ابحاث

مدى إختصاص محكمة الجنايات الدولية في جرائم فلسطين وغزّة “دراسة قانونية تحليليه لقواعد محكمة الجنايات والقانون الدولي”

المستشار الدكتور/ صالح عبدالله المرفدي*

تمهيد:

تتزايد الجرائم الإسرائيلية التي تستهدف الفلسطينيين الأبرياء، وتتصاعد وتيرتها الى درجات جسيمة وخطيرة لم يشهد لها التاريخ المعاصر من قبل؛ نتيجة رغبة الاحتلال لتطهير المناطق من سكانها، إضافة إلى التهجير القسري، والاعتقال، والقمع، والتعذيب، والإهانة، والإذلال، وهدم المساكن، واستخدام أشد الوسائل العسكرية الفتاكة، التي تسببت بإزهاق الأرواح، وخلّفت إعاقات دائمة، ونشرت الخوف والرعب بين الشيوخ والنساء والأطفال، بدءًا بمذبحة دير ياسين 1948، ومرورًا بمجزرة المسجد الاقصى 1990، ومذبحة مخيم جنين 2002، ومجزرة حي الشجاعية 2014، وانتهاءً بمذبحة المستشفى المعمداني بغزة والتي حدثت قبل أيام قلائل. وفي هذا الشأن، لا تزال القيادات الإسرائيلية في هذه الايام، تتمادى في ذات السلوك الاجرامي دون رادع من المجتمع الدولي، أو حتى ملاحقات قضائية من قبل الجهات السيادية الفلسطينية، ولم يقدم أي من القيادات الإسرائيلية لمجرد التحقيق؛ لمواجهتهم كمجرمي الحرب في المحافل الدولية.

 

– وإسهامًا منا في نشر الوعي القانوني، وفي ضوء ما يدور في الساحة العربية (وفلسطين بالتحديد) من جرائم يندى لها الجبين، ومن هذا المنطلق، ونظرًا لأهمية هذا الموضوع، ولخبرتنا المتواضعة في القضاء الجنائي، كان من الواجب علينا أن نقدم دراسة قانونية موجزة، تتحدث عن مدى إختصاص القضاء الجنائي الدولي ضد جرائم اسرائيل في فلسطين، الأمر الذي يتطلب تقسيم هذه الدراسة الى خمسة محاور: نتناول في المحور الأول، العدالة الجنائية، ومحكمة الجنايات الدولية المختصة بنظر هذه الجرائم، ونتطرق في الثاني، لاختصاص المحكمة الجنائية للجرائم الدولية، ونعالج في المحور الثالث، مدى انطباق الجرائم الدولية على الجرائم المرتكبة في فلسطين، ونتحدث في الرابع عن مراحل انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية، وتداعيات هذا الانضمام، ونستعرض في المحور الخامس، إشكالات المُحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، مع الخيارات والبدائل التي يمكن أن يسلكها الفلسطينيين؛ لتأخذ العدالة مجراها، ونختم هذه الدراسة المتواضعة، بتسليط الضوء على بعض النتائج والتوصيات والمقترحات التي توصلنا إليها.

 

المحور الأول: العدالة الجنائية، ومحكمة الجنايات الدولية:

أولًا: الجذور التاريخية للعدالة الجنائية:

مع تطور الجرائم وتورط الأنظمة والحكومات بارتكاب أفعال وأساليب وحشية وإجرامية، من جرَّاء الصراعات والحروب والمجازر القائمة بين الدول، أو بين النظام ومواطنيه داخل البلد، وفى ظل فشل كل القوانين عن وقف هذه الجرائم أو الحد منها، أو ملاحقة مسببيها ومحاكمتهم.. بدأت بعض الملامح لإنشاء محاكم جنائية دولية، في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى. ومع ذلك، لم يكن من المتصور إنشاء محكمة جرائم دولية حقيقية؛ لمحاكمة مرتكبي الجرائم إلا بعد الحرب، وكانت أول بادرة بالنص في (معاهدة فرساي) على إنشاء محكمة دولية لمحاكمة فيلهلم الثاني (قيصر ألمانيا). لكن مُنح هذا القيصر حق اللجوء إلى هولندا. وبعد الحرب العالمية الثانية، أنشأت قوات الحلفاء محكمة دولية لمحاكمة ليس فقط لجرائم الحرب، بل للجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في ظل النظام النازي، وعقدت لذلك محاكمات (نورمبرغ) جلستها الأولى سنة 1945، وأُنشئت محكمة مماثلة لجرائم الحرب (اليابانية)، سميت بالمحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى 1948.

– وفي السنوات الأخيرة وبعد بداية حرب البوسنة، أنشأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المحكمة الجنائية الدولية (ليوغسلافيا) السابقة سنة 1993، وبعد الإبادة الجماعية في رواندا، أسست المحكمة الجنائية الدولية (لرواندا) سنة 1994. وبدأ العمل التحضيري لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة سنة 1993، ومرت بمراحل عديدة الى حين ظهورها بشكل رسمي عام 1998، في مؤتمر دبلوماسي في (روما)، المكان المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.

 

ثانيًا: المحكمة الجنائية الدولية:

١- أسباب تشكيل المحكمة:

حريًا بنا التطرق لأهم ما جاء في حيثيات وأسباب تشكيل هذه المحكمة المذكورة في ديباجة نظام روما، ومنها:

أ- ارتكاب جرائم ضد ملايين الأطفال والنساء والرجال، والذين وقعوا خلال القرون الماضية ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة.

ب- أن هذه الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، يجب ألا تمر دون عقاب، وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال، من خلال تدابير تعزز التعاون الدولي.

ج- عقد المجتمع الدولي العزم والاصرار على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب، وعلى الإسهام في منع هذه الجرائم، مع الحفاظ بواجب كل دولة أن تمارس ولايتها القضائية الجنائية، على أولئك المسئولين عن ارتكاب جرائم دولية.

د- العمل من أجل بلوغ هذه الغايات لصالح الأجيال الحالية والمقبلة لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة، ذات إختصاص على الجرائم الأشد خطورة، التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، وتكون مكمّلة بنفس الوقت للولايات القضائية الجنائية الوطنية.

– ومن هنا جاء إنشاء المحكمة الجنائية الدولية كحلم يراود البشرية، حيث جرى في مؤتمر روما 1998 إقرار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ليبدأ سريانه الفعلي في يوليو 2002، وصنفت العديد من الجرائم ضمن اختصاصات هذه الهيئة القضائية الدولية.

٢- قوام تشكيل المحكمة:

ذكرت المــادة (34) من نظام روما المؤسس للمحكمة، أن تكوين أجهزة المحكمة من:

– هيئة الرئاسة.

