كتابات

الدعوى القضائية.. استبعادها وتحريكها

بقلم المحامية/ نسمة عبد الحق النجار:

الدعوى كما عرفتها المادة (70) من قانون المرافعات النافذ هي الوسيلة الشرعية والقانونية لكل ذي ادعاء أو دفاع يرفعه إلى القاضي للفصل فيه وفقاً للقواعد الشرعية والقانونية، كما عرفها قانون الإثبات النافذ في مادته الأولى بما نصه: (الدعوى هي طريق المدعي إلى القضاء للحصول على الحق الذي يدعيه قبل المدعى عليه)، كما يشترط القانون على المدعي الإثبات في الدعوى المرفوعة وإلا رُفضت لكيديتها مع الحكم عليه بالغرامة المناسبة لصالح الخزينة العامة والتعويض للخصم إن طلب وكذا أغرام ومخاسير التقاضي وغيرها، وقد عرف المشرع الإثبات في الفقرة الثانية من المادة ذاتها من قانون الإثبات آنف الذكر وبما نصه: (إقامة الدليل بالطرق القانونية لإثبات الحق المتنازع عليه أو نفيه)، هذا ويشترط لقبول الدعوى شكلاً أن تكون قد رفعت إلى المحكمة بالطريقة والإجراءات الصحيحة والمواعيد المنصوص عليها في القانون، وإذا تبينت للمحكمة نقصاً أو بطلاناً في الإجراءات أمرت باستكمال الناقص أو تصحيح الباطل كما ذهبت إليه المادة (71) من قانون المرافعات النافذ.

بعد أن يتم رفع الدعوى أمام القضاء وفق القواعد الشرعية والقانونية مع مراعاة الطريقة والمتطلبات والإجراءات والمواعيد القانونية تحدث مستجدات أوجب عليها القانون جزاء يجب تطبيقه على الدعوى التي رفعت أمام القضاء وتم قبول نظرها ولو حتى ابتداء قبل الخوض في موضوع الدعوى وهذا الجزاء يعرف بالاستبعاد، وبالمفهوم البسيط يمكننا تعريف الاستبعاد بأنه:(جزاء قانوني فرضه المشرع في حالات نص عليها قانوناً يجعل من نظر الدعوى موقوفاً مؤقتاً لمدة معينة ما لم يتم تحريكها من قبل المدعي)، كما يمكننا تعريف تحريك الدعوى بالمفهوم البسيط بأنه: (رغبة المدعي أو “المدعى عليه _ وفق نص المادة 112 من قانون المرافعات بعد التعديل _ ” بإعادة الدعوى المستبعدة لنظرها مجدداً أمام القضاء خلال ( فترة الاستبعاد، فترة التأجيل)، وذلك بتقديمه طلباً كتابياً إلى القاضي المختص للتأشير عليه بالموافقة وتحديد جلسة بعد سداد الرسم القانوني المقدر بـ( ثلاثة آلاف ريال) وفق المادة (أ/15) من قانون الرسوم القضائية وكذا دفع أي غرامة يقدرها القاضي وتوريدها للخزينة العامة)، والواضح أن نص المادة (115/ مرافعات نافذ) ينسجم تماماً مع نص المادة (112/ مرافعات) قبل التعديل، كون المدعي هو الوحيد الذي يملك الحق قانوناً في تحريك الدعوى المستبعدة، حيث تنص المادة (112/مرافعات) قبل التعديل بما نصه:( إذا تخلف الخصمان عن الحضور في الوقت المحدد لنظر الدعوى بعد النداء عليهما وإرجاء نظرها إلى آخر الجلسة تقرر المحكمة تأجيل نظرها لمدة ستين يوماً ويؤشر بذلك في دفتر يومية الجلسات فإذا لم يحضر المدعي ويطلب من المحكمة تحريك دعواه خلال المدة المذكورة قررت المحكمة شطبها واعتبارها كأن لم تكن)، حيث جعل المشرع تحريك الدعوى جزاء يتحمله المدعي نتيجة ترك دعواه بعد رفعها ومن أجل بيان جديته ومصداقيته فيما يدعيه، أما نص المادة (112) بعد التعديل فقد جاء متناقضاً مع نص المادة (115) وذلك بمنحه للمدعى عليه الحق بتحريك الدعوى المستبعدة وهو ما لا ينسجم مع العقل والمنطق خصوصاً إذا لم يكن للمدعى عليه أي طلبات وتم استبعاد الدعوى أي (بعد الدخول في مدة الاستبعاد)، أما إذا كان لديه طلبات فأن حكم المادة (113) في جانبها الأخير هو المطبق.

وقد أورد المشرع حالات الاستبعاد وشرحها تفصيلاً في المواد (112،113،114)، من قانون المرافعات النافذ، كما نص في القانون ذاته في المادة (115) منه على كيفية تحريك الدعوى المستبعدة، وحتى لا نطيل الحديث نورد نص المواد الآنف ذكرها كالتالي:

المادة (112) تنص على أنه:(إذا لم يحضر الخصوم يوم الجلسة عند النداء عليهم قررت المحكمة إرجاء نظر الدعوى إلى آخر الجلسة فإذا لم يحضروا قررت استبعادها من جدول الجلسات وإذا بقيت الدعوى مستبعدة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها شطبت واعتبرت كأن لم تكن)، وتنص المادة ( 113) على أنه: (إذا لم يحضر المدعي وحضر المدعى عليه وحده ولم يقدم أية طلبات على المدعي طبق حكم المادة السابقة، أما إذا قدم المدعى عليه طلبات على المدعي أجلت المحكمة نظر الدعوى مع إعلان  خصمه بطلباته وتحديد جلسه)، وتنص المادة (114) على أنه:(إذا تخلف الخصمان أو تخلف المدعي عن حضور أي من الجلسات بعد تقديم أي من أدلتهم تقرر المحكمة استبعاد الدعوى من دفتر يومية جلسات المحكمة وقيدها برقمها في سجل خاص بالقضايا المستبعدة إلى أن يتم تحريكها أو تنطبق عليها أحكام سقوط الخصومة المنصوص عليها في هذا القانون)، كما تنص المادة (115) على أنه: (إذا رغب المدعي في تحريك دعواه خلال فترة تأجيل الدعوى المنصوص عليها في المادتين (112،113) فعليه أن يقدم طلباً كتابياً بذلك إلى القاضي المختص ليؤشر عليه بالموافقة وبتحديد جلسة وتقدير غرامة لا تزيد على ثلاثة آلاف ريال تورد للخزينة العامة، وللقاضي الإعفاء من الغرامة إن كان لذلك ما يبرره، وكذلك الحال إذا طلب المدعي تحريك الدعوى خلال فترة الاستبعاد المنصوص عليها في المادة السابقة على ألا تزيد الغرامة في هذه الحالة عن عشرة آلاف ريال، أما إذا كانت الدعوى قد شطبت فعلى المدعي إن أراد رفعها مجدداً أن يرفعها بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ابتداء، ولا يمنع ذلك من الحكم عليه بما غرمه خصمه جراء الدعوى السابقة إن طلب ذلك).

 

Loading