دراسات وبحوث

دراسة مقارنة في{جواز المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الأوراق التجارية}

دراسة مقارنة

أ.د/ عبد الرحمن شمسان الحمادي الرديني

تمهيد:                             

تناولت القوانين التجارية – لبعض البلدان – أحوال جواز المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الأوراق التجارية (الكمبيالة والسند لأمر والشيك). فتناولت المواد (من 481 – 488) تجاري يمني أحوال وشروط المعارضة والامتناع عن وفاء الكمبيالة([1]). أما السند لأمر فقد نصّت المادة (525) تجاري يمني على سريان الأحكام المتعلقة بالكمبيالة – فيما يختص… استحقاقها ووفائها… والاعتراض… – تسرى على السند لأمر بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع ماهيته… ([2]))) أما الشيك: فقد تناولت المواد (546، 552، 556، 557، 558) تجاري يمني أحوال جواز المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الشيك. ولذلك سنحاول تقسيم هذه الدراسة إلى مبحثين:
  • المبحث الأول: أحكام المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الكمبيالة والسند لأمر.
  • المبحث الثاني: أحكام المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الشيك.

 

المبحث الأول

أحكام المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الكمبيالة والسند لأمر

سبق أن اشرنا إلى أن المواد (481 – 488) تجاري يمني تناولت أحكام أحوال وشروط الامتناع عن الوفاء بقيمة الكمبيالة، وتنطبق هذه الأحكام على الامتناع عن الوفاء بقيمة السند لأمر بالقدر الذي لا تتعارض مع ماهيته.

–          فنصّت المادة (481) تجاري يمني على أنه: ((لا يقبل الامتناع عن وفاء الكمبيالة إلّا إذا ضاعت أو أفلس حاملها([3]))).

·        وهذا حكم عام بعدم جواز المعارضة والامتناع عن وفاء الكمبيالة، إلّا إذا ضاعت هذه الكمبيالة أو أفلس حاملها… أو حُجِر عليه.

·        ويدخل في نفس الحكم عدم جواز المعارضة والامتناع عن وفاء السند لأمر، إذا ضاع هذا السند لأمر أو أفلس حامله… أو حُجِر عليه.

–          ونصّت المادة (482) تجاري يمني على أنه: ((إذا ضاعت كمبيالة غير مقبولة وكانت محررة من عدة نسخ، جاز لمستحق قيمتها أن يطالب بوفائها بموجب إحدى نسخها)). وهو نفس الحكم في المادة (432/1) تجاري مصري.

–          كما نصّت المادة (483) تجاري يمنى على أنه: إذا كانت الكمبيالة محررة من عدة نسخ وضاعت النسخة التي تحمل صيغه القبول لم تجز المطالبة بوفائها بموجب إحدى نسخها الأخرى، إلّا بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية وبشرط تقديم كفيل([4]))).

–          ونصّت المادة (484) تجاري يمني على أنه: ((يجوز لمن ضاعت منه كمبيالة، سواء أكانت مقترنة بالقبول أم لا، ولم يتمكن من تقديم إحدى نسخها الأخرى، أن يستصدر من رئيس المحكمة الابتدائية أمراً بوفائها، بشرط أن يثبت ملكيته لها وأن يقدِّم كفيلاً)). وهو نفس الحكم في المادة (433) تجاري مصري.

–          ونصّت المادة (485) تجاري يمني على أنه: ((في حالة الامتناع عن وفاء الكمبيالة الضائعة بعد المطالبة بها، ووفقاً لأحكام المادتين السابقتين (483 – 484)، يجب على مالكها – للمحافظة على حقوقه – أن يثبت ذلك في اعتراض (بروتستو) يحرره في اليوم التالي لميعاد الاستحقاق ويُعْلَن للساحب وللمظهرين بالأوجه وفي المواعيد المقررة في المادة (497). ويجب تحرير الاعتراض وإعلانه ولو تعذَّر استصدار أمر من رئيس المحكمة في الوقت المناسب([5]))).