– وثلاث شعب: شعبة استئناف، وشعبة ابتدائية، وشعبة تمهيدية.

– ومكتب المدعي العام.

– وقلم المحكمة.

وتطرقت المادة (36) لشروط مؤهلات القضاة، وطرق ترشيحهم وانتخابهم، اما المــادة (38) من النظام، فقد فتناولت تنظيم أعضاء هيئة الرئاسة، وطريقة ترشيحهم واختصاصاتهم. فيما ذكرت المادة (39) اختصاصات عمل الشعب التمهيدية والابتدائية والاستئنافية.

– وغني عن البيان، آن المحكمة الجنائية الدولية مثل باقي المحاكم الجنائية الوطنية الأخرى، فلابد لها من هيكل يتكون من قضاة ومدعين وموظفين؛ لكي تمارس عملها الذي أنشئت من أجله، ولابد من توافر شروط معينة ومحددة لكل من يشغل وظيفة قضائية بها، حيث سعت الدول المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، إلى التميز بصفتها العالمية عن نموذج محكمتي “يوغسلافية ورواندا” السابقتين، وبهذا تعد المحكمة الجنائية الدولية منظمة دولية مستقله، بوصفها هيئة أتحاد دائم بين الدول الأعضاء ذات هيكل تنظيمي، وصلاحيات قانونية تمارسها على المستوى الدولي؛ بهدف تحقيق العدالة.. ولذلك، نجد أن غالبية مواد الباب الرابع من النظام، مبينة لآلية تنظيم أجهزة المحكمة وصلاحياتها، وهذا ما حددته المادة (34) وما بعدها من النظام، فنجد أنّ توزيع أجهزة المحكمة قضائيا وإداريا، جاء متماشياً مع طبيعة كل منها؛ لتمكينها من أداء مهامها بشكل تكاملي، ومن خلال التعاون والتنسيق فيما بينها وصولاً الى تطبيق نظام روما..

– وفي الاجمال، وبالرغم من الجهود الدولية، إلا أن هذه المحكمة لازالت تواجه إشكالات وصعوبات مختلفة، سواءً متعلقة بآليات المحاكمة، أو بالإشكالات المتعلقة بالدول. وننفرد في المحور التالي بتسليط الضوء على الجرائم الدولية الداخلة في إختصاص هذه المحكمة.

 

المحور الثاني: اختصاص المحكمة الجنائية الدولية للجرائم الدولية، والعقوبات المترتبة عليها:

استعرضت المــادة (5) من النظام، الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الدولية، وعلى النحو الاتي: جرائم الإبادة الجماعية، ثم الجرائم ضد الإنسانية، ثم جرائم الحرب، ثم جرائم العدوان. وتعد تلك أشد الجرائم خطورة، وفي موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، وسنتناول كل الجرائم على حده في فرع مستقل:

 

أولًا: جرائم الإبادة الجماعية:

وتوصف بأنها جريمة الجرائم، وهى من أكثر الجرائم انتشاراً وشيوعاً في تاريخ الصراعات المسلحة والحروب، لذلك نالت اهتمام وعناية كبيرة في المجال الدولي، ولهذا جاءت الدعوات بضرورة الحد من هذه الجريمة، ومعاقبة الجهة التي تقف خلفها، وعُرفت جريمة الإبادة الجماعية بأنها جريمة إبادة الجنس البشرى، وهى: “مجموعة سلوك إجرامية واحدة؛ هدفها القضاء على الجنس البشرى واستئصاله من بقعة معينة، أو القضاء على صنف معين من البشر أو على شعب من الشعوب”، أما بالنسبة لتعريفها بحسب نظام المحكمة الجنائية الدولية، فتعرفها المادة (6) بالاتي: ” بأنها أي فعل من الأفعال التي ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية، أو أثنية، أو عرقية، أو دينية، سواءً كان إهلاكاً كلياً أو جزئياً” واهمها:

‌أ- قتل أفراد الجماعة. ب- إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة. ج- إخضاع جماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد منها إهلاكاً فعلياً جزئياً أم كلياً. د- فرض تدابير تستهدف منع إنجاب داخل الجماعة. ها- نقل أطفال الجماعة إلى جماعة أخرى”.

 

– ثانيًا: الجرائم ضد الإنسانية:

تناول نظام روما الأساسي الجرائم ضد الإنسانية، وقد عرّفها وفقاً للمادة (7) منه بقوله: “لغرض هذا النظام الأساسي، يشكل أي فعل من الأفعال الآتية جريمة ضد الإنسانية، متى أرتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي، وموجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وعلى علم بالهجوم”. وهذه الافعال هي:

أ‌- القتل.

ب‌- الإبادة.

ج‌- الاسترقاق.

د‌- الابعاد أو النقل القسري للسكان.

ها- السجن أو الحرمان الشديد على نحو آخر من الحرية البدنية، وبما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي.

و‌- التعذيب.

ز‌- الاغتصاب، أو الاستعباد الجنسي، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري، أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة.

ح‌- اضطهاد أي جماعة محددة، أو مجموعه محدد من السكان؛ لأسباب سياسية، أو عرقية، أو قومية، أو إثنية، أو ثقافية، أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس، أو لأسباب أخرى من المسلم عالمياً بأن القانون الدولي لا يجيزها.

ي- الانتفاء القسري للأشخاص.

ك‌- جريمة الفصل العنصري.

ل‌- الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل، والتي تتسبب عمداً في معاناة شديدة، أو في أذى خطير يلحق بالجسم، أو بالصحة العقلية، أو البدنية.

 

ثالثًا: جرائم الحرب:

يمكن تعريف جرائم الحرب بأنها: “الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وترتكب ضد أشخاص، أو ممتلكات تحميها الاتفاقيات الدولية، وبهذا، فإن جرائم الحرب هي عبارة عن: “أفعال غير مشروعة تصدر عن أشخاص طبيعيين، وتشكل انتهاكاً جسيماً لأعراف وقوانين الحرب، لصالح دولة ما أو برضاها، أو دفعها أو تشجيعها بشكل يسبب ضرراً جسيماً بقواعد القانون الدولي الإنساني”. وإذا ما تفحصنا المادة (1:8) من نظام المحكمة الدولية نجد أنها نصت: “على أن تكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب، ولا سيما عندما ترتكب في إطار خطة، أو سياسة عامة، أو في عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم”. ولقد حددت المادة (2:8) من نظام المحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب وفقًا لما يلي:

أ‌- الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف 1949، أي فعل من الأفعال التي ترتكب ضد الأشخاص، أو الممتلكات الذين تحميهما اتفاقية جنيف ذات الصلة، ثم حدد النص الأفعال التي تشكل جرائم حرب تحت هذا الإطار، وهي نفس الجرائم المذكورة في الفقرات الواردة بنص المادة (7) والمشار اليها سلفا.

