كتابات

عدالة الأحداث

أضواء على القانون

ق.د. نجيب محمد الهاملي*

نصوص قانونية تحتاج إلى أهمية التوفيق بين مضامينها لما تفتضيه مصلحة عدالة قضاء الأحداث والتطبيق السليم للقانون ومعالجة جوانب الاختلاف القائم فيما تقضي به الأحكام القضائية بهذا الخصوص من محكمة إلى أخرى.

بمقارنة نصوص المواد رقم ( 27 ، 37 ، 38 ) من قانون رعاية الأحداث وتعديلاته لعام 1997م والمادة رقم (31 ) من قانون الجرائم والعقوبات يتبين على وجه الخصوص بان الحدث الذي أرتكب جريمة وكان وقت ارتكابها قد بلغ السابعة ولم يتجاوز سنه الرابعة عشر سنة، فانه لا يجوز الحكم عليه بأي عقوبة من العقوبات المقررة في قانون الجرائم والعقوبات، فيما عدى المصادرة وإغلاق المحل، ولا يحكم عليه أيضا بالعقوبة المقررة في المادة ( 37 ) من قانون رعاية الأحداث وإنما يحكم عليه بتدبير واحد فقط من التدابير المقررة في نص المادة (36) من قانون رعاية الأحداث وكل هذا واضح بمقارنة مضمون المادة (27) مع مضمون نص المادة (37) من قانون رعاية الأحداث، وبالتالي فإن تطبيق نص المادة 37 من قانون الأحداث تقتصر فقط على الحدث الذي يرتكب الجريمة وكان عمره وقت ارتكابها يزيد عن الرابعة عشر، ولم يتجاوز الخامسة عشر سنه وبهذا يتضح بان ما ورد في نص التعديل عام 1997م للفقرة (أ) من المادة 37 من قانون الأحداث بعبارة ( الحدث الذي لم يكمل سنه (14) سنه و…. الخ ) فإن ذلك فيما يبدو خطأ في الصياغة القانونية لتلك العبارة التي تتناقض تماما مع صريح نص المادة (27 ) من ذات قانون رعاية الأحداث النافذ والتي رتبت على صدور أي حكم بإيقاع عقوبة على المتهم (الحدث) باعتبار أن سنه جاوزت الرابعة عشر ثم ثبت بأوراق رسمية أنه لم يجاوزها فيرفع رئيس النيابة المختص الأمر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لإعادة النظر فيه وإلغاء الحكم وفقاً للقانون .، أي انه لا يحكم باي عقوبة – ما عدى المصادرة وإغلاق المحل – على من لم يتجاوز عمره الرابعة عشر سنة وإنما يحكم عليه بتدبير واحد من التدابير المنصوص عليها في قانون الأحداث فقط المقررة في المادة (36) من قانون رعاية الأحداث .

ولمزيد من الإيضاح نورد نصوص تلك المواد القانونية على النحو التالي: 
1- ينص قانون رعاية الأحداث وتعديلاته على التالي:
مادة (37): مع عدم الإخلال بما تفتضيه أحكام الشريعة الإسلامية:
‌أ- إذا ارتكب الحدث الذي لم يكمل سنه (14) سنه ولا تتجاوز (15) سنة جريمة عقوبتها الإعدام يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن (3) ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات.
‌ب- في سائر الجرائم الأخرى يحكم على الحدث بعقوبة لا تزيد على ربع الحد الأقصى للعقوبة المقررة لكل جريمة قانوناً.

مادة (27) : أ ـ إذا حكم على متهم بعقوبة باعتبار أن سنه جاوزت الرابعة عشر ثم ثبت بأوراق رسمية أنه لم يجاوزها رفع رئيس النيابة المختص الأمر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لإعادة النظر فيه وفقاً للقانون وإذا حكم على متهم باعتباره جاوز سن الخامسة عشر ثم ثبت بأوراق رسمية أنه لم يجاوزها رفع رئيس النيابة المختص الأمر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لإعادة النظر فيه والقضاء بإلغاء حكمها وإحالة الأوراق إلى النيابة للتصرف فيها ، وفي الحالتين السابقتين يوقف تنفيذ الحكم ويجوز التحفظ على المحكوم عليه طبقا لأحكام هذا القانون.

مادة (38): إذا أرتكب الحدث جريمتين أو أكثر وجب الحكم عليه بتدبير واحد مناسب حتى ولو ظهر بعد الحكم بالتدبير أن الحدث ارتكب جريمة أخرى سابقه أو لاحقه على ذلك الحكم قبل تنفيذه.