ويتضح من نص المادة (485) تجاري يمني أن القانون أوجب على مالك الكمبيالة الضائعة القيام بهذا الإجراء (تحرير بروتستو) في حالة الامتناع عن وفاء الكمبيالة الضائعة بعد المطالبة بها قضائياً، ويحرر في اليوم التالي لميعاد الاستحقاق ويُعْلَن للساحب وللمظهرين بالأوجه وفي المواعيد المقررة في المادة (497 تجاري يمني).

·        كما أجاز القانون لمالك الكمبيالة الضائعة الحصول على نسخة منها:

–          حيث نصّت المادة (486) تجاري يمني أنه: ((يجوز لمالك الكمبيالة الضائعة الحصول على نسخة منها([6])…. ولا يجوز طلب الوفاء بموجب هذه النسخة إلّا بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية وبشرط تقديم كفيل. وتكون جميع المصروفات على مالك الكمبيالة الضائعة)). (انظر المادة (486) تجاري يمني، والمادة (435) تجاري مصري).

–          ونصّت المادة (487) تجاري يمني على أن: ((الوفاء في ميعاد الاستحقاق بناءً على أمر من رئيس المحكمة في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة مبرئ لذمة المدين))، وهو نفس الحكم في المادة (436) تجاري مصري.

وأخيرا: نصّت المادة (488) تجاري يمني على أنه: ((ينقضي التزام الكفيل المنصوص عليه في المواد (483، 484، 486) بمضى ثلاث سنوات (من تاريخ تحرير الكفالة) إذا لم تحصل خلالها مطالبة ولا دعوى أمام المحاكم)). وهو نفس الحكم في المادة (437) تجاري مصري.

هذه هي أحكام المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الكمبيالة، وتنطبق هذه الأحكام على السند لأمر بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع ماهيته.

 

المبحث الثاني

أحكام المعارضة (الاعتراض) والامتناع عن الوفاء بقيمة الشيك

 

تناول كل من القانون التجاري اليمني والمصري – وغيرهما – أحكام المعارضة أو الاعتراض والامتناع عن الوفاء بقيمة الشيك في المواد (546، 552، 556، 557، 558) تجاري يمني… وهي نفس الأحكام في المواد (493، 507، 511، 512، 513، 514) تجاري مصري.

–          حيث نصّت المادة (546) تجاري يمني على أنه: ((إذا فقد شخص حيازة شيك إثر حادث ما، سواء أكان الشيك لحامله أم كان قابلاً للتظهير، لا يلزم من آل إليه هذا الشيك بالتخلّي عنه متى أثبت حقه فيه بالكيفية المبينة في المادة (472)، والأصح المادة (544) إلّا إذا كان قد حصل عليه بسوء نيّة أو ارتكب في الحصول عليه خطأً جسيماً)). وهو ما نص عليه قانون التجارة المصري في المواد (493–491) تجاري مصري.

–          كما نصّت المادة (552) تجاري يمني على أنه: ((للمسحوب عليه أن يوفى قيمة الشيك ولو بعد انقضاء ميعاد تقديمه([7]). ولا تقبل المعارضة ولو في وفاء الشيك إلّا في حالة ضياعه أو إفلاس حامله… فإذا عارض الساحب على الرغم من هذا (الخطر)، والأصح (الحظر) (لأسباب أخرى وجب على قاضي الأمور المستعجلة) بناءً على طلب حامل الشيك، أن يأمر برفع المعارضة ولو في حالة قيام دعوى أصلية([8]))).

وقد حصل نقص وخطأ طباعي في الفقرة الثانية من المادة (552) تجاري يمني ليصبح نصها: ((فإذا عارض الساحب على الرغم من هذا الحظر لأسباب أخرى وجب على قاضي الأمور المستعجلة….. إلخ المادة)).

·        وتناولت المواد (556 – 557 – 558) تجاري يمني أحكام المعارضة في ضياع([9]) الشيك لحامله أو هلاك الشيك على مالكه، وواجبات المعارض وحائز الشيك الضائع والمسحوب عليه هذا الشيك الضائع.

–          حيث نصّت المادة (556) تجاري يمني على أنه: ((إذا ضاع شيك لحامله أو هلك (الشيك) جاز لمالكه أن يعارض لدى المسحوب عليه في الوفاء بقيمته، ويجب أن تشتمل المعارضة على رقم الشيك ومبلغه وإسم ساحبه وكل بيان آخر يساعد على التعرف عليه والظروف التي أحاطت فقدانه أو هلاكه، وإذا تعذر تقديم بعض هذه البيانات وجب ذكر أسباب ذلك، وإذا لم يكن للمعارض موطناً في اليمن وجب أن يعين موطن مختاراً له بها.

ومتى تلقي المسحوب عليه المعارضة وجب عليه الامتناع عن وفاء قيمة الشيك لحائزه، وتجنيب مقابل وفاء، الشيك إلى أن يفصل في أمره…. ويقوم المسحوب عليه على نفقه المعارض بنشر رقم الشيك المفقود أو الهالك ومبلغه واسم ساحبه واسم المعارض وعنوانه في إحدى الصحف الحكومية. ويكون باطلاً كل تصرف يقع على الشيك بعد تاريخ هذا النشر)). وهو ما نص عليه قانون التجارة المصري (في المادة (512) تجاري مصري. وانظر (م511) تجاري مصري.

–          كما نصّت المادة (557) تجاري يمني على أنه: ((يجوز لحائز([10]). الشيك – المشار إليه في المادة السابقة – أن ينازع لدى المسحوب عليه في المعارضة، وعلى المسحوب عليه أن يتسلَّم منه الشيك مقابل إيصال، ثم يخطر المعارض بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول باسم حائز الشيك وعنوانه…. وعلى حائز الشيك إخطار المعارض بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول بوجوب رفض (رفع) دعوى إستحقاق الشيك خلال شهر من تاريخ تسلمه الإخطار، ويشتمل الإخطار على أسباب حيازة الشيك وتاريخها. وإذا لم يرفع المعارض دعوى الاستحقاق خلال الميعاد المتقدم ذكره([11]) وجب على قاضى الأمور المستعجلة – بناءً على طلب حائز الشيك – أن يقضي برفض المعارضة. وفي هذه الحالة يعتبر حائز الشيك بالنسبة للمسحوب عليه مالكه الشرعي… وإذا رفع المعارض دعوى استحقاق الشيك لا يجوز للمسحوب عليه أن يدفع قيمته إلّا لمن يتقدم له من الخصمين بحكم نهائي بملكية الشيك أو بتسوية ودية مصادق عليها من الطرفين تقر له بالملكية([12]))).

–          ويتضح من نص المادة (557) تجاري يمني والمادة (513) تجاري مصري ((حقوق وواجبات المعارض وحائز الشيك الضائع، والمسحوب عليه الشيك….)).

–          ونصّت المادة (558) تجاري يمني على أنه: ((إذا انقضت ستة شهور من تاريخ المعارضة في المادة (555)، والأصح (556) دون أن يتقدم حائز الشيك للمطالبة بالوفاء، جاز للمعارض أن يطلب من المحكمة الإذن له في قبض قيمة الشيك…. ويصدر هذا الحكم في مواجهة المسحوب عليه بعد أن تتحقق المحكمة من ملكية المعارض للشيك. وإذا لم يقدّم المعارض الطلب – المتقدم ِذكره – أو قدّمه ورفضته المحكمة، وجب على المسحوب عليه أن يعيد قيد مقابل الوفاء في جانب الأصول من حساب السحب {والأصح الساحب([13])})).

 

الخاتمة:

بعد أن تناولنا أحكام جواز المعارضة والإمتناع عن الوفاء بقيمة الأوراق التجارية، دراسة مقارنه في القانونين التجاري اليمني والمصري، تناولنا في المبحث الأول: أحكام المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الكمبيالة والسند لأمر، وفي المبحث الثاني: أحكام المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الشيك. ونختتم هذه الدراسة بأن كلاً من المشرّع اليمني والمصري قد بين أحكام المعارضة والامتناع عن الوفاء بقيمة الأوراق التجارية (الكمبيالة والسند لأمر والشيك) والإجراءات الواجب اتباعها من المعارض للوفاء له بقيمة الورقة التجارية الضائعة، كما بيّن حقوق وواجبات حائز الورقة الضائعة، وواجب المسحوب عليه الكمبيالة والشيك، أو محرر السند لأمر. أما إفلاس حامل الورقة التجارية فقد تركها المشرّع لقواعد الإفلاس التجاري.

–          كما نرى أن على المشرّع اليمني تلافى الأخطاء الطباعيه والنقص في نصوص القانون التجاري اليمني.

وفقنا الله جميعاً إلى عمل كل خير وحفظنا واليمن من كل مكروه،،،،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أ*ستاذ القانون التجاري – جامعة صنعاء-كلية الشريعة والقانون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش

([1]) وهو ما تناوله قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999م في المواد (من 431 – 437 تجاري مصري).
([2]) انظر المادة (525) تجاري يمني أن: ((الأحكام المتعلقة بالكمبيالة…. تسرى على السند لأمر بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع ماهيته….)). وهو نفس الحكم في قانون التجارة المصري (م470).
([3]) وأضاف قانون التجارة المصري: (….. أو الحجر عليه)). (م431 تجاري مصري).
([4]) وهو نفس الحكم في المادة (432/2) تجاري مصري.
([5]) وهي نفس الأحكام المقررة في المواد (434 – 440) تجاري مصري.
([6]) ويكون ذلك بالرجوع إلى من ظهّر إليه الكمبيالة، ويلزم هذا المظهر بمعاونته والإذن له في استعمال اسمه ومن مطالبة المظهر السابق، ويرقي المالك في هذه المطالبة من مظهّر إلى آخر حتى يصل إلى الساحب، ويلتزم كل مظهّر بكتابة تظهيره على نسخة الكمبيالة المسلمة له من الساحب بعد التأشير عليها أنها بدل فاقد….)) وهي نفس الأحكام والإجراءات المقررة في المادة (486) تجاري يمني – والمادة (435) تجاري مصري.
([7]) وبهذا الحكم أجاز المشرّع اليمني للمسحوب عليه الشيك أن يوفى بقيمة الشيك ولو بعد انقضاء ميعاد تقديمه (شهر أو ثلاثة أشهر) (انظر م550 تجاري يمني). إلّا أن المشرّع اليمني ختم حكم هذه المادة بأنه: ((…. ولا تقبل المعارضة ولوفى وفاء الشيك إلّا في حالة ضياعه أو إفلاس حامله…. وهو نفس الحكم في الكمبيالة (م481 تجاري يمني). أما قانون التجارة المصري، فقد أضاف إلى جانب ضياع الشيك أو الكمبيالة أو إفلاس حامله أو الحجر عليه. ونرى على المشرّع اليمني إضافة حالة الحجر على حامل الكمبيالة أو حامل الشيك.
([8]) وهو ما نصت عليه المادة (507 تجاري مصري).
([9]) تناولت هذه الأحكام ضياع الشيك أو هلاكه، ولم تتناول أحكام إفلاس حامل الشيك (أو الحجر عليه) وتركها للقواعد العامة في الإفلاس التجاري، والقواعد العامة للحجر في القانون المدني.
([10]) حائز الشيك الذي ضاع على مالكه.
([11]) خلال شهر من تاريخ تسلم المعارض إخطار حائز الشيك.
([12]) وهو ما نصت عليه المادة (513 تجاري مصري).
([13]) وهو ما نصت عليه المادة (514 تجاري مصري).

Loading