ب‌- الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على منازعات دولية مسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي، وهذه الانتهاكات وردت حصرًا في (26) فقرة، فيمكن العودة اليها في النظام الأساسي، مع التنويه أن بعضها تم إيراد ذكره سابقا!

ج‌- الانتهاكات الجسيمة للمادة (2) المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربعة، في حالة النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، أي من الأفعال المرتكبة ضد الأشخاص غير المشتركة اشتراكاً فعلياً في الأعمال الحربية، بما في ذلك أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا سلاحهم، أو أولئك الذين أصبحوا عاجزين عن القتال؛ بسبب المرض، أو الإصابة، أو الاحتجاز لأي سبب آخر، وقد وردت هذه الانتهاكات حصرًا في (4) فقرات، ويمكن للقارئ العودة اليها في النظام تجنبًا للحشو!

د‌- الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على منازعات مسلحة غير ذات طابع دولي، وفى النطاق الثابت للقانون الدولي، وهذه الانتهاكات وردت حصرًا في (12) فقرة، ويمكن العودة اليها كذلك في نظام روما!

 

رابعًا: جرائم العدوان:

تعتبر جريمة العدوان جريمة دولية، تدخل في نطاق القانون الدولي الجنائي، وتعد من أقصى وأخطر الجرائم الدولية المرتكبة، وعلى الرغم من الاختلاف الفقهي حول التعريفات التي أثيرت حولها، إلا أن الجهود الدولية أثمرت في النهاية لوضع تعريف موحد، وذلك لشعور المجتمع الدولي بخطورة هذه الجريمة، وضرورة تقنينها في نظام روما الأساسي، وذلك بإدراجها و وضع تعريف لها، وبيان الأركان الخاصة بها، وتحديد آلية لممارسة الاختصاص بشأنها، حيث صدر قرار سنة 2010 وبموجبه جرى تعريف الجريمة وفق نص المادة (08) مكرر من النظام، والذي تقرر فيه الاتي: “لأغراض الفقرة الأولى، يعنى (فعل العدوان) استعمال القوة المسلحة من جانب دولة ما ضد سيادة دولة أخرى، أو سلامتها الإقليمية، أو استقلالها السياسي، أو بأي طريقة أخرى تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة”. وتنطبق صفة العدوان على أي فعل من الأفعال الآتية:

أ‌- قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى، أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري، ولو كان مؤقتاً ينجم عنه ضم لإقليم دولة أخرى، أو لجزء منه باستعمال القوة.

ب‌- قيام القوات المسلحة لدولة ما بقصف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو باستعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى.

ج‌- ضرب حصار على موانئ دولة، أو على سواحلها من جانب القوات المسلحة الأخرى.

د‌- قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية لدولة أخرى.

ه‌- قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة، وعلى وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، أو أي تمديد لوجودها في الإقليم المذكور.

و‌- سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى، بأن تستخدمه هذه الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة.

ز- إرسال عصابات، أو جماعات مسلحة، أو قوات غير نظامية، أو مرتزقة من جانب دولة ما أو باسمها، وتقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة، وتشكل من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المعدة أعلاه.

– وحريًا بنا التطرق للعقوبات التي وردت في النظام الأساسي للمحكمة، وطبقا لنص الفقرات الواردة في المادة (77)، تكون العقوبة القصوى التي يمكن أن تحكم بها المحكمة، هي السجن حتى30 عاماً، إلا أنها من الممكن أن تُصدر أحكاماً بالسجن المؤبد في الحالات القصوى، ويمكن للمحكمة أيضاً فرض غرامات على الجناة، وكذلك تطبيق حجز الأموال، أو مصادرة الممتلكات والأصول الأخرى، ولا يجوز لها أن تصدر عقوبة الإعدام (كما يتصور البعض!)، على ان تنفذ العقوبات التي تقرها المحكمة الجنائية الدولية من خلال دولة تعينها المحكمة، وإن لم تعين المحكمة دولة ما، فإن العقوبة تنفذ في السجن الذي توفره الدولة المضيفة للمحكمة “هولندا”، ويجوز للمحكوم عليه أن يقدم طلبا بنقله من دولة التنفيذ في أي وقت شاء، وان كانت العقوبة المحكوم بها هي عقوبة الغرامة أو المصادرة، فإن الدول الأطراف هي التي تقوم بتنفيذ هذه العقوبة.

 

المحور الثالث: مدى انطباق تلك الجرائم على سلوك الاحتلال الإسرائيلي:

من المعلوم أن لكل “جريمة وطنية” ثلاثة أركان: ركن مادي، وركن معنوي، وركن شرعي أو قانوني. كذلك الحال بالنسبة “للجريمة الدولية”، فلها نفس أركان الجريمة الوطنية، مع اختلاف التسمية في الركن الثالث، والمسمى “بالركن الدولي”، وإن اختلفت التسميات فالمعنى واحد، وسنبين في هذا المحور مدى انطباق أركان الجرائم الدولية التي تطرقنا اليها في المحور الثاني، على الجرائم الاسرائيلية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني وفقا لما يلي:

 

أولًا: فيما يتعلق بجرائم الابادة:

من خصائص جريمة الإبادة الجماعية، أنها جريمة عمدية لا ترتكب بالخطأ، وهذا بدوره ينطبق على الافعال والاركان المادية للجرائم المذكورة في المادة (6) من النظام، ومنها:

أ- تعمدت القوات الإسرائيلية قصف، واستهداف الأحياء المدنية بشكل عنيف ومركز، بواسطة الطائرات الحربية، والدبابات وسلاح المدفعية، والبوارج المتمركزة في عرض البحر، إضافة إلى الجرائم التي ترتكبها فرق المشاة التي تتوغل في الأراضي الفلسطينية.

ب- لم تتقيد جرائم القوات الإسرائيلية بالمساحة الجغرافية الفلسطينية، بل امتدت إلى أماكن يتواجد فيها الفلسطينيون خارج فلسطين، لتلاحقهم بالتصفية الجسدية بشكل مقصود بغرض الإبادة.

ج- من صور جرائم الابادة، المجازة والمذابح التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية، مجزرة صبرا وشتيلا 1982، ومجزرة كفر قاسم 1956، ومذبحة دير ياسين 1948، ومجازر حروب 2008 و2009 و2012 و2014.

