كتابات

إعلان الأوراق القضائية عن طريق الصحيفة

تعليق على حكم

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين*
إعلان الخصوم المتقاضين بواسطة النشر في الصحف لا يتم اللجوء إليه إلا بعد استنفاذ المحكمة طرق الإعلان الأخرى حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية في المحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18-11-2017م في الطعن رقم (59198)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((مما سبق يتضح ان محكمة أول درجة لم تلجأ إلى الإعلان بواسطة النشر إلا بعد أن تعذر الإعلان إلى الموطن المحدد في عريضة الدعوى وبعد أن سعت محكمة أول درجة وبذلت كل جهدها لإعلان المدعى عليه إلى موطنه واستنفذت كل وسائل الإعلان ومنها مخاطبتها للمحكمة التي يقع بها موطن المدعى عليه للقيام بإعلانه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: إعلان الأوراق عن طريق النشر في الصحف في قانون المرافعات:
صرح قانون المرافعات في المادة (39) ان الأصل هو أن يتم الإعلان عن طريق محضر المحكمة أو صاحب الشأن عند الضرورة، وذلك ظاهر من صيغة الوجوب في المادة (39) التي نصت على ان: (كل إعلان أو استدعاء للخصوم والشهود يكون بواسطة المحضر أو صاحب الشأن عند الضرورة) وعلى هذا الأساس فإن الإعلان بواسطة النشر في الصحف وسيلة إستثنائية من الأصل العام في الإعلان، وفي هذا المعنى نصت المادة (45) مرافعات على انه: (إذا كان المعلن إليه قد ترك موطنه ولم يعرف له موطن داخل الجمهورية أو خارجها وجب إعلانه بالنشر في إحدى الصحف الحكومية اليومية ثلاث مرات متتالية على نفقة طالب الإعلان) وما ورد في النصين السابقين يؤيد قضاء الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثاني: حالة الإعلان بواسطة النشر في الصحف:
حددت المادة (45) مرافعات حالة الإعلان بواسطة النشر وهي حالة إذا كان الشخص المقصود بالإعلان قد ترك موطنه ولم يعرف له موطن داخل الجمهورية أو خارجها، فإذا لم يعرف الخصم فعندئذ يتم إعلانه بواسطة النشر في إحدى الصحف الحكومية اليومية ثلاث مرات متتالية حسبما ورد في المادة (45) مرافعات، وبما أن القانون قد صرح بان الإعلان عن طريق النشر هو وسيلة استثنائية فلذلك ينبغي أن لا يتوسع في الإعلان عن طريق النشر.

الوجه الثالث: ماهية الإعلان عن طريق النشر وهدفه وعيوبه:
الإعلان عن طريق النشر في إحدى الصحف اشترط النص القانوني السابق ذكره ان يكون في إحدى الصحف الحكومية وان يتم النشر ثلاث مرات متتالية وان لأتعرف المحكمة موطن الخصم المطلوب إعلانه، ويستند الإعلان عن طريق النشر في الصحيفة على فرضية أن المعلن إليه سوف يطالع الصحيفة ويطلع على الإعلان أو أن أحد اقاربه أو معاريفه سوف يطالع الإعلان ويخطر المطلوب إعلانه بذلك، فعندئذ يكون قد تم نشر الإعلان ثلاث مرات فان الإعلان يكون قد تم وترتبت عليه آثاره القانونية، ومع ذلك فإن للإعلان عن طريق النشر بالصحيفة عيوباً عدة من إهمها انه يعتمد على افتراض علم المعلن إليه بالإعلان المنشور في الصحيفة مع ان العلم قد لا يتحقق في الواقع إضافة إلى ان النشر في الجريدة لا يخلو من التشهير بالمطلوب إعلانه في حالات كثيرة لان ملايين الناس يطالعون الإعلان في الجريدة في حين أن المقصود بالإعلان هو المطلوب اعلانه فقط ، كما أن بعض المطالعين للإعلان في الجريدة يستغلون الإعلان المنشور في الجريدة للإضرار بالمطلوب إعلانه لاسيما وهناك فيات واسعة من الناس لا يطالعون من الصحف الا صفحة الإعلانات .

الوجه الرابع: الإجراءات الواجب اتباعها قبل الإعلان عن طريق النشر في الجريدة:
أشار الحكم محل تعليقنا إلى أن محكمة أول درجة كانت قد استنفذت كافة الوسائل قبل نشرها للإعلان في الجريدة، حيث كانت قد وجهت عدة مذكرات إلى المحكمة التي يوجد بها موطن المدعى عليه لإعلانه إلا أن تلك المحكمة لم تقم بذلك كما ان محكمة أول درجة كانت قد كلفت المدعي نفسه بإعلان المدعى عليه إلا أنه عجز عن العثور على المطلوب إعلانه، وإضافة إلى ذلك فإنه ينبغي على المحكمة قبل الإعلان عن طريق الجريدة ان تقوم بالإعلان عن طريق قسم الشرطة والعاقل الذي يوجد به موطن المطلوب إعلانه، فينبغي على المحكمة أن تستنفد هذه الوسائل قبل امرها نشر الإعلان في الجريدة.

الوجه الخامس: محاسن الإعلان الإلكتروني عن طريق الهاتف:
وقد تم اعتماده بموجب تعديلات قانون المرافعات في (يناير2021م) حيث ينبغي حث الخصوم على تحديد مواطنهم المختارة وهي أرقام هواتفهم حيث يتم إعلانهم عن طريق تلك الأرقام لما في ذلك من سهولة وتوفير الجهد والوقت والمال وضمان وصول الإعلان إلى المطلوب إعلانه علاوة على أن هذه الوسيلة تضمن عدم التلاعب بالإعلانات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

Loading