مقال الاسبوع

الإعلام والقضاء

ق/د/ صادق مغلس
إن حرية الإعلام تعني حق الحصول على المعلومه من مصادرها المشروعه،والحق في نشر الاخبار والأفكار دون قيود .إلا أن هذه الحريه محكومة بضوابط تقيد الحرية الاعلاميه من جهه،وتمنع تجاوز الحدود المشروعه من جهه أخرى،ولا يوجد تناقض بين حرية الإعلام وبين ضوابطها، فالحرية تعني عدم التكتيم، والضوابط تعني عدم الانفلات اللامسؤول . والمتعارف عليه بل والمسلم به في القضاء مبدأ العلانيه لضمان الشفافيه والنزاهه،إلا ما قد يحظر بقرار من المحكمه ولأسباب تتعلق بالمصلحه العامه او بنص من القانون. وهنا يكون من حق القضاء المطالبه بل والزام الإعلام بمختلف انواعه بعدم التأثير خلال تغطيته الاعلاميه بتوجيه الرأي العام ضد تطبيق القانون أو منح س او ص من الناس تعاطفاً او إدانه ، وعدم النيل من القضاء مؤسسه وأفراداً او من أحكامه او الادعاء أنه يمارس ولاية غير منوطة به ، فكل ذلك ليس من حق أحد أيا كان موقعه وأيا كان قدره ما دام القاضي يعمل في نطاق من الدستور والقانون وما دامت أحكامه وقراراته تخضع لطرق الطعن القانونيه…واليوم واقع الحال يؤكد للجميع أننا نواجه خطرا فادحا حقيقيا متمثلا بقيام بعض وسائل الاعلام الرسمي وغير الرسمي منها برامج اليوتيوب وشبكات التواصل الاجتماعي بتناول القضاء مؤسسة وأفرادا بصيغه العموم بالسب والاهانه والتحقير والتحريض وتناول قضايا منظورة أمام القضاء وتقمص دور المجني عليه ودور الجاني وإصدار الأحكام في سياق التحليلات قبل صدور الحكم القضائي نفسه مما أوقع ويوقع الرأي العام في حيره شديده إذا ما صدر الحكم القضائي مخالفا للعقيدة التي تكونت لدى الرأي العام المشحون بتعبئة اعلاميه مسبقه ومضلله، وهنا يتحول القاضي من حاكم إلى متهم بنظر الرأي العام..الخ وبدورنا نقول ونكرر القول للإعلام وننبه الرأي العام بأن الفرق كبير بين نشر المعلومه بشأن اي قضيه كخبر إعلامي مجرد وبين النشر لحمل القضاء على حكم معين، فالأول حق ينص عليه القانون كون المحاكمات علنيه ما لم يقرر القانون أو القضاء سريتها. والثاني يعد تأثيرا على القضاء وتضليلاً للراي العام يعاقب عليه القانون . وبالتالي يجب على الإعلام التفرقه بين الحديث عن الواقعه دون حذف أو اضافه او تزوير ومن مصدرها الرسمي دون الإساءه والتشهير والتشكيك بالقضاء والقضاه، وبين الحديث عن حكم الواقعه ولذلك يتوجب ضبط العلاقه بين الإعلام والقضاء في حدود عدم الوقوع في التشكيك في موضوعية القضاء او هيبة القضاه ودون الاشتغال في توجيه الرأي العام لخدمة أغراض غير مشروعه تكدر السلم العام وتعكر صفو المجتمع وتقضي على المصلحه العامه وهو ما لا نقبل أو نسمح به .

Loading