– وبشأن جرائم الابادة، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 82م، قراراها الشهير والتاريخي الذي يصف المجازر التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني في مخيمي “صبرا وشتيلا” من قبل القوات الإسرائيلية (بالإبادة الجماعية). وكانت إسرائيل قد سارعت لتشكيل غطاء قانوني لهذه الجريمة بعد حوالي شهر ونصف من المجزرة، حيث أمرت الحكومة الإسرائيلية المحكمة العليا بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وقد أعترف تقرير “لجنة كاهان”، بمسؤولية “بيغين” وأعضاء حكومته وقادة جيشه عن هذه المذبحة، واكتفت اللجنة بإقالة (شارون)، فيما رفض الاخير قرار اللجنة، وأرغم على الإقالة في حينه، على الرغم أن هذا القرار، لم يردعه عن مواصلة جرائمه بحق الفلسطينيين بعد ذلك.

 

ثانيًا: فيما يتعلق بالجرائم ضد الانسانية:

من خلال المراجعة والفحص الدقيق لتفاصيل ومكونات هذه الجريمة، وبالعودة الى تعريفها الخاص في المادة (7) من نظام روما، يتضح أن ركنها المادي قد تحقق، وذلك من خلال السلوك الإسرائيلي على الأرض تجاه الفلسطينيين، فقد تورطت القوات الإسرائيلية بالقتل العمد، وفعل الإبادة، وإبعاد السكان، وتهجير الفلسطينيين خارج قراهم ومدنهم، كجرائم تهجير اللاجئين الفلسطينيين، وإبعاد بعض سكان القدس، وإبعاد الأسرى المفرج عنهم من الضفة إلى القطاع، وإبعاد آخرين الى خارج فلسطين، كما تحققت حالة السجن والحرمان، حيث يقبع آلاف الأسرى في السجون الإسرائيلية في ظروف صعبة وقاسية، إضافة إلى ارتكابها سلوك التعذيب بحق المعتقلين والأسرى، وحرمان الفلسطينيين من الحقوق الأساسية على أساس تمييزي ولدوافع سياسية، فضلاً عن ذلك، ممارس إسرائيل سياسة الفصل العنصري، من خلال الجدار العازل الذى بنته، واقتطعت جزءاً كبيراً من أراضي الفلسطينيين، وتسبب بقطع التواصل بين القرى، وشكل حواجز أمام تنقلهم ومرورهم وفاقم ظروفهم الإنسانية، كما تحقق الركن المعنوي، من خلال توفر العلم والإرادة لتنفيذ هذا السلوك على الأرض، وكانت نية وتوجه وقصد القوات الإسرائيلية، إزهاق الأرواح وإحداث المعاناة، وممارسة أقصى الضغوط على حياة الفلسطينيين،

وإجبارهم على الرضوخ لهذه السياسات، تحت تهديد القتل والاعتقال والإبعاد، كما ينطبق الركن الدولي على السلوك الإسرائيلي الإجرامي؛ باعتبار هذه الجرائم تشكل المبادئ والأحكام التي قامت عليها الجرائم ضد الانسانية.

 

ثالثًا: فيما يتعلق بجرائم الحرب:

تورطت القوات الإسرائيلية بجرائم حرب ضد الفلسطينيين على فترات مختلفة، فقد تحققت الاركان المادية لبعض الجرائم المذكورة في المادة (8) من النظام، وذلك من جراء استهدافها المباشر للمدنيين، والمواقع المدنية، فتم قصف المباني السكنية، ودور العبادة، والمدارس، والقنوات الفضائية، والمستودعات الطبية والإغاثية، والمخازن والمصانع، إضافة إلى جريمة إساءة معاملة ضحايا الحرب، من المرضى والجرحى والأسرى، فقد وضعهم الاحتلال في السجون، وأخضعهم لظروف غير صحية، وقام بقتل بعضهم، وتعذيب البعض الآخر، وعُومل عدد منهم كرهائن أثناء الحرب، إضافة إلى تورط قوات الاحتلال في استخدام غازات خانقة وسامة، واستعمال المقذوفات المتفجرة أو المحشوة بمواد ملتهبة، إضافة إلى ذلك، فقد تحقق الركن المعنوي الذى تمثل بعلم القوات الإسرائيلية، بطبيعة المهمات التي تنفذها وإرادتها وقصدها الجنائي نحو التسبب بسقوط ضحايا.

– وفي هذا الخصوص، أتهمت منظمة العفو الدولية في تقريرها للعام 2004 قوات الاحتلال الإسرائيلي، بارتكاب جرائم حرب ضد المواطنين الفلسطينيين، وأشار التقرير إلى قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي في العام 2004 بقتل (700) مواطن فلسطيني، من بينهم 150 طفلاً، وأكد التقرير، أنهم قتلوا بدون وجه حق نتيجة إطلاق النيران العشوائية، والقصف البرى والجوي للمناطق المدنية، والإعدامات الغير قانونية دون محاكمة، إضافة إلى جرائم التعذيب، واستخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، معتبرة ذلك جرائم حرب، فسجل إسرائيل حافل بجرائم الحرب والتي كان منها أيضاً حرب 2008 و 2009 و 2012 و 2014 والتي مارست فيها أبشع الجرائم.

 

رابعًا: فيما يتعلق بجريمة العدوان:

تورّط الاحتلال الإسرائيلي في صور مختلفة من الجرائم، والتي تندرج ضمن البنود التي شملها التعريف الخاص بجريمة العدوان، في المادة (8 مكرر) من نظام روما، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باحتلال الأراضي الفلسطينية، وفرضت حصاراً على قطاع غزة طال الجو والبحر والحدود، واستخدمت القذائف والقنابل في القصف. وهذا بدوره يحقق الركن المادي في الجرائم الإسرائيلية، لتندرج ضمن تصنيف جريمة العدوان، إضافة إلى الركن المعنوي للجريمة، والذي تحقق من خلال العلم والمعرفة بطبيعة الأعمال الحربية التي يقومون بها، وأن من شأنها أن تعرض المواطنين للخطر، وتمس سلامة أراضي دولة أخرى، وتؤثر على سيادتها، واستقلالها السياسي. ومن نافلة القول، أن هذا السلوك مُجرّم ومعاقب عليه، ويتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، وتوافر القصد الجنائي لارتكاب هذه الجرائم ظهر جليًا، من خلال السلوك المادي، كما تحقق ركنها الدولي المتمثل بالمساس بالسلام والأمن العالمي، ولهذا تم تجريمها وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

 

المحور الرابع: مراحل انضمام فلسطين للمحكمة الدولية، وتداعيات واشكالية الانضمام:

 أولًا: مراحل الانضمام للمحكمة:

طرق الفلسطينيون باب المحكمة الجنائية الدولية على مدى سنوات؛ بهدف إطلاق تحقيق في جرائم الحرب المرتكبة من قبل الاحتلال الاسرائيلي في الأراضي المحتلة وفقا للمراحل التاريخية الاتية:

١- في يناير (2009)، أودع وزير العدل الفلسطيني إعلاناً رسمياً لدى مكتب المدعي العام للمحكمة، وطلب من خلاله، إجراء تحقيق في الجرائم المرتكبة أثناء عملية “الرصاص المصبوب” الإسرائيلية في قطاع غزة، إلا أن المدعية العامة للمحكمة رفضت الطلب؛ بحجة ان رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير الخارجية فقط، هم المخولون بالإعلان عن موافقة فلسطين على الامتثال لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

٢- في نوفمبر (2012)، نالت السلطة الفلسطينية وضع دولة غير عضو تتمتع (بصفة مراقب) لدى الأمم المتحدة، ومع ذلك لم تتقدم السلطة الفلسطينية بطلب الانضمام إلى المحكمة، الا في يوليو (2014)، وأثناء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وبعث وزير العدل الفلسطيني رسالة إلى مكتب المدعي العام، يطالبه بفتح تحقيق، إلا أن المدعي العام للمحكمة الارجنتيني: (لويس أوكامبو) أجاب على الطلب بالرفض؛ بحجة أن فلسطين ليست دولة وفق القانون الدولي.