2- في حين أن قانون الجرائم والعقوبات النافذ ينص على التالي:

مادة (31): لا يسأل جزائيا من لم يكن قد بلغ السابعة من عمره وقت ارتكاب الفعل المكون للجريمة وإذا أرتكب الحدث الذي أتم السابعة، ولم يبلغ الخامسة عشرة الفعل أمر القاضي بدلاً من العقوبة المقررة بتوقيع أحد التدابير المنصوص عليها في قانون الأحداث. فإذا كان مرتكب الجريمة قد أتم الخامسة عشرة ولم يبلغ الثامنة عشرة حكم عليه بما لا يتجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانوناً، وإذا كانت هذه العقوبة هي الإعدام حكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن عشرة سنوات وفي جميع الأحوال ينفذ الحبس في أماكن خاصة يراعى فيها معاملة مناسبة للمحكوم عليهم ولا يعتبر الشخص حديث السن مسئولاً مسئولية جزائية تامة إذا لم يبلغ الثامنة عشر عند ارتكابه الفعل، وإذا كانت سن المتهم غير محققة قدرها القاضي بالاستعانة بخبير.

حيث أن المادة (36) من قانون الأحداث المعدلة في قانون 1997م تنص على التالي:
(فيما عدى المصادرة وإغلاق المحل لا يجوز أن يحكم على الحدث الذي لا يتجاوز سنه عشر سنوات ويرتكب جريمة بأي عقوبة أو تدبير مما نص عليه في قانون العقوبات وإنما يحكم عليه بأحد التدابير الآتية:
1- التوبيخ: وهو توجيه المحكمة اللوم والتأنيب إلى الحدث على ما صدر منه وتحذيره بألاَّ يعود إلى مثل هذا السلوك مرة أخري.
2- التسليم: أ ـ وذلك بتسليم الحدث إلى أحد أبويه أو إلى من له الولاية أو الوصاية عليه، فإذا لم يتوافر في أيهما الصلاحية بالقيام بتربيته سلم إلى من يكون أهلاً بذلك من أفراد أسرته فأن لم يجد سلم إلى شخص مؤتمن يتعهد بتربيته أو إلى أسرة موثوق بها يتعهد عائلها بذلك.
ب- وإذا كان الحدث ذا مال أو كان له من يلزم بالإنفاق عليه قانوناً، وطلب من صدر الحكم بتسليم الحدث إليه تقدير نفقه له وجب على القاضي أن يعين في حكمه بالتسليم المبلغ الذي يحصل من مال الحدث أو يلزم المسئول عن النفقة وذلك بعد إعلانه بالجلسة المحددة ومواعيد أداء النفقة ويكون تحصيلها بطريقة الحجز الإداري ويكون الحكم بتسليم الحدث إلى غير الملزم بالإنفاق لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات.
3- الإلحاق بالتدريب المهني: ويكون بان تعهد المحكمة بالحدث إلى أحد المراكز المخصصة لذلك أو إلى أحد المصانع أو المتاجر أو المزارع التي تقبل تدريبه ولا تحدد المحكمة في حكمها مدة لهذا التدبير على ألاَّ تزيد مدة بقاء الحدث في الجهات المشار إليها على ثلاث سنوات.
4- الإلزام بواجبات معينه: ـ ويكون بحظر ارتياد أنواع من الأماكن أو المحال أو بغرض الحضور في أوقات محدده أمام أشخاص أو هيئات معينه أو المواظبة على بعض الاجتماعات التوجيهية أو غير ذلك من القيود التي تحدد بقرار من الوزير ويكون الحكم بهذا التدبير لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات.
5- الاختبار القضائي: وذلك بوضع الحدث في البيئة الطبيعية تحت التوجيه والإشراف ومع مراعاة الواجبات التي تحددها المحكمة ولا يجوز أن تزيد مدة الاختبار القضائي على ثلاث سنوات، فإذا فشل الحدث في الاختبار عرض الأمر على المحكمة لتنفيذ ما تراه مناسباً من التدابير الواردة في هذه المادة.
6- الإيداع في إحدى دور تأهيل ورعاية الأحداث وذلك بإيداع الحدث في إحدى دور الرعاية الاجتماعية للأحداث التابعة للوزارة أو المعترف بها منها وإذا كان الحدث ذا عاهة يكون الإيداع في مركز مناسب لتأهيله ولا تحدد المحكمة في حكمها مدة الإيداع، ويجب ألاَّ تزيد مدة الإيداع على عشر سنوات في الجرائم الجسيمة وثلاث سنوات في الجرائم غير الجسيمة وسنة في حالات التعرض للانحراف وعلى الدار التي أودع فيها الحدث أن تقدم إلى المحكمة تقريراً عن حالته وسلوكه كل ستة أشهر على الأكثر لتقرر المحكمة ما تراه بشأنه.
7- الإيداع في أحد المستشفيات المتخصصة وذلك بإلحاق الحدث أحد المستشفيات المتخصصة بالجهة التي يلقى فيها العناية التي تدعو إليها حالته وتتولى المحكمة الرقابة على بقائه تحت العلاج في فترات دوريه لا يجوز أن تزيد أي فتره منها على سنه يعرض عليها خلالها تقارير الأطباء وتقرر إخلاء سبيله إذا تبين لها أن حالته تسمح بذلك، وإذا بلـغ الـحدث سن (15 سنة) وكانت حالته تستدعي استمرار علاجه نقل إلى أحد المستشفيات المخصصة لعلاج الكبار).
هذا إيضاح مختصر وللموضوع مزيدا من التفاصيل والإضافات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نائب رئيس المكتب الفني بوزارة العدل سابقاً.

Loading