كتابات

المأساة التي لم تبق للإنسانية معنى

دينا الرميمة
تدق وزارة النفط والمعادن ناقوس الخطر بقرب نفاد احتياطها من المشتقات النفطية منذرة بحدوث أزمة إنسانية خانقة في حال استمر تعنت العدوان باحتجاز السفن النفطية ومنع دخولها إلى ميناء الحديدة.

وزارة الصحة هي الأخرى تنذر بقرب دخول منشآتها الطبية والخدمية في المرحلة الحرجة خلال الأيام القليلة القادمة، بسبب نفاد المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل أجهزة العناية المركزة والغسيل الكلوي والأشعة والمختبرات ومصانع الأكسجين، معلنة عن توقف أغلب مشافيها عن العمل وتحول بعضها إلى مراكز إسعاف أولي!!

هكذا هو الحال في اليمن مأساة لم تبق للإنسانية معنى منذُ خمس سنوات وأكثر سببتها حرب عسكرية شعواء قتلت الحياة فيها ودمرت كل ماله صلة بحياة المواطن اليمني، أضف إلى جرائم يومية حصادها الكثير من الأرواح عن طريق الحرب الاقتصادية وحصار للدواء والغذاء والمشتقات النفطية التي تعتبر بلدنا غنية بها، فكان قدرها أن تقع في يد مرتزقة العدوان وأصبحت ايراداتها تصب لجيوبهم مما جعل اليمنيين يضطرون لاستيرادها من الخارج!!
ما يعني أن الحرب الاقتصادية تكاد تكون أكثر خطورة من الحرب العسكرية.

فسياسة التجويع والحصار الممنهج واختلاق الأزمات هي وسائل أخرى اتخذتها دول العدوان لقتل عدد أكبر من الشعب اليمني دون خسارة مال أو سلاح ولا منفذين أمام مرآ ومسمع من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية التي انحرف مسار عملها إلى دور سيئ يثبت أنها هي الأخرى ليست إلا سلاحاً آخر للعدوان وكثيراً منها تقوم بعمل استخباراتي لها، وأصبح دورها بالنسبة لنا نحن اليمنيين فقط رفع أرقام ومعدلات عمن تسميهم المحتاجين للمساعدات والإغاثة وتتحدث عن مؤشرات إنذار بدخول اليمن مرحلة الخطر وخط الفقر والمجاعة.

بينما تخلو تقاريرها من ذكر الأسباب التي أدخلت اليمنيين في هذه المرحلة الخطرة والحلول التي تنهي هذه المأساة والمتمثلة برفع الحصار وإنهاء الحرب.
التي اتخذتها وسيلة لجني الأموال من دول المانحين والتسول بمعاناة شعب بات على حافة الهاوية لتأتي فيما بعد مانحة إياه فتات ما جنته من المليارات على هيئة مواد إغاثية منتهية الصلاحية غالباً ما تهدد بقطعها.

مفارقات عجيبة تثير التساؤل حول الدور الأممي والمجتمع الدولي لما يدور في اليمن من تدمير ممنهج للأرض والإنسان مقابل بصمت خبيث منهم ورفض عمل أي حلول وخطوات جدية لمساعدة اليمن.

ما يدركه اليمنيون اليوم أن الأمم المتحدة ومبعوثها غريفيث لم يقدموا لهم شيئاً بحسب وظيفتهم التي يشغلونها وخاصة مساومتهم بالإفراج عن السفن المحتجزة مقابل عدم صرف نصف راتب من قبل حكومة الإنقاذ للموظفين!! ليكون ذلك شاهداً على زيف إنسانيتهم المزعومة التي لم تكن سوى غلاف يخفون به سوآتهم ودورهم الفعلي في هذه الحرب التي يفترض فيها حيادهم لكن رأينا انضمامهم الصريح إلى صف الطرف الآخر صامتين عن كل جرائمه وينددون ويدينون الضحية ويجرمونها في حال دافعت عن نفسها بضربات عسكرية كحق مشروع أحله لهم الله في قوله (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) وهذا ما يؤكده اليمنيون كحل سيجبر العدوان لإنهاء الحرب.

وصرح الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبد السلام كتحذير أخير لدول العدوان في حال استمرارهم بالحرب والحصار وعدم تجاوبهم لمبادرات السلام وما على شعبنا إلا الاستمرار في المواجهة محذراً النظام السعودي من التدخل السياسي وتغيير الحكومات، وفضح الدور الخبيث للأمم المتحدة التي لم تخرج من تحت العباءة الأمريكية والبريطانية – إلى اليوم- محذراً مبعوثها بأن أيامه ستطوى في حال استمر في تصرفاته تلك!!

خيار وحيد أمام هذا الصلف والإجرام من عدو متعجرف ليحظى برضى الصهاينة والأمريكان وينال مآربه من اليمن التي لن ولن يستطيع الوصول إليها طالما وزمام القوة اليوم في يد اليمنيين الرافضين للاستسلام مهما استمر أمد الحرب ومهما قدموا من تضحيات ومهما خذلهم العالم وغابت عن حضور مآسيهم قوانين الإنسانية وحقوقها.

Loading