٣- في يناير (2015)، أودعت دولة فلسطين إعلانًا خاصًّا، لدى الأمين العام للأمم المتحدة وانضمت إلى نظام روما الأساسي. وفي الشهر نفسه، قَبِل مسجّل المحكمة الجنائية الدولية الإعلان الذي أودعته فلسطين، وفقًا لأحكام المادة (12 فقره 3) من نظام روما الأساسي، وقبلت بموجبه اختصاص المحكمة لأراضيها، وبناءً على هذا الإعلان، فتحت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، دراسة أولية للحالة في فلسطين.

٤- في ديسمبر (2019) أعلن مكتب المدعي العام، برئاسة الغانية: (فاتو باسوداد) أنها أغلقت الدراسة الابتدائية وأنها مستعدة لفتح تحقيق، وقد اعتبرت أن فلسطين قد انخرطت بصفة قانونية في النظام الأساسي للمحكمة، وأن للمحكمة الاختصاص في محاكمة الجرائم المرتكبة على أراضيها، والتي تشمل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وقد حددت المدعية العامة الجرائم التي تنوي التحقيق فيها وهي:

أ- الجرائم المرتكبة من طرف الجيش الإسرائيلي، والتي تتشكل أساسا في استهداف وقتل المدنيين الفلسطينيين، وتدمير مبان مدنية.

ب- بالإضافة الى الجرائم التي ارتكبتها حركة (حماس) في سياق حرب غزة، والمتمثلة أساسا في إطلاق صواريخ على السكان المدنيين الإسرائيليين.

٥- وفي نفس العام، وفي تطور غير متوقع، أحالت المدعية العامة موضوع فلسطين “للشعبة التمهيدية للمحكمة”، طبقا لنص المادة (15) من النظام؛ لإصدار قرار بشأن مدى الاختصاص الإقليمي للمحكمة، نظرًا للشكوك التي قد تبقى قائمة بخصوص هذا الموضوع، ولكي يكون أي تحقيق في المستقبل قانوني وأكثر جديه ومتانة.

٦- في يوم 5 فبراير (2021)، قررت المحكمة الجنائية الدولية بواسطة الشعبة التمهيدية قرار النهائي، بفتح تحقيق رسمي في جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية، وكان ذلك بأغلبية أثنين إلى واحد، وقد أتى هذه القرار بعد أن أقرت المدعية العامة للمحكمة، (فاتو بنسودا)، في عام 2019، بوجود “أساس معقول للشروع في إجراء تحقيق في الحالة الفلسطينية”، وبأن “جرائم حرب قد ارتكبت في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة”، كما ذكرنا سابقًا.

 

ثانيًا: تداعيات القرار بالنسبة للفلسطينيين:

بعد قرار المحكمة الأخير، أصبح الشروع في تحقيق رسمي في الجرائم، هو الخطوة العملية القادمة، ولا يعني هذا بالضرورة أن محاكمة الضباط والسياسيين الإسرائيليين أصبحت قريبة؛ فالتحقيق في الجرائم لن يركز فقط على الطرف الإسرائيلي، بل سوف يشمل أمورًا أخرى قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية، مثل إطلاق الصواريخ على تجمعات السكان الإسرائيلية. كما ان التحقيقات سوف تستغرق فترة طويلة قد تصل سنوات، فطوال فترة وجود المحكمة منذ عام 2002، تولّت (30) دعوى فقط، كانت نتيجتها (9) إدانات و(4) أحكام بالبراءة. ومع أن مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والدولية، قد وثّقت العديد من الجرائم، وجمعت أدلة كثيرة على ذلك، فإن التحقيق في الجرائم الدولية مسألة معقدة، وتتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين.

– ومن المهم هنا، الإشارة الى أن التكاملية قد تكون عائقًا فيما يتعلق بجرائم إسرائيل في غزة، لكنها لن تكون عائقًا فيما يتعلق (بالاستيطان)، فإسرائيل لا ترى في الاستيطان جريمة حرب، ولا يوجد ما يجرّمه في القانون الاسرائيلي ولم تفتح أي تحقيقات حوله، بل على العكس، هو السياسة الرسمية المنظمة للحكومة. لذا نرى في تقديرنا، أن التحقيق بشأن الاستيطان سيكون الأسهل قانونيًا؛ إذ إن المعايير القانونية بشأن تجريم الاستيطان واضحة ولا جدال فيها، كما أن التحقيق في هذا الموضوع سيكون أقل تعقيدًا، بسبب أن الوثائق التي تتعلق به، والأشخاص الذين أمروا به وصدّقوا عليه، موجودة وجزء من الوثائق الرسمية الاسرائيلية. كذلك الأمر بالنسبة إلى جريمة (الأبارتايد) أو ما يعرف بنظام الفصل العنصري التي طبقته إسرائيل أسوة بجنوب أفريقيا سابقا.. وبناءً عليه، يمكن إثبات عناصر الجريمة من دون تحقيقات تفصيلية، التي هي في حاجة إلى شهود، ومعاينة في ميدان الجريمة، أو وجود وثائق تعكس تلك السياسات والإحصائيات التي تثبت جريمة الأبارتايد.

