كتابات

ميراث الغرقى والهدمى

د عبد الوهاب محمد السادة

أستاذ القانون الدولي الخاص المساعد بجامعة تعز

محامٍ أمام المحكمة العليا

يقصد بالموت الجماعي بأنه: الموت الحاصل للأفراد الذين بينهم سبب من أسباب الميراث ويدركهم الموت بشكل جماعي في الظرف أو الحادث نفسه، فيموت هؤلاء دفعة واحدة أو بالتتابع، مع الجهل بتاريخ وفاتهم، وعدم العثور عليهم إلا بعد مفارقة الروح للجميع، فإن علم موت أحدهما بعد الآخر، ولو بتقرير طبي فيرث المتأخر المتقدم باتفاق الفقهاء، وأما إن علم موتهما معا في آن واحد، ولا سبق لأحدهما، فالأمر واضح ألا توارث بينهما، باتفاق الفقهاء كذلك، وإن جهل سبق أحدهما: فقد اختلف الفقهاء في ذلك على النحو الآتي:

الرأي الأول: عدم التوريث

يرى هذا المذهب أنهم لا يتوارثون فيما بينهم، وإنما يكون ميراثهم لورثتهم الأحياء   وهو مذهب أبي بكر الصديق، وزيد بن ثابت، وابن عباس ، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وإليه ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية  والمالكية  والشافعية ، وهو ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية الأردني، قال في الرحبية: فلا تورث زاهقاً من زاهق، لأن قتلى اليمامة وصفين والحرة لم يورث بعضهم من بعض؛ بل جعل إرثهم لورثتهم )عن زيد بن ثابت قال: أمرني أبو بكر حين قتل أهل  اليمامة؛ أن يورث الأحياء من الأموات، والا أورث بعضهم من بعض)، وإن أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب توفيت هي وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في يوم واحد، ولم يدر أيهما مات قبل، فلم ترثه ولم يرثها، ولأن الإرث مبنى على اليقين بسبب الاستحقاق وشرطه هو تحقق حياة الوارث عند موت  المورث، وهذا الشرط ليس بمتحقق هنا؛ إن توريث بعضهم من بعض يلزم منه التناقض.

الرأي الثاني:

ويرى هذا المذهب أنهم يتوارثون وهو مذهب عمر، وعلي، وابن مسعود وهو الصحيح من مذهب الحنابلة وأخذ به قانون الأحوال الشخصية اليمني والمال الذي يتوارثه الموتى في هذه الحال هو المال القديم، دون الطريف، وهو المال الجديد المستحدث، الذي يمكن أن يرثه ممن مات معه، فيرث كل واحد منهما من الآخر من قديم ماله الذي مات وهو يملكه، دون الطريف وهو المال الذي انتقل إليه ممن مات معه، وذلك منعاً للدور، ولئلا يرث الإنسان نفسه. وعملاً بالاستصحاب: لأن سبب استحقاق كل واحد منهما ميراث صاحبه، هو حياته بعد موت صاحبه، وقد عرفنا حياته قبل الحادث بيقين، فيجب أن نتمسك بهذا الأصل؛ وهو الحياة ونستصحبه، وسبب الحرمان موته قبل موت صاحبه، وهو مشكوك فيه، فلا يثبت الحرمان بالشك، إلا فيما ورثه كل منهما من صاحبه؛ لأجل الضرورة، وهي: أن توريث أحدهما من صاحبه يتوقف على الحكم بموت صاحبه قبله، فلا يتصور أن يرث صاحبه منه.

مادة (303) من قانون الأحوال الشخصية اليمني: (يورث الأموات من بعضهم بعضا إذا كانوا متوارثين فيما بينهم مع الأحياء الوارثين من أصل أموال الأموات التي يملكونها دون الموروثة من الميت الآخر حيث لا يورث ميت مما ورثه من ميت آخر ثم يورث الأحياء لكل مما كان متروكاً لمورثه في الأصل ومما جاء من الميت الآخر).

Loading