كتابات

وقف التنفيذ وجوبياً كأثر مباشر للطعن بالنقض

د: صادق يحيى العري*
لا شك أن ما نصت عليه المادة (294) من قانون المرافعات يمثل تميزاً عن بقية قوانين المرافعات في الوطن العربي، حيث تم تعديل النص السابق المادة (261) من القرار الجمهوري بالقانون رقم(28) لسنة 1992م، والتي كانت تنص على أنه: لا يترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الحكم وللمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه مؤقتاً إذا طلب ذلك في صحيفة الطعن وخيف من وقوع ضرر جسيم من التنفيذ يتعذر تداركه ويعين رئيس المحكمة جلسة لنظر هذا الطلب بناء على صحيفة يعلنها الطاعن مع صحيفة الطعن لخصمه، أو يتسلمها منه وتبلغ بها النيابة العامة، وعندما تأمر المحكمة بوقف التنفيذ ينسحب أمرها على جميع إجراءاته، التي اتخذت من تاريخ تقديم طلب وقف التنفيذ, ويجوز للمحكمة أن تأمر بتقديم كفالة أو بما يضمن صيانة حقوق المطعون ضده, ويلزم الطاعن بمصروفات طلب وقف التنفيذ إذا رفض طلبه.

وأصبح نصها الحالي برقم (294):

أ – يترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الأحكام وآثارها إذا كانت صادرة في المنازعات الآتية:
1- مسائل الأحوال الشخصية ما عدا ما استثني في هذه المادة.
2- المنازعات العقاريـــة.
3- المنازعات المتعلقة بالإزالة.
4- المنازعات المتعلقة بالحق المدني في القضايا الجنائية.
5- المنازعات المتعلقة بالمسائل الإدارية.

ب- فيما عدا ما تقدم لا يترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الحكم، وللمحكمة العليا أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب ذلك في صحيفة الطعن ورأت المحكمة مبرراً لذلك، ولها أن تأمر بتقديم ضمانة تكفل صيانة حقوق المطعون ضده، وعلى المحكمة أن تنظر طلب وقف التنفيذ خلال مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ رفع الرد على الطعن من المطعون ضده وعندما تأمر المحكمة بوقف التنفيذ ينسحب أمرها على جميع إجراءاته من تاريخ طلب وقف التنفيذ، وفي هذه الحالة على المحكمة أن تفصل في الطعن خلال خمسة أشهر من تاريخ الأمر بوقف التنفيذ.

وقد كان المبرر للتعديل من قبل لجنة العدل والاوقاف برئاسة الدكتور محمد مرغم كما يلي:

ن موضوع هذا المادة يعتبر من أهم موضوعات قانون المرافعات.. حيث يظهر فيه أثر رفع الطعن إلى المحكمة العليا على إجراءات التنفيذ كما أنه يبين ويحدد سلطة المحكمة العليا في الأمر بوقف التنفيذ والمادة (216) المذكورة في الأصل علقت هذا السلطة على شرط إجرائي واقف يتحدد في لزوم الطعن أمام المحكمة العليا في الحكم ثم قيدت هذه السلط بشرط موضوع غير يسير تحققه وهو شرط تحقق الخشية من وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه ونظراً لما سار عليه العمل من أن المحكمة العليا لم تعمل تطبيق المادة المذكورة بما تضمنته من أحكام وأن تنفيذ الكثير من الأحكام المطعون فيها أمام المحكمة العليا كان يتم قبل البدء في نظرها من قبل المحكمة العليا وإن الكثير من عمليات التنفيذ في الكثير من القضايا مما يتعذر أو يصعب إعادة الحال فيها إلى ما كان عليه قبل إجراءات التنفيذ ونظراً لمخاطر تعديل هذا المادة بما يؤدي إلى ترتيب وقف التنفيذ كأثر مباشر لرفع الطعن إلى المحكمة العليا من حيث أن ذلك سيؤدي إلى الاتي:
1. افتراض الشك والقصور وعدم الثقة في قضاء محاكم الدرجتين الأولى والثانية (الاستئناف).
2. خلق العوائق أمام حركة الاستثمار والنمو الاقتصادي بإحداث الشلل في أصل من الأصول التي تقوم عليها الحركة التجارية والمتمثل في السرعة واليسر للعمل.
3. المساس بالحكمة الأساسية من نظام التقاضي على درجتين وما يستتبع ذلك من إعادة النظر في الكثير من قواعد تنظيم التقاضي هذا وإذا كانت هذه المحاذير على سبل المثال ولتفادي الوقوع فيها وتجنيب الواقع العملي من المشاكل السابق الإشارة إليها فقد قامت اللجنة بدراسة العديد من الأنظمة واستقرار الواقع العملي وقررت إعادة تنظيم أحكام المادة المذكورة بحيث تم تقسيمها في مشروع التعديل إلى ثلاثة أقسام على النحو التالي:

القسم الأول: وفيه تم تحديد عدد من الأحكام الصادرة في بعض القضايا حصراً وتقرر منع تنفيذها مالم تصبح المحكمة ليست في حاجة لأن تصدر الأوامر بوقف تنفيذها كون وقف التنفيذ مقرراً يقوه القانون حتى صدور الحكم من المحكمة العليا هذا وقد قررت اللجنة أن إعادة الحال إلى ما كان عليه في مثل هذا النوع من القضايا إذا نقض الحكم من المحكمة العليا فإنه قد يصعب أو يتعذر بل أنه في البعض منها قد يستحيل.. ولذلك رأت اللجنة وقف تنفيذ الأحكام الصادرة فيها والمطعون فيها أمام المحكمة العليا.

القسم الثاني: وفي هذا القسم جعل للمحكمة العليا سلطة مطلقة في الأمر بوقف التنفيذ وتم رفع القيود التي قررتها المادة السابقة وروعي في هذا القسم المحافظة على القواعد العامة التي يقوم عليها قانون المرافعات ونظام التقاضي في نظامنا القضائي كما انه روعي في هذا القسم أيضاً تفادي المخاطر والمحاذير المشار إليها والمتعلقة بمقتضيات التوجه الاقتصادي الحديث لليمن، هذا وقد تم تقرير السلطة المطلقة – لاشتراط ما يلزم من الضمانات أو عدم اشتراطها على أي نحو تراه المحكمة العليا.

القسم الثالث: في هذا القسم تقرر منع المحكمة العليا من الأمر بوقف التنفيذ إذا ما كان الحكم الصادر في القضايا المحددة فيه قد أصبح نهائياً أي (حائزاُ لقوة الأمر المقضي) حتى لو طعن فيه أمام المحكمة العليا وطلب منها الأمر بوقف التنفيذ فلا يوقف التنفيذ نظراُ لكون القضايا المعنية بأحكام هذا القسم مما لا يحتمل التأخير فضلاً عن أنه يمكن جبر الضرر فيها وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل البدء في تنفيذ الحكم الحائز لقوة الأمر المقضي به.

وما نشاهد في الواقع العملي هو أن هناك لبساً لدى الغالبية من قضاة التنفيذ بين الفقرة (أ، والفقرة ب من نص المادة 294) مرافعات. حيث يتم رفض طلب وقف التنفيذ في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية ما عدا ما استثني في هذه المادة، المنازعات العقاريـــة، والمنازعات المتعلقة بالإزالة، والمنازعات المتعلقة بالحق المدني في القضايا الجنائية، والمنازعات المتعلقة بالمسائل الإدارية، بحجة أن صاحبة الولاية في الوقف هي المحكمة العليا.

وهذا لا سند له من القانون ويخالف الغاية التي ابتغاها المشرع من التعديل، كونه يترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الأحكام الصادرة في هذه المنازعات بقوة القانون وكأثر مباشر للطعن بالنقض، وقرار الوقف هو من ولاية قاضي التنفيذ، وما يصدر من قاضي التنفيذ بعد تقديم طلب الوقف المرفق به ما يدل على الطعن بالنقض في المنازعات التي نصت عليها الفقرة(أ) من المادة (294) يعتبر منعدما هو والعدم سواء. بعكس ما جاء في الفقرة (ب) من نفس المادة حيث جعل الوقف من ولاية المحكمة العليا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أستاذ قانون المرافعات والتنفيذ المدني.

 

Loading