذلك يمثل إهداراً لنصوص قانونية يستند إليها القضاة والمحامون على اننا لا نرى مبرراً أو سببا لهذه القطيعة وعدم التنسيق والتعاون على قاعدة الاستقلال وعدم التدخل في الشئون الخاصة لكل منهما ومن المؤسف أن لا يدرك طرفا الشراكة الآثار السلبية التي تركتها القطيعة وعدم التنسيق والتعاون والتي يأتي في  مقدمتها ونتيجة مباشرة لها النتائج السلبية التالية:

1-  سوء التفاهم وتزايد حالات الاعتداء  والأخطاء والتجاوزات التي يتعرض لها المحامي من قبل كثير من القضاة والتي تصل إلى حبس المحامين وحجز حريتهم وحالات ا لمنع من الترافع بل والإحالة إلى الجزائية المتخصصة.

2- تزايد حالات التوتر والشكوى والنظرة العدائية بين بعض القضاة والمحامين.

3- تزايد واستمرار حالات الفساد والعبث بقضايا الناس وإهدار حقوق المتقاضين من قبل بعض القضاة وبعض المحامين دون الوقوف أمامها ومعالجتها بالتفاهم بسبب حالة القطيعة وعدم التنسيق والتعاون.

ومن خلال ما تقدم يتضح حكمة المشرع وصوابيه مسلكه عندما نص في قانون المحاماة في المادة (4) على ربط أهداف المهنة ومهامها بالمساهمة والشراكة مع أجهزة السلطة القضائية ومؤسساتها وكذلك ما نص عليه في المادة (132) من قانون المحاماة على ان يكون أداء المحامين لليمين عند ترفيعهم  أمام وزير العدل وبحضور نقيب المحامين وأعضاء مجلس النقابة هذا الإجراء المعطل مع الأسف الشديد تبدو أهميته كمظهر من مظاهر الشراكة بين المحامين والسلطة القضائية والذي يوصل من خلاله رسالة لكل القضاة بأن المحامين جزء منهم وقد يغني في تغيير قناعة القضاة ونظرتهم عن العديد من النصوص القانونية ولهذا فلا غرابه ان تجد كثيراً من القضاة ينظر لقانون المحاماة ونصوصه شاناً خاصاً بالمحامين  بل ويعتبر نفسه غير معنى بتطبيقه ولا غرابه أيضا ان تجد كثيراً من القضاة ينظرون  إلى المحامي نظرة شك وارتياب فيما يطرح.

4- ومن الآثار السلبية للقطيعة بين القضاء والمحاماة افتقاد السلطة القضائية للدور الهام المفترض قيام المحامين به سوافي التطويرالتشريعي اوفي التقييم والتشخيص لاوضاع القضاء ونشاطه واسباب تعثره من خلال تقديم الدراسات والأبحاث.

Loading