 

ثالثًا: بقاء الاشكالية الفلسطينية:

تبقى الاشكالية الفلسطينية حجر عثرة للانضمام للمحكمة الدولية، وتتجلى أهم نقاطها بالآتي:

١- ثبتت الاحداث والمواقف والتصرفات السابقة بشأن هذا الموضوع، أن قرار القيادة الفلسطينية بالانضمام للمحكمة في حينه، (ممثلة بالسلطة الوطنية الفلسطينية)، لم يكن قراراً استراتيجياً يفضي إلى الهدف المنشود، بل كان قراراً تكتيكياً بهدف الابتزاز السياسي؛ من أجل تحسين شروط التفاوض، ولتحقيق أغراض لا علاقة لها من قريب أو بعيد بمحاكمة إسرائيل. وفي كثير من المرات، كانت السلطة الفلسطينية، تدعي بأن هناك ضغوطات سياسية مورست عليها من قبل الولايات المتحدة الامريكية، لقطع التمويل المالي الاقتصادي، في حال ذهبت لمحكمة الجنائيات الدولية، (وفي تقدير خبراء سياسيين)، أن هذا ليس السبب الحقيقي لعدم ذهاب السلطة للمحكمة الدولية، لأن الواقع السياسي يؤكد بأن انضمام فلسطين للمحكمة الدولية، ليس له علاقة بالابتزاز السياسي الذي ادعته السلطة الفلسطينية، لأن المفاوضات كانت متوقفة مع إسرائيل من الأساس.

٢- إن المساعدات من قبل الولايات المتحدة، تقتصر على التمويل الأمني، مما يدل بأن تقصير السلطة الفلسطينية من عدم الانضمام للمحكمة، ليس لها علاقة بتحقيق إنجازات سياسية، حتى قضية الاستيطان غير الشرعي، والذي يعتبر تجاوز لقرارات الشرعية الدولية، كان قد ابتلع أجزاءً كبيرة من أراضي الضفة الغربية، والذي أضعف حل الدولتين من الناحية الجغرافية، فلم تفكر السلطة الفلسطينية في استخدام ورقة المحكمة، إلا بهدف إحراج إسرائيل أمام المجتمع الدولي، لا بهدف النوايا الجادة لمحاكمتها.

٣- ينبغي الأخذ بالحسبان، أن أهم الإشكالات لمحاكمة جرائم إسرائيل، تتركز كذلك في أن انضمام فلسطين نفسها للمحكمة، فقد يتسبب الانضمام بملاحقة النشطاء الفلسطينيين، سواءً كانوا عسكريين أو سياسيين، ومنهم كوادر وعناصر المقاومة الفلسطينية، ليصبحوا على قوائم دولية يخضعون للملاحقة القضائية الدولية، فالمحكمة الدولية مختصة بالتعامل مع “الجرائم والأدلة” التي أمامها، وفي سياق عيني لمحاكمة أفراد لخرقهم القانون الدولي.. وعلى الرغم من أن القانون الدولي يمنح الشعوب الحق في المقاومة، إلا أن القانون الدولي الإنساني ومواثيق أخرى، تفرض التزامات على الحركات المسلحة قد يراها البعض إشكالية، ولا تأخذ في عين الاعتبار واقع علاقات القوة بين الحركات المسلحة والجيوش النظامية!

 

المحور الخامس: إشكاليات المحاكمة الدولية الأخرى، والخيارات والبدائل الفلسطينية:

أولًا: إشكالية المحاكمة:

وتتجلى صعوبة وتعقيدات محاكمة القيادات الاسرائيلية في المحكمة الجنائية الدولية، من خلال الاشكاليات التالية:

١- إشكاليات نظام المحكمة نفسها:

تكمن الإشكاليات القانونية في طبيعة نظام المحكمة، وشروط المحاكمة، والإجراءات الواجب إتباعها، ويمكن حصرها بالآتي:

أ- بالاستناد لنص المادة (25) من النظام الأساسي للمحكمة، تؤكد أن الاختصاص الشخصي للمحكمة يقتصر على محاكمة الأشخاص الطبيعيين، الذين يكونون مسئولين بصفتهم الفردية عن ارتكاب أية جريمة من الجرائم التي تدخل في إختصاص المحكمة، وبالتالي أستبعد نظام روما، نظرية المسئولية الجنائية الدولية (للدولة)، وبناء عليه، لا يستطيع الفلسطينيون محاكمة الاحتلال الإسرائيلي (كدولة) أمام المحكمة الدولية، لكن يمكنهم محاكمة قادة الاحتلال (كأفراد) متهمين بارتكاب جرائم دولية.

ب- المحكمة نفسها تنظر فقط في الجرائم التي ارتكبت ما بعد 1 يوليو 2002، ولا يمكنها المحاكمة في جرائم قبل هذا التاريخ، والمعلوم أن أكثر من ٨٠٪؜ من الجرائم وأشنعها وقعت قبل هذا التأريخ.

ج- المحكمة تمارس عملاً قضائياً تكميلياً، ومعنى هذا، أن اللجوء لها يكون كخطوة أخيرة، في حال فشل المحاكم الوطنية عن الاضطلاع بدورها في المحاسبة.

د- بموجب نص المادة (20) من النظام، ليس للمحكمة الدولية الحق في مقاضاة أشخاص، تم محاكمتهم أصلاً لدى القضاء الوطني، أو أي قضاء آخر.. والقضاء الاسرائيلي أجرى محاكمات صوريه ضد بعض القيادات السياسية والعسكرية؛ تجنبًا للمحاكمات الدولية.

٢- الإشكالية الاسرائيلية:

أ- حرصت إسرائيل على عدم الانضمام للمحكمة، أو التوقيع على نظام المحكمة؛ لتتفادى ملاحقة جنودها ومستوطنيها؛ ولإدراكها خطورة الانضمام؛ ولفهمها طبيعة واختصاصات المحكمة؛ وعلمها المسبق أن جرائمها تدخل ضمن اختصاص المحكمة.

ب- من المتوقع أيضًا، أن تعمل إسرائيل جديًا على عرقلة هذه التحقيقات سياسيًا ولوجستيًا، وفعلًا، بدأت منذ فترة طويلة في العمل السياسي والدبلوماسي مع دول حليفة، لثني المحكمة عن النظر في الجرائم. إضافة إلى ذلك، باستطاعة إسرائيل أن تصعّب عمل المحققين لوجستيًا بطرق شتى، كمنعهم من زيارة الضفة الغربية وقطاع غزة، أو منع الشهود من الإدلاء بشهادتهم عن طريق الترهيب، أو حتى إصدار أمر عسكري، الأمر الذي حدا بهم إلى إصدار قانون في (الكنيست الإسرائيلي)، يجرّم التعامل مع المحكمة، أو المساهمة في عملها، فضلًا عن العمل المخابراتي غير المعلن الذي قد يستهدف المحققين، أو الخبراء، أو الشهود.

ج- أن تولي منصب المدعي العام، للمحامي البريطاني: (كريم خان)، في الفترة الاخيرة، كان بترشيح إسرائيلي من خلف الكواليس، وهذا الامر في اعتقادنا سيكون له تأثير كبير في أولويات الادعاء، وفي مجريات التحقيق واختيار الملفات.

