كتابات

وجوب اثبات تسليم الحكم للخصوم على النسخة الاصلية للحكم ذاتها

القاضي مازن امين الشيباني

المعمول به انه بعد صدور الحكم واكتمال طباعته وتوقيعه وختمه يحضر الخصم لاستلام صورة الحكم فيتم تصوير الحكم والختم عليه بختم طبق الأصل وعمل محضر استلام باليوم والتاريخ ويوقع الخصم على محضر الاستلام الذي يتكون من ثلاث نسخ، نسخة يتم حفظها في ملف القضية، ونسخة يتم ارفاقها بصورة الحكم المسلمة، ونسخة تحفظ لدى قلم الكتاب في ملف box .

وتعود اهمية اثبات واقعة تسليم الحكم وتوثيقها باليوم والتاريخ بسبب ان هذا التاريخ تبدأ معه مدة الطعن بالحكم بالسريان بمواجهة من تسلم الحكم.

الا ان هذه الطريقة مملة وشكلية ومتعبة ومن السهولة التحايل عليها.

موظف يكتب المحضر

وموظف يقيد بالسجل

وموظف يحفظ في البوكس …الخ

وهناك حيل من خلالها يستطيع الخصم ان يتحايل على هذه الطريقة ويمكن ان يخفي تماما ان مدة الطعن قد انتهت بحقه بسبب استلامه للحكم من سابق، وهذه الحيل لها طرق عديدة من بينها.

ان يفقد محضر الاستلام الذي يتم ارفاقه في ملف القضية اما بسبب سقوطه عند تصوير الملف او انه يضيع اثناء تنقل الملف من محكمة لمحكمة أخرى ومن موظف الى موظف آخر او قد يخرج من الملف بفعل فاعل.

ثم يحضر نفس الخصم الذي سبق وان استلم صورة من الحكم ويطلب صورة طبق الاصل جديدة من الحكم.

الموظف يستذكر ويقول له نحن قد سلمنا لك صورة من سابق فينكر الخصم انه استلم اي صورة فيتم التفتيش على محضر الاستلام بالملف فيتبين عدم وجوده.

هنا لا توجد الا احدى طريقتين للتأكد انه استلم او انه لم يستلم.

الطريقة الأولى:

مراجعة البوكسات الخاصة بالسنوات الماضية كلها الى تاريخ صدور الحكم، قد تكون خمسة او عشرة بوكسات كلها ممتلئة محاضر تسليم وهذا يحتاج الى وقت طويل.

الطريقة الثانية:

مراجعة سجلات تسليم الاحكام الخاصة بالسنوات الماضية صفحة صفحة وهذا ايضا بحاجة الى وقت طويل كذلك.

والموظف مزحوم ولديه اعمال وليس لديه وقت يفتش ويتأكد فيقرر اعطاء الخصم صورة طبق الأصل جديدة ويختمها له ويفعل محضر استلام جديد وهو لا يدرك ابعاد ما يريده الخصم.

الخصم يطلب صورة جديدة لأنه يريد ان يطعن بالحكم، ومدة الطعن قد انقضت عليه من تاريخ استلامه النسخة السابقة، فيأتي يطلب استلام صورة جديدة وكأنه يستلمها لأول مرة بقصد ان يبدأ حساب مدة الطعن من تاريخ استلام النسخة الجديدة.

ومن الطرق التي يتم التحايل بها ان يصدر الحكم من محكمة الاستئناف ويقوم الخصم باستلام صورة من الحكم من محكمة الاستئناف، وبعد ان يتم اعادة الملف الى المحكمة الابتدائية يحضر نفس الخصم يطلب تسليمه صورة من حكم محكمة الاستئناف.

وهنا تقوم المحكمة الابتدائية بتحرير مذكرة الى محكمة الاستئناف للإفادة هل تم تسليم صورة من الحكم الاستئنافي لهذا الخصم او لا؟

وموظف الاستئناف يقضي اسبوع يراجع السجلات والبوكسات وبعد ذلك يحرر افادة، ويحدث ان يتم تحرير افادات مغايرة للواقع ويستفيد الخصم ويتسلم نسخة جديدة من الحكم وبهذه الطريقة يتمكن من الطعن ويتحايل على الموظفين والقضاة وعلى القانون.

يا أخي ليش بالتعقيد هذا؟!

ليش نحن فينا هوس بالسجلات والمحاضر؟!

المسألة بسيطة وفي متناول اليد..

يمكن ان نتجاوز كل هذه التعقيدات والروتين الممل باثبات واقعة تسليم الحكم على اصل الحكم نفسه.

يتم اثبات تسليم نسخة الحكم للخصم على اصل الحكم نفسه في ظاهر الصفحة الأخيرة او في هامش الصفحة الاولى  تكتب عبارة (انه بتاريخ كذا يوم كذا تسلم فلان بن فلان صورة طبق الاصل من هذا الحكم ).

ويبصم المستلم بجانب او اسفل هذه العبارة.

بهذه الطريقة وحدها سيكون من السهل واليسير معرفة هل تم تسليم صورة من الحكم سابقا للخصوم او لم يتم ذلك.

ومن حضر يريد نسخة من الحكم نعود للحكم نفسه نقلبه على وجهه وسنعرف، سنعرف هل استلم او لا؟ وسنعرف متى استلم؟ وبصمته شاهدة عليه.. بدون مذكرات.. بدون بوكسات.. بدون سجلات,

وبالنسبة لمن لم يحضر ويتم اعلانه بنسخة من الحكم يتم اثبات الاعلان بظاهر الحكم نفسه بانه بتاريخ كذا تم اعلان فلان بن فلان ينسخة من هذا الحكم عبر المحضر او عبر العاقل ويتم الصاق الاعلان باصل الحكم نفسه.

ستوفروا أوراق.. ستوفروا ارقام.. ستوفروا وقت.. ستوفروا مشاغل.. ستوفروا موظفين.

مع العلم ان الخصم لا يحق له الا استلام صورة طبق اصل واحدة، مش كل ساعة ورجع يريد نسخة طبق الاصل، لا يجوز منح الخصم اكثر من نسخة واحدة واذا تعدد الخصوم فلكل واحد منهم تسلم نسخة واحدة طبق اصلها فقط لا أكثر.

دمتم برعاية الله..

Loading