تقارير

جنوب إفريقيا تقاضي إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لارتكابها جرائم إبادة في غزة

تقرير: عبد العليم فاضل

من المقرر أن تمثل اليوم دولة الكيان الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية في قضية ارتكابها إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.

وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة الدولة اليهودية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، والتي تم وضعها بعد الحرب العالمية الثانية في ضوء الفظائع التي ارتكبت ضد الشعب اليهودي خلال “الهولوكوست”.

ويقول خبراء أنها حالة غير مسبوقة تواجه فيها اسرائيل قضية عالية الخطورة ويمكن أن تحدد مسار الحرب الوحشية في غزة.

ويأتي مثول إسرائيل امام المحكمة الدولية عقب رفع حكومة جنوب إفريقيا قضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بدعوى ارتكابها إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة وفشلها في منع الإبادة الجماعية.

جنوب إفريقيا- التي خلفت نظام الفصل العنصري الذي أصبح منبوذا على الساحة الدولية قبل 3 عقود- ترفع القضية ضد إسرائيل، متهمة إياها بانتهاك التزاماتها بموجب الاتفاقية في حربها على حماس في غزة في الوقت الذي صمت العالم كله امام ما شهدته وتشهده غزة وفلسطين من مجازر وحرب إبادة منذ السابع من أكتوبر.

وتقول جنوب افريقيا في ملفها المقدم إلى المحكمة:” إن إسرائيل انخرطت وتخاطر بالتورط في المزيد من أعمال الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وأنها تهدف إلى تدمير جزء كبير من المجموعة الوطنية والعرقية والإثنية الفلسطينية”.

وجاء في الملف المكون من 84 صفحة: “تشمل الأفعال المعنية قتل الفلسطينيين في غزة، والتسبب في أذى جسدي وعقلي خطير لهم، وفرض ظروف معيشية عليهم تهدف إلى تدميرهم جسديًا”.

ووفقاً لوزارة الصحة في غزة فقد قُتل حتى اليوم أكثر من 23 ألف شخص منذ بدء أعمال القصف الصهيوني على غزة في 7 أكتوبر.

ويعرض الملف المقدم إلى محكمة العدل الدولية في ثمان صفحات منه تفاصيل ما وصفته بأنه تعبير عن نية الإبادة الجماعية من قبل القادة الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته.

كما طلبت جنوب إفريقيا من المحكمة إصدار “إجراءات مؤقتة” تأمر إسرائيل بوقف حربها في غزة، والتي قالت إنها “ضرورية في هذه القضية للحماية من المزيد من الضرر الشديد وغير القابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني”.

الإجراء المؤقت هو أمر مؤقت بوقف الأفعال، أو أمر قضائي، في انتظار صدور حكم نهائي.

وقد أيدت منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة إسلامية، بالإضافة إلى الأردن وتركيا وماليزيا، القضية حتى الآن.

ووفقا لشبكة CNN العربية قال إلياف ليبليتش، أستاذ القانون الدولي في جامعة تل أبيب، إن القضية مهمة سياسياً وقانونياً.

وأضاف: “ادعاء الإبادة الجماعية هو أخطر ادعاء قانوني دولي يمكن توجيهه ضد دولة ما”.

وقال ليبليتش: “بما أن المحكمة تتمتع باختصاص قضائي واضح، فسيكون من الغريب ألا تحضر إسرائيل ببساطة.. كما أن الإبادة الجماعية ادعاء خطير، وعادة ما ترغب الدول في تقديم قضيتها”.

ويلفت الى أن نظرة الجمهور الإسرائيلي إلى القضية تعكس الخلافات السياسية في البلاد إذ يرى البعض أن الإجراءات مجرد حالة أخرى من التحيز الدولي ضد إسرائيل. كثيرون آخرون غاضبون لأنهم يعتقدون أن هذه القضية لم تكن ممكنة إلا بسبب التصريحات غير المسؤولة من قبل السياسيين اليمينيين المتطرفين، والتي في آرائهم لا تمثل السياسة الفعلية، لكنه قال إن قلة في التيار الرئيسي الإسرائيلي مستعدون لقبول مزاعم الإبادة الجماعية.

وتابع “إنهم ينظرون في الغالب إلى الحرب على أنها حرب دفاع عن النفس ضد حماس، والتي تؤدي، بسبب تكتيكات الأخيرة، إلى ضرر واسع النطاق ولكن غير مقصود للمدنيين”.

ونقلاً عن برقية دبلوماسية إسرائيلية، ذكر موقع أكسيوس أن إسرائيل حشدت دبلوماسييها للضغط على دول لدعم موقفها وخلق ضغوط دولية ضد هذه القضية، وقال إن “هدفها الاستراتيجي هو أن ترفض المحكمة طلب إصدار أمر قضائي، وتمتنع عن اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وتعترف بأنها تعمل وفقا للقانون الدولي”.

ونقل موقع “أكسيوس” عن البرقية قولها: “قد يكون لحكم المحكمة آثار محتملة كبيرة ليس فقط في العالم القانوني ولكن لها تداعيات عملية ثنائية ومتعددة الأطراف واقتصادية وأمنية”.

وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، إن بريتوريا “متواطئة إجرامياً مع حملة الإبادة الجماعية التي تشنها حماس ضد شعبنا”.

كما اتهمها بازدواجية المعايير ودعم الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي يواجه مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

وقال في خطاب ألقاه في 2 يناير الجاري نُشر على منصة “إكس” (تويتر سابقا): “كم من المأساوي أن أمة قوس قزح التي تفتخر بمحاربة العنصرية ستقاتل مجانًا من أجل العنصريين المعادين لليهود”. وأضاف: “إننا نؤكد لقادة جنوب إفريقيا: التاريخ سيحكم عليكم. وسوف يحكم عليكم بلا رحمة”.

Loading