د- هناك أيضًا عوائق قانونية خاصة، فيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبت في غزة من ناحية التكاملية ومقبولية الدعوى، فميثاق (روما) ينص على أن اختصاص المحكمة هو اختصاص مكمّل لاختصاص المحاكم المحلية. وبناء على ذلك، ووفقًا للمادة (17 فقره 1) من نظام روما، فإن المحكمة غير مخوّلة بقبول النظر في جرائم، جرى فيها التحقيق من قبل دولة لها ولاية عليها، فإذا ما قررت ذلك، يسقط حق المحكمة الدولية في اجراء هذا التحقيق، مالم يكن القرار ناتجًا عن عدم رغبة الدولة، أو عدم قدرتها حقًا على المقاضاة.

وفي هذا الخصوص، سبق وإن عملت الجهات القانونية الإسرائيلية على التحقيق في الجرائم التي يقترفها العسكر.. وعلى الرغم من كون أغلبها صورية، ولا ترتقي إلى المعايير الدولية للتحقيقات الجنائية، لكنها في الأول والأخير جزء من خطة الدفاع الإسرائيلية.

ه- إن إسرائيل مؤخرا بهجومها على (غزة)، استغلت مبرر (حق الدفاع عن النفس)، ودائما ما كانت تكرر هذا المبرر في وسائل الاعلام؛ باعتباره إحدى المبررات القانونية المذكورة صراحة في نظام روما لإسقاط المسؤولية عملا بنص المادة (31 فقرة ج)؛ ومستندة في ذلك، أن (حركة حماس) هي البادئ في الهجوم على المستوطنات الاسرائيلية، الموجود داخل الخط الأخضر (أراضي ٤٨)، مما يمثل ذلك عدوان على أراضي دولة معترف بها دوليا.

٣- الإشكالية الامريكية:

عززت امريكا حليفة إسرائيل الاستراتيجية من سلوكها على إفشال جهود المحكمة؛ لأن المسؤولين الأمريكيين السياسيين والعسكريين كذلك، لن يكونوا بعيدين عن الملاحقة القضائية؛ باعتبارهم مساهمين في المسؤولية الجنائية، عن طريق مد السلاح والاموال والعتاد، وهذا بدوره أدى إلى تعزيز مكانة إسرائيل وتقوية موقفها، كما أن الإدارة الأمريكية نفسها، لم تنضم لنظام المحكمة (حتى اللحظة!)؛ لإن المحكمة تشكل تهديداً للسيادة الوطنية الأمريكية. كما وصل الأمر الى حد قيام الخارجية الامريكية في ولاية (دونالد ترامب)، من ممارسة التضييق على المدعي العام السابق الغانية (بنسودا)، وتم رفض منحها تأشيرة دخول لأمريكا لحضور احدى جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن قررت قبول إعلان فلسطين؛ لفتح تحقيق بشأن جرائم محتمله ضد إسرائيل في أراضي الأولى!!

٤- إشكالية مجلس الامن:

يمكن للسلطة الفلسطينية الطلب من مجلس الأمن؛ باعتباره الجهة الدولية القانونية المختصة التي تحافظ على السلم والامن الدوليين، لإنشاء محكمة خاصة مؤقتة، على غرار محكمة (يوغسلافيا ورواند وسيراليون وكمبوديا). كما يمكن لمجلس الأمن الدولي بمحض ارادته تحريك الدعوى الجنائية؛ باعتباره الهيئة المسؤولة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين، استنادا الى ما جاء في الفصل السابع من نظام روما بالمادة (39) منه، والذي نصت على الاتي: “يقرر مجلس الأمن ما إذا كان وقع تهديد للسلم، أو إخلال به، أو ما إذا كان وقع عمل من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته، أو يقرر ما يجب اتخاذه من تدابير لحفظ السلم والأمن الدوليين”. لذلك، فإن أي دولة من الدول الخمسة عشر في مجلس الأمن، ولكن هذا في الواقع العملي لن ينطبق على الوضع الفلسطيني؛ بسبب الفيتو الأمريكي! ومع ذلك، أجازت المادة (15) من النظام الاساسي للمحكمة، منح المدّعي العام من تلقاء نفسه المبادرة بفتح تحقيق، إلا أنه وبالمقابل، اجاز النظام الاساسي نفسه في المادة (13 فقره ب) لمجلس الامن، تجميد هذا التحقيق لمدة سنة كاملة قابل للتجديد بدون قيد!

 

ثانيًا- الخيارات والبدائل الفلسطينية:

هناك بعض الخيارات القانونية التي يمكن أن تتبعها السلطات الفلسطينية، وفقا للقواعد ونصوص القانون الدولي، وتطبيقًا للتجارب السابقة التي مرت بها بعض الدول، اذ ما تعذر لجوئها لمحكمة الجنايات الدولية، وأهم هذه الخيارات والبدائل هي:

١- إحالة الأمر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لإنشاء محكمة دولية خاصة من قبلها، طبقا لمبدأ (الاتحاد من أجل السلام)، والصادر بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (377) لعام 1950 بشأن كوريا، حيث يعد القرار المذكور، إحدى السوابق التي يمكن اعتمادها والبناء عليها.

٢- العمل على مطالبة الأطراف السامية المتعاقدة على (اتفاقيات جنيف الأربع)، بأن تقوم بواجباتها بالضغط على سلطات الاحتلال من أجل أن توقف عدوانها واحتلالها للشعب الفلسطيني، وإجبارها على الالتزام بأحكام القانون الدولي الانساني، وخاصة اتفاقية (جنيف الرابعة)، لحماية المدنيين في زمن الحرب، ومطالبة الأمم المتحدة بممارسة دورها في حماية حقوق الإنسان، وقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، بما يكفل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

٣- اللجوء إلى المحاكم الجنائية الوطنية ذات الاختصاص العالمي؛ (ومنها المحاكم الاوربية)؛ لمحاكمة قادة الاحتلال، كونها غير مقيدة وغير محصورة، وهذا ما يعرف بمبدأ (الاختصاص العالمي)، حيث وبموجب هذا الاختصاص يمكن تكريس مبدأ العقاب، ومنح الدولة التي يتواجد على إقليمها المتهم بارتكاب جريمة دولية خطيرة، السلطة والحق في مباشرة المتابعات والمحاكمات الجزائية ضده، مهما كانت جنسيته، أو جنسية الضحايا، وبصرف النظر عن مكان ارتكابها، وازاء ذلك، تفويض بعض الأنظمة القضائية الاوربية لملاحقة قادة الاحتلال وفق مبدأ (تفويض الاختصاص القضائي).

٤- القيام بحصر المحاكمات الصورية الإسرائيلية الداخلية المتعلقة بقيادات وضباط تورطوا في ارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، وجمع هذه الأحكام القضائية التي تتمخض عنها وإثارتها أمام الجهات القضائية الدولية، لفضح إسرائيل وكشف زيف ادعاءاتها وإفشال سياساتها في التهرب من الملاحقات الدولية، كونهم لم يخضعوا لمحكمات حقيقية ولم يعاقبوا.

 

خاتمة النتائج والتوصيات:

1- النتائج:

يمكن اجمال نتائج هذه الدراسة بالنقاط الاتية:

أ- محكمة الجنايات الدولية ظهرت إلى الوجود بصورة قانونية عام 2002، ونظامها لا يعمل بأثر رجعي، حيث آنها تنظر القضايا ما بعد تأسيسها بتاريخ 1 يوليو 2002، ولا يمكنها نظر الجرائم الإسرائيلية قبل هذا التاريخ.

ب‌- دور المحكمة الجنائية الدولية هو دور تكميلي، بحيث يتم استكمال إجراءات المحاكمة المنظورة لدى المحاكم الوطنية، ولا يحق للمحكمة أن تتحاكم شخصاً تمت محاكمته لدى القضاء الوطني.

ج- النظام الأساسي للمحكمة تعتريه بعض من النقائص، ويتخلله أحيانا غموض المعاني، والابهام في الصياغة، وعلى الرغم من مضي زهاء عقدين من الزمن من تاريخ بدء نفاذ نظامها الأساسي، الا أنها تبدو وأنها تسلك طريق العدل بخطى بطيئة، ومع ذلك يمكن تداركه طالما أن الأمر يعود في نهاية المطاف لرغبة مؤسسيها، ولا نعتقد آنهم سيتراجعون في دعمهم لهذه المحكمة المهمة، مع أملنا بمرور الوقت من اكتساب هذه المحكمة القوة الدولية؛ لنفاذ قراراتها ونصوص الاتفاقية المنظمة لها، وقد قيل: “أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام”!

د- عمدت إسرائيل إلى عدم الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وذلك لتفادي ملاحقة قادتها العسكريين والسياسيين، من منطلق أن أعمال المحكمة لن تخدم ممارساتها وسلوكها العدواني على الأرض، والذي يمكن أن يفتح الباب نحو رفع دعاوى، تدخل ضمن اختصاص هذه المحكمة.

ها- سلكت إسرائيل طرقاً بديلة يمكن أن تشكل مرحلياً حماية لقادتها المتورطين في جرائم ضد الفلسطينيين، وذلك من خلال تشكيل لجان تحقيق، وعمل محاكم صورية داخل دولة الاحتلال؛ لتفادي مساءلتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية، أو أي هيئة قضائية دولية أخرى.

و‌- تواجه فلسطين معوقات وإشكالات عديدة؛ بسبب طبيعة عمل المحكمة، والشروط الواجب مراعاتها أثناء رفع الدعوى، وخصوصا أنها تمارس مهامها تجاه الدول الأطراف حصرًا.

ز- يشكل الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية جانباً من المخاطرة؛ كون النشطاء الفلسطينيين والكوادر السياسية والعسكرية، يمكن أن يتم رفع دعاوى ضدهم، وبالتالي ملاحقتهم قضائيا، وقد يشكل ذلك فرصة لإسرائيل وحلفائها.

ح- جهود السلطة الفلسطينية للانضمام للمحكمة كانت شكلية وضمن ممارسة الضغط السياسي على إسرائيل، ولم يترجم إلى جهد حقيقي أو استراتيجي في مواجهة جرائم إسرائيل، حيث لم يفتح أي تحقيق إلى الآن، ولم تقدم أي مذكرة رسمية للمطالبة بذلك.

ط- الجهات السيادية في السلطة الفلسطينية سواء على المستوى السياسي أو القانوني، لم يبحثوا التوجه إلى البدائل المتاحة دوليا وهي المحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي.

 

2- التوصيات:

يمكن إجمال توصيات هذه الدراسة بالآتي:

أ- في حال تعذر اللجوء لمحكمة الجنايات الدولية ننصح باللجوء إلى المحاكم الجنائية الوطنية ذات الاختصاص العالمي، لمحاكمة قادة الاحتلال كونها غير مقيدة وغير محصورة، وهذا ما يعرف بمبدأ الاختصاص العالمي، والذي يمنح الدولة التي يتواجد على إقليمها المتهم بارتكاب جريمة دولية خطيرة، سلطة وحق مباشرة المتابعات والمحاكمات الجزائية ضده، مهما كانت جنسيته وجنسية الضحايا وبغض النظر عن مكان ارتكابها.

ب‌- نشدد على الفلسطينيين عدم اليأس، والاستمرار في توثيق وإحصاء الجرائم الاسرائيلية، واعداد ملفات تشمل بينات وأدلة دامغة وكافية على إدانة القيادات الاسرائيلية، وأبرزها تصريح وزير الدفاع الاسرائيلي مؤخرا (يوف جالنت)؛ باعتبارها دعوة صريحة للتحريض على ارتكاب جرائم إبادة على الفلسطينيين بقولة: “هؤلاء حيوانات بشريه لا يستحقون العيش!!”.

ج- القيام بحصر المحاكمات الصورية الإسرائيلية الداخلية، المتعلقة بقيادات وضباط تورطوا بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، وجمع هذه الأحكام القضائية التي تمخضت عنها، وإثاراتها أمام الجهات القضائية الدولية؛ لفضح إسرائيل وكشف زيف ادعاءاتها، وإفشال سياساتها للتهرب من الملاحقات الدولية، كونهم لم يخضعوا لمحاكمات حقيقية ولم يعاقبوا.

د- العمل على تقديم الطلبات لمجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة لغرض إنشاء محكمة خاصة مؤقتة تشابه محكمتي (يوغسلافيا وكمبوديا)، والمحكمة الخاصة بقتلة الرئيس الحريري، لفتح تحقيق حول الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

ه- السعي لتحميل إسرائيل المسؤولية، حول دفع التعويضات عن حجم الأضرار التي سببتها للضحايا الفلسطينيين من جراء العدوان المتكرر والغير المشروع.

و- العمل على مطالبة الجهات الدولية المتعاقدة ضمن اتفاقية جنيف، أن تمارس ضغوطاً على سلطات الاحتلال، وأن تقوم بواجبها القانوني والأخلاقي من أجل وقف ممارسات وعدوان اسرائيل وجرائمها المستمرة.

ز‌- ندعو السلطة الفلسطينية باللجوء لنظام التفويض المعمول به في القانون الدولي، وفق مبدأ تفويض الاختصاص القضائي، بحيث تقوم بتفويض دول بفتح قضايا تخص الجرائم الإسرائيلية لدى محاكمها الوطنية، والتي تسمح بالتحقيق والملاحقة، ولا تشترط بالمقابل وقوع الجرم على أراضيها.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* دكتوراه القانون الجنائي-جامعة عين شمس.

Loading