هيئة التفتيش القضائي بين الواقع والإنجاز
القاضي/ أحمد علي أحمد الشهاري*
في ظل الظروف التي تمر بها بلادنا، من عدوان غاشم وحصار ظالم وما نتج عن ذلك من معوقات للعمل القضائي، لا بد من الإشارة إلى أن الهيئة حرصت _منذ بداية العدوان_ على استمرار العمل في المحاكم بوتيرة عالية، ففي الوقت الذي أغلقت جهات حكومية عدة أبوابها بقيت أبواب الهيئة والمحاكم مفتوحة، وتقوم بواجبها رغم الظروف الصعبة، وقد كانت على تواصل مع القضاة بشكل مستمر ودائم؛ لمعالجة أي اختلالات أو إشكالات في هذه المحكمة أو تلك وبحسب الإمكانات المتاحة.
وفي إطار الرؤية الوطنية_شكَّل مجلس القضاء الأعلى لجنة من قيادات العمل القضائي؛ لمعرفة المشكلات التي تعاني منها السلطة القضائية ووضع مقترحات وتصورات للحلول والمعالجات، وقد خرجت تلك اللجنة _بعد اجتماعات كثيرة ومطولة_ بوضع مصفوفة للمشاكل ومقترحات الحلول شملت جميع هيئات السلطة القضائية، وقد حرصت الهيئة على وضع ما تضمنته تلك المصفوفة من معالجات موضع التنفيذ العملي.
وتنفيذاً لذلك فقد بذلت الهيئة جهداً كبيراً في سبيل رفع مستوى أداء العمل في المحاكم، حيث تم إجراء تفتيش مفاجئ _وبشكل مستمر_ على المحاكم الواقعة مقراتها في أمانة العاصمة، وفقاً لخطة عملية ومنهجية مدروسة ونماذج معدة بشكل علمي يتناسب مع الواقع العملي؛ لرقابة أداء القضاة في المحاكم، ابتداءً من قبول الدعوى وانتهاءً بتسليم نسخة الحكم لطرفي الخصومة وما يرافق ذلك من إجراءات، دون التدخل في عمل القاضي، وإنما لرقابة حسن الأداء وانتظام سير القضايا دون إبطاء، وتقييم العمل القضائي والارتقاء به.
وقد قامت قيادة الهيئة، بزيارات ميدانية إلى جميع محاكم الاستئناف؛ لتلمس أوضاع أعضاء السلطة القضائية ومعرفة همومهم، والعمل على معالجة مشاكلهم وتوفير متطلباتهم قدر الإمكان وبحسب الإمكانات المتاحة.
كما أجرت الهيئة تفتيشات مفاجئة على جميع محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية في المحافظات، وكذا نفذت تفتيشات دورية لتقييم كفاءة القضاة في المحاكم.
وتكاد الهيئة لا تتوقف عن الرفع للمجلس بالعروض والترشيحات المتعلقة بتعيين القضاة ونقلهم في المحاكم الاستئنافية والابتدائية، وكل ذلك بهدف تعيين القاضي المناسب في المكان المناسب دون محاباة.
وفي سبيل تحسين وتطوير الأداء _وتنفيذاً لما جاء في مصفوفة الرؤية الوطنية_فقد أعدت الهيئة الكثير من الدراسات النوعية، والتي انبثق عنها العديد من المنشورات والتعاميم القضائية النوعية، تم إرسالها لرؤساء وقضاة المحاكم الاستئنافية والابتدائية، والتي كان الهدف منها الارتقاء بالأداء القضائي.
وفي خضم كل ذلك لا تتوقف الهيئة عن معالجة شكاوى المواطنين، حيث تتلقى الهيئة مئات الشكاوى وتقوم بفحصها ودراستها ومعالجتها مكتبياً وميدانياً، وقد يظهر للهيئة من خلال نتائج دراسة الشكاوى _ومن خلال نتائج التفتيش_ وجود مخالفات منسوبة للقضاة، ولهذا فقد تستدعي الهيئة العديد منهم للتحقيق معهم في تلك المخالفات،وتتخذ الإجراءات القانونية بشأنهم من توجيه تنبيهات كتابية أو شفوية أو رفع دعاوى تأديبية أو غير ذلك وفقاً للقانون.
ولا يفوتنا _أخيراً_ الإشارة إلى أن الهيئة أنشأت قاعدة بيانات جديدة ومتكاملة للقضاة وتقوم بتحديثها بشكل مستمر على ضوء القرارات والبيانات المتعلقة بهم، بالإضافة إلى إنشاء إدارة عمليات لتسهيل التواصل مع أعضاء السلطة القضائية والمتابعة المستمرة لأعمالهم وإرسال المخاطبات والبلاغات والتعاميم واستقبال ما يرد من القضاة، هذا فضلاً عن إنشاء إدارة لتقنية المعلومات هدفها ربط الهيئة شبكياً مع المحاكم ومركز معلومات القضاء والعمل على أتمتة الأعمال القضائية والإدارية في الهيئة والمحاكم.
وستظل الهيئة _بمشيئة الله تعالى وعونه_ تبذل كل الجهود في سبيل مراقبة الأداء القضائي وتقييمه والارتقاء به، في كل الظروف ورغم الصعوبات والمعوقات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*رئيس هيئة التفتيش القضائي- عضو مجلس القضاء الأعلى