كتابات

أهمية الإدارة القضائية

القاضي/ أحمد الكحلاني

تعد الإدارة القضائية من أهم الموضوعات في علم القضاء؛ لأن الغاية الأساسية المنشودة منها هي قيام المحكمة بالوظيفة الرئيسية المنوطة بها على أحسن وجه وأفضل أداء من خلال إعمال أنشطة الإدارة المختلفة التي ترتكز على ضمان الشفافية والعدالة والرقابة والاستقلال والثقة، ذلك أن الإدارة القضائية مجموعة من المهام والإجراءات المتعلقة بحسن استغلال الموارد المادية والبشرية بشكل فعال من أجل تحقيق الأهداف القضائية السامية والمتمثلة بفصل الخصومات وقطع المنازعات وإيصال الحقوق إلى أصحابها، ففي هذا الجانب تلعب المحاكم دوراً أساسياً في الحياة اليومية للمواطنين والشركات والحكومات، ومن هنا تأتي أهمية الإدارة القضائية حيث تساعد المحاكم في ترسيخ سيادة القانون والحفاظ عليه، لتمكين أفراد المجتمع من تنظيم حياتهم، فعندما يكون هناك سلوك منحرف عن القانون، توفر المحاكم مكاناً محايداً وموثوقاً به، يعمل على علاج هذا الانحراف.

إن أهمية الإدارة القضائية تتمثل في أنها تحرص على تذليل الإجراءات وتسهيل الحصول على العدالة، وسهولة البدء في الإجراءات القانونية (بما في ذلك رسوم معقولة لفتح ملف القضية وغيرها من التكاليف والحصول على محام ومترجم أيضاً إذا لزم الأمر) واستخدام مرافق المحكمة على نحو فعّال والحصول على معلومات دقيقة وكاملة عن العملية القضائية ونتائج القضايا.

كما أن من شأن الإدارة القضائية هو تعزيز الثقة مع الجمهور وذلك من خلال التقيد بالمواعيد القضائية بشكل يعكس التوازن بين الوقت اللازم للحصول على الأدلة وتقديمها وتفنيدها على النحو الصحيح، وكذلك تقييم القانون والمرافعات أو التأخير غير المبرر بسبب عدم كفاءة الإجراءات أو عدم كفاية الموارد.

في المقابل تلعب التكنولوجيا الحديثة دوراً هاماً في تسهيل الإجراءات بصفة عامة، وأمام القضاء بصفة خاصة من حيث توفير الوقت والجهد والمال على المتقاضين وعلى الدولة، وهو ما تنبهت له دول عديدة أجنبية وعربية ومنها اليمن، حيث قامت جميعها بإعداد خطط لتطوير مرافق القضاء بها، وإمكانية استخدام التكنولوجيا الحديثة في تحقيق العدالة السريعة الناجزة، خصوصاً الخطوات المتعلقة بقيد الدعوى، وتقديم المستندات وأدلة الإثبات التي يركن إليها المدعي، والسداد الإلكتروني للرسوم القضائية، والإعلانات والإخطارات القضائية للخصوم ولممثليهم، وهو ما يعني التحول الرقمي والانتقال من الإدارة القضائية التقليدية إلى الإدارة القضائية الإلكترونية، الأمر الذي سيسهم بشكل كبير في جودة الخدمات القضائية وتحقيق العدالة الناجزة.

إن تحول الإدارة القضائية من إدارة تقليدية إلى إدارة رقمية يحتاج إلى توفير البنية التحتية المادية والتشريعية، التي تمكن من استقرار العمل الإلكتروني وديمومته.

ونحن في اليمن نستطيع القول بأن القضاء اليمني قد اجتاز مرحلة متقدمة في عملية الأتمتة القضائية بتوفير جزء كبير من العنصر المادي المتمثل في المستلزمات وتجهيزات الربط الشبكي استطاع من خلالها ربط جميع المحاكم شبكياً بالنظام القضائي ولعدد (204) محاكم ابتدائية واستئنافية في عموم المحافظات.

أما على الصعيد التشريعي فقد قام المشرع اليمني بوضع اللبنة الأولى في البناء الإلكتروني حين قام بتعديل المادة (105) من قانون المرافعات، ومنح أطراف النزاع حرية تحديد الوسيلة الإلكترونية لإعلانهم بالأوراق والمواعيد القضائية ونسخة من الأحكام، وأجاز لهم استخدام أرقام هواتفهم أو إيميلاتهم أو أي وسيلة إلكترونية أخرى لإعلانهم عبرها.

إن هذه الخطوة مهمة ونحث المشرع اليمني إلى بذل الوسع والاجتهاد؛ حيث ما زال النظام القضائي المستخدم حالياً في المحاكم محتاجاً إلى المزيد من الخطوات التشريعية والتعديلات القانونية.

وفي هذا المقام لا يفوتنا الإشادة بالجهود المبذولة في إعداد اللائحة التنظيمية للمحاكم الصادرة بقرار وزير العدل رقم (195) لسنة 2009م، كونها تطرقت إلى تنظيم أعمال الإدارة الإلكترونية في وقت مبكر وكانت السباقة في هذا المجال، حيث قامت بإنشاء قسم تقنية المعلومات القضائية في المحاكم وحددت مهامه واختصاصاته في العمل القضائي.

أسأل الله تعالى أن تأتي مناسبة يوم الشهيد في العام القادم وقد قطعت الوزارة شوطاً كبيراً في إكمال أعمال الأتمتة القضائية.

 

 

Loading