تقارير

الوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

صرحت المادة (259) أحوال شخصية بأنه عند إجراء قسمة التركة يتم إخراج الوصية الواجبة وتقديمها على الوصايا الأخرى، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7-10-2012م في الطعن رقم (45933)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى (بأن الغرض من الدفوع هو حرمان المدعيات من التوصل إلى حقهن في الوصية الواجبة المتوفرة شروطها فيهن لثبوت فقرهما، ولما كانت الوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا الشرعية حسبما نصت عليه المادة (259) أحوال شخصية فإن ما قضى به الحكم الابتدائي بخصوص قبول دعوى المتدخلتين موافق لصحيح الشرع والقانون)، وقد قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بإقرار الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد وجدت الدائرة: أن أسباب الحكم الاستئنافي قانونية صحيحة، وأن ما تضمنته عريضة الطعن ماهي إلا عبارة عن مناقشة للأدلة والوقائع التي ناقشتها محكمتا الموضوع، فهي تخرج عن إختصاص المحكمة العليا، مما يستوجب عدم الالتفات إليها))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: مرتبة الوصايا عامة عند قسمة التركات:

حدد قانون الأحوال الشخصية أقدمية الوصايا بصفة عامة عند قسمة التركات، إذ يجب إخراج الوصايا قبل قسمة بقية التركة على الورثة الشرعيين، وفي هذا المعنى نصت المادة (302) أحوال شخصية على أنه (يتعلق بتركة الميت حقوق أربعة مقدم بعضها على بعض: – أ- إخراج مؤن التجهيز من الموت إلى الدفن ونفقة معتدة – ب- قضاء ما ثبت عليه من دين – جـ- تنفيذ ما يصح من الوصايا – د- تقسيم الباقي بين الورثة))، فقد حددت هذه المادة مرتبة الوصايا  بصفة عامة عند قسمة التركات وجعلتها في المرتبة الثالثة حيث تخرج الوصايا عامة قبل قسمة باقي التركة على الورثة الشرعيين، أما الوصية الواجبة فقد صرحت المادة ( 259) أحوال شخصية بأنها  تكون متقدمة في الإخراج على الوصايا الأخرى التبرعية حسبما سنبين ذلك لاحقاً.

الوجه الثاني: تكييف الوصية الواجبة:

ضمن أحكام الوصية نظم قانون الأحوال الشخصية الوصية الواجبة في الفصل الخامس من أحكام الوصية، وذلك في المادتين (259 و260) فقد نصت المادة (259) على أنه (إذا توفي أي من الجد أو الجدة عن ولده أو أولاده الوارثين وعن أولاد ابن أو أبناء الأبناء ما نزلوا وكانوا فقراء وغير وارثين لوفاة أباهم في حياته وقد خلف خيراً من المال ولم يقعدهم فيرضخ لهم مما خلفه بعد الدين كالتالي: -1- لبنات الابن الواحدة أو أكثر مثل نصيب بنات الابن الإرثي مع بنت الصلب وهو السدس. -2- للذكور من أولاد الابن الواحد إذا انفردوا أو مع أخواتهم بمثل نصيب أبيهم لو كان حياً بما لا يزيد على الخمس. -3- إذا تعدد المتوفون من الأبناء عن أولاد لهم بنين وبنات فلكل صنف منهم مثل نصيب أبيهم لو كان حياً بحيث لا يزيد ما يرضخ لمجموع الأصناف على الثلث وفي كل هذه الثلاث الحالات يشترط أن لا تزيد حصة الذكر أو الأنثى الواحد من أولاد المتوفين على حصة الذكر الواحد أو البنت من أولاد الصلب وإلا ألغيت الزيادة وأقتصر لهم على ما يتساوون به مع أولاد أو بنات الصلب ويشترك المتعددون فيما تعين لهم لكلٍ بقدر أصله وللذكر مثل حظ الأنثيين ويحجب كل أصل فرعه لا فرع غيره، وتقدم هذه الوصية على غيرها من الوصايا التبرعية)، في حين نصت المادة (260) على أنه (تجب التسوية بين الأولاد في الزواج والتعليم فإذا كان قد صرف أموالاً في تزويج وتعليم البعض فعليه تسوية الآخرين بهم فإن لم يفعل حتى مات ولم يوص بها سوّى القاضي بينهم بإخراج القدر المساوي لهم مع وجوب التسوية أيضاً بين الأولاد وبقية الورثة إن كانوا طبق طريقة المواريث)،  وقد صرحت المادة (259) السابق ذكرها بأن الوصية الواجبة تكون مقدمة عند إخراجها  على الوصايا الأخرى، كما يفهم من إيراد القانون للوصية الواجبة  ضمن أحكام الوصية عامة أنه تسري على الوصية الواجبة أحكام الوصية الأخرى المنصوص عليها في أحكام الوصية في قانون الأحوال الشخصية، ومؤدى ذلك أنه تسري على الوصية الواجبة مرتبة الوصايا المحددة في المادة (302) أحوال شخصية السابق ذكرها في الوجه الأول التي حددت مرتبة الوصايا في المرتبة الثالثة فيتم إخراج الوصية الواجبة قبل غيرها من الوصايا الأخرى التبرعية حيث يتم إخراجها قبل الوصايا الأخرى التي يتم إخراجها قبل قسمة باقي التركة على الورثة.

الوجه الثالث: تقديم الوصية الواجبة على غيرها من الوصايا:

الوصية الواجبة: هي وصية قررها القانون ولم يقررها الموصي أو المورث أثناء حياته، فالوصية الواجبة مقررة بحكم القانون إذا لم يقم المورث أثناء حياته بالوصية لأبناء ابنه أو إقعادهم، وقد صرحت المادة (259) أحوال شخصية السابق ذكرها في الوجه السابق، بأن الوصية الواجبة تكون مقدمة عند إخراجها على غيرها من الوصايا التبرعية، فأبناء الابن المتوفي أثناء حياة مؤرثه أحق وأقدم من الوصايا التبرعية التي تكون لغيرهم، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.

Loading