فلسطين

العرب ودورهم في حماية العروبة والإسلام…؟!

طه العامري
يؤكد لنا التاريخ وأحداثه أن العرب كأمة لم يكن لهم الفضل في حماية هويتهم العربية/ الإسلامية إلا في عهد رسول الله ومن بعده عهد الخلفاء الراشدين الأربعة، رغم ما رافق عهود الخلفاء من أحداث إلا انهم حافظوا على سيادتهم كعرب ومسلمين في مواجهة اخطار الآخر الحضاري المعادي لهم.

بعد الخلفاء الراشدين الأربعة كان هناك (امويان) هما الخليفة (عبد الملك ابن مروان) والخليفة (عمر بن عبد العزيز)، وهناك (عباسيان اثنان) هما الخليفة (أبو جعفر المنصور) والخليفة (هارون الرشيد) وبعدهما تمتد معاناة إذلال العرب والمسلمين حتى بروز نجم (الناصر صلاح الدين الأيوبي- الكردي) الذي دافع عن العروبة والإسلام…؟!

خلفاء وامراء (الناصر صلاح الدين) بعد رحيله تعاملوا بطريقة الحكام العرب اليوم صراع فيما بينهم ومن كان يحكم الشام أراد أن يخضع حاكم مصر ومن كان يحكم مصر كان يريد إخضاع حاكم العراق وهكذا حتى ذهبوا يستعينون بأعداء الأمة من (ملوك الصليبيين) ضد بعضهم لدرجة ان أقدم حاكم الشام الأيوبي على تسليم (بيت المقدس) التي حررها صلاح الدين (للصليبيين) مقابل أن يناصروه ضد حاكم مصر الأيوبي…؟!

خلفاء صلاح الدين اعادوا تجسيد مواقف (أبناء عقبة بن نافع) الذين كبروا وذهبوا (للأندلس) يطالبون بحقهم في حكمها والولاية عليها لان والدهم هو من (فتحها) ولم يترددوا في التآمر مع (الصليبيين) على موسى بن نصير، وطارق بن زياد مقابل أن يمكنوهم من حكم الأندلس …؟!

في مواجهة حملات (المغول بقيادة هولاكو) سقط كل الأمراء العرب وسقط (الخليفة المستعصم) في بغداد وسقطت عاصمة الخلافة الإسلامية وتسابق الأمراء العرب من حكام بعض الأمصار حاملين هداياهم إلى هولاكو يقبلون يديه ويطلبون رضائه عنهم مبدين استعدادهم لتقديم (الجزية له) مقابل أن يبقيهم أمراء حكاما على اماراتهم…؟!

كان الحكم الأيوبي قد سقط في مصر لصالح (المماليك) وهذه الشريحة من البشر كانوا بمثابة (خدم) عند العرب، وكان ينظر لهم بكثير من الانتقاص والازدراء من قبل العرب والمسلمين، إذ تم شراؤهم من-أسواق النخاسة في دول وسط اسيا كعبيد، غير أن هؤلاء تشربوا قيم العروبة والإسلام وأصبحوا أكثر غيرة على العروبة والإسلام من أبناء العرب والمسلمين الذين كانوا يتفاخرون بأنسابهم لكنهم عاجزين على الدفاع عن أنفسهم وعن عروبتهم وإسلامهم…!

استطاع المماليك- عبيد العرب- استعادة بيت المقدس التي سلمها حفيد صلاح الدين الأيوبي لهم مقابل دعمه ضد حاكم مصر الأيوبي غير انهم سقطوا معا وانتهي عهدهم بسبب المؤامرات التي حاكوها ضد بعضهم…؟!

بعد استشهاد (قطز) اعتلى عرش المماليك في مصر (الظاهر بيبرس) المملوكي والذي يعد المؤسس الحقيقي للعصر المملوكي وكان اعد جيشا قويا من شباب المماليك وكان اسلافه من المماليك مثل (قطز) وآخرين قد تعمدوا استقدام شباب واطفال صغار من المماليك ومنهم أو غالبيتهم تم شراؤهم من (أسواق النخاسة) من دول وسط اسيا، وفي معسكرات خاصة كان يتم تأهيلهم بقيم وتعاليم الدين الإسلامي، وتدريبهم على القتال وإعدادهم للجهاد في سبيل الله.

من بغداد عاصمة الخلافة بعث (هولاكو) الذي دانت له الأرض، كيف لا وهو على رأس جيش لا يقهر في ذلك العصر، بعث برسالة (للظاهر بيبرس) يطلب منه تسليم مصر دون قيد أو شرط…؟!

فرفع (الملك المملوكي، شعار واإسلاماه) وحشد جيشه وفي (عين جالوت) أسقط (بيبرس) أسطورة هولاكو والمغول والدولة المغولية وعلى يديه تحرر المشرق العربي من الوجود الصليبي…!!

لماذا اتحدث عن هذا التاريخ، لأن التاريخ يعيد نفسه، بصورة (مأساة أو مهزلة على رأي كارل ماركس) وتاريخنا العربي يعيد نفسه اليوم في فلسطين من خلال معركة (طوفان الأقصى) والمشهد الرسمي العربي يجتر ذات مواقف الأمراء والحكام العرب في العصور الوسطى، فالكل يفكر بالسلطة والحكم وان على حساب الدين والهوية ولم يتردد اي حاكم عربي اليوم في التضحية بالدين والهوية وشعوب الأمة مقابل أن يبقى حاكما على قطره أو دولته…؟!

لهذا يأتي الله كما وعد عند اشتداد الأخطار بالأمة بقوم (أذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يقاتلون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم).. واليوم هناك من لا ينتمون للعرب والعروبة أكثر اخلاصا وصدقا في دعم فلسطين وشعبها من بعض العرب أنظمة وشعوباً…!!

ويمكن الاستشهاد في العصر الحديث بموقف ومشروع الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، الذي واجه مشروعه القومي مؤامرة العرب قبل الآخر الحضاري والاستعماري، ونعلم جيدا كيف تأمر العرب وتحالفوا مع المستعمر ضد عبد الناصر ومشروعه، بل إن العرب هم من شجعوا المستعمرين والصهاينة على مواجهة عبد الناصر ومشروعه القومي، فعلوا هذا حفاظا على كراسيهم ومن أجل ديمومة تسلطهم على شعوبهم…؟!

وهكذا ستظل هذه الأمة تجلد ذاتها لان الله جعل باسها بينها لحكمة يعلمها هو سبحانه وتعالى.. والله المستعان، